كيف تتنفس الذبابة
الذبابة
الذبابة نوعٌ من الحشرات الطائرةِ المُجنَّحةِ، وهي تمتلكُ زوجاً واحداً من الأجنحة فقط، ويُعَدُّ الذبابُ من أسرع الحشرات الطائرة؛ حيثُ يَصِلُ عددُ ضربات أجنحة الذبابة أثناء طيرانها إلى 200 ضربة في الثانية الواحدة، وتُفسِّرُ ضربات الأجنحة الصوتَ الناتجَ أثناء طيران الذبابة، وهو ما يُعرَفُ بالطَّنين الذي ينزعجُ منه الناسُ، وتتعدَّدُ أنواع الذباب، فهناك الذباب الأسود، والذباب الأزرق، وذباب النَّبِر، وذباب الغزلان، وذباب الفاكهة ، والذباب الرفراف، والبعوض، والهوام، والذباب السارق، وذباب الرمل، وذباب التسي تسي.
وينتشرُ الذباب في جميع أنحاء العالم ويعيشُ في البيئات الطبيعيّة المُختلِفة، حتى إنّه يعيشُ في المناطق شبه القطبيّة، وهو من رُتبة ذوات الجناحَين، أو ثنائيّة الأجنحة، والتي تشتمل على ما يقاربُ 125,000 نوعٍ من الذباب، وتُعَدُّ الذبابةُ المنزليّةُ أشهر أنواع الذباب التي يَعرِفُها الإنسان؛ حيثُ يمكنُها الطيران بسرعة 7 كم في الساعة، كما يمكنها أن تطير بسرعة أكبر في حال هَرَبِها من أعدائها، كالطيور ، أو الإنسان؛ نظراً لأنّها قادرة على تحريكِ أجنحتِها بسرعةٍ كبيرة، إذ يبلغُ عددُ ضرباتِ أجنحتِها 1000 ضربةٍ خلال الثانية الواحدة.
ويُعَدُّ الذبابُ من الحشرات النَّاقِلة للجراثيم؛ إذ تُعتبَرُ أنواع كثيرة منه آفات خطيرة جداً؛ وذلك بسبب نَقْلِها للجراثيم للإنسان، والحيوان، والنبات على حدٍّ سواء، ويكونُ نَقْلُ الجراثيمِ والأمراضِ من خلال حَمْلِ الذبابة لها داخلَ جسمِها، أو بواسطة بَعض أجزاء فمها، أو من خلال الشَّعر الموجود على جسمِها، ومن الأمراض التي قد تُسبِّبُها الذبابةُ، أو تَنقُلُها عندما تَعضُّ، أو تلامسُ جسماً ما، مرض الملاريا ، ومرض الدوسنتاريا أو الزُّحار، وداء الفيلارية، وعلى الرغم من أنَّ الذبابَ يُسبِّبُ العديدَ من الأمراض الخطيرة، إلّا أنَّ هناك عدة أنواع منه تمتلك أهميّةً اقتصاديّةً كبيرةً، فهناك أنواعٌ منه تنقلُ حبوبَ اللقاحِ من نبتةٍ إلى أخرى كالنَّحل تماماً، وهناك أنواعٌ تُستخدَمُ؛ لدراسة الصفات الوراثيّة، كذبابة الفاكهة؛ حيث أسهمَت في توفير معلومات قيِّمة عن طُرُق انتِقالِ الصفات الوراثيّة من جيلٍ إلى آخرَ.
طريقة تَنفُّس الذبابة
يتكوَّنُ جسمُ الذبابة من ثلاثة أجزاء أساسيّة، وهي: رأسُ الذبابة، وصَدْرُ الذبابة، وبَطنُها، ويُعَدُّ الصَّدْرُ، والبَطْنُ الجزءان المَسؤولان عن عمليّةِ تنفُّسِها؛ حيث إنَّ الذبابةَ تَتنفَّس من خلال فتحاتٍ تُدعَى الثغورَ التنفُّسيَّة ، تكونُ مُنتشِرةً في جِسمِها، وخاصَّةً في منطقة الصَّدْرِ، حيثُ يُوجَدُ منها زوجان اثنان، وفي منطقة البَطْنِ، حيثُ يُوجَدُ منها ثمانيةُ أزواج، ويمكنُ القولُ إنَّ الحشراتِ بشكلٍ عامٍّ تتنفَّسُ من خلال نظامِ القصباتِ الهوائيّةِ ، وليس من خلال نظامٍ تنفُّسيٍّ مُشابهٍ لذاك الموجود لدى الإنسان، والحيوان ، والذي يتكوَّن من الرئتَين؛ لجَمْعِ الأكسجين، والقلب والدم؛ لنَقْلِه، وإيصالِه إلى مُختلَفِ خلايا الجِسم.
أمّا آليّة التنفُّس لدى الذباب، فتتمثَّلُ في عَمَلِ القصبات الهوائيّة، والتي تتكوَّنُ من أنابيبَ مُتفرِّعةٍ تَعملُ على إيصالِ الأكسجين إلى جميع أنحاء جِسمِ الذبابة بشكل مباشر، ودون الحاجة إلى نِظامٍ ناقِلٍ؛ حيثُ تدخلُ جزيئات الأكسجين إلى داخل القصبات الهوائيّة من خلال الثغور الموجودة في بَطنِ الذبابة أو صَدرِها؛ فالثغور تكون مُرتبِطةً بشكلٍ مُباشرٍ مع القصبات الهوائيّة، أو الأنابيب المقصودة، وتستمرُّ جزيئات الأكسجين بالسَّيرِ داخلَ الأنابيبِ إلى حين وصولِها إلى نقطةٍ نهائيّةٍ تكونُ مليئةً بالسوائل، وتُعرَفُ باسم القُصَيبَةِ الهوائيّةِ، ثمَّ تذوبُ جزيئات الأكسجين في السائل، ومن ثمَّ ينتقلُ الأكسجين إلى خلايا الجِسمِ مُباشَرةً من خلال السائلِ الذي ينتقلُ عَبْرَ جُدران القُصَيباتِ الهوائيّةِ عن طريق خاصيّة الانتشار.
وخاصيّة الانتشار لنَقْلِ الأكسجين، تعملُ في الحشرات ؛ لأنَّها تعتمدُ على حَجمِ الجِسمِ، فلا يمكنُ لخاصيّة الانتشار أن تعملَ في الأجسام الكبيرة، كالإنسان، أو الحيوان؛ لذلك هم بحاجة إلى نظامٍ ناقِلٍ، كما أنَّ الحشراتِ الكبيرةَ تَستخدِمُ عضلاتِ البَطنِ الخاصَّة بها؛ لتُجبِرَ الهواءَ على الدخول، والخروج بسرعةٍ أكبر، والجديرُ بالذِّكْرِ أنَّه يَصعُبُ خَنْقُ الحشرات بسهولة؛ وذلك بسبب خاصيّة الانتشار، إلّا إذا تمَّ إغراقُها بالماء؛ حيثُ تمتلِئُ القُصَيباتُ بالماء ؛ الأمرُ الذي يجعلُ انتشارَ الأكسجينِ أصعبَ وأبطأَ؛ وبالتالي فإنَّ الحشرةَ تَغرقُ وتموتُ بكلِّ سهولةٍ.
دورةُ حياةِ الذبابة
تَمُرُّ الذبابة خلالَ حياتِها في أربعةِ أطوار، بحيثُ يكونُ لها شكلٌ مُختلِفٌ تماماً في كلِّ طورٍ من هذه الأطوار التي تتمثّل بما يأتي: البيضة، ثمَّ اليَرقة، تليها الخادِرة، ثمَّ تُصبِحُ حشرةً كاملةً، وتَبدأُ دورةُ الحياةِ بوَضْعِ أنثى الذبابِ البيوضَ، والتي يتراوحُ عددُها بين 1-250 بيضة؛ حيثُ يختلفُ العددُ باختلافِ نوعِ الذبابة، ويكونُ وَضْعُ البَيضِ من خلالِ آلةِ وَضْعِ البيض الموجودة على طَرَفِ جِسمِ الذبابة؛ إذ إنّه عِندَ مُلامَسةِ آلةِ وَضْعِ البَيض تلك لأيِّ مكانٍ أملس، كجسم حيوانٍ مُتحلِّلٍ،أو نباتٍ، فإنَّها تَضَعُ البَيضَ عليه، وهناك بَعضُ الأنواع التي تَضَعُ البَيضَ على سَطحِ الماء، أمّا فَقْسُ البَيض، فيكونُ خلالَ 8-30 ساعة من وَضْعِه، وتَختلفُ هذه المدَّة أيضاً باختلاف نوع الذباب.
وبَعدَ أن يفقسَ البَيضُ، يبدأُ طَوْرُ اليَرقةِ، وتُسمَّى يَرقةُ الذبابِ اليرقةَ الدوديّة، وتَتغذَّى هذه اليَرقاتُ على الطعامِ، والقُمامةِ ، وتعيشُ في المجاري، والتربةِ، وفي الماءِ، وعلى أجسامِ الحيواناتِ، والنباتاتِ، وأثناءَ نُموِّ اليَرقةِ يَنسلِخُ جِلدُها عنها عدَّةَ مرّات؛ ليخرجَ لها جِلدٌ جديدٌ، ويستمرُّ طَوْرُ اليَرقةِ فترةً تتراوحُ من أيّامٍ معدودةٍ إلى سنتَين؛ اعتماداً على نَوعِ الذباب، ومع نهاية طَوْرِ اليَرقةِ يبدأُ طَوْرُ الخادِرةِ، وهو الطَّوْرُ الأخيرُ للذبابة قبلَ أن يكتملَ نُموُّها وتُصبحَ ذبابة كاملة، وتكونُ الخادِراتُ إمّا هادئةً من دون حركة وهي التي تعيشُ على اليابِسةِ، أو إنَّها خادراتٌ نشيطةٌ تسبحُ في الماء؛ ولتحمي الخادرات نفسها، فإنَّها تبني حولَ جسدِها إمّا شرنقةً، أو كيسَ الخادِرةِ، وتبقى في داخلِها، ومن ثمَّ تتخلَّصُ من شكلِها الدوديِّ، وتبدأُ بالتحوُّلِ إلى شكلِ الذبابة.
وعندما تَستعِدُّ الذبابةُ للخروج، فإنَّها تَشقُّ الكيسَ، أو الشرنقةَ، وتَزحفُ منه خارجاً، وتختلفُ مدّةُ طَوْرِ الخادِرةِ؛ تِبعاً لنَوع الذباب، فهو في الذبابة المنزليّة مثلاً يكون بين 3-6 أيّام، وقد تطولُ المدَّةُ في أوقاتِ البَرْدِ ، وعندَ خروجِ الذبابة من الكيسِ، أو الشرنقةِ، تكونُ أجنحتُها الناعمة والرطبة قد تكوّنَت، ولا تلبثُ أن تَجفَّ بفِعلِ الهواء، ويتدفَّقُ الدم خلالَها، وتصبحُ صلبةً وقويّةً خلالَ ساعات، وقد تَصِلُ إلى أيّام، وبعدَ أن تَقوى الأجنحةُ، تطيرُ الذبابةُ؛ لتعيشَ فترةَ حياتِها التي قد تَصِلُ إلى 21 يوماً في الصيف، وقد يطولُ عمرُها في الشتاء ، والجدير بالذِّكْرِ أنَّ حَجمَ الذبابة لا يتغيَّرُ بعدَ خروجِها من كيسِ الخادِرةِ، فإذا كانت صغيرة، فهي تبقى صغيرةً ولا تكتسِبُ حجماً أكبر، وإنّما قد يظهرُ بطنُها مُنتفِخاً؛ بسبب تناوُلِها للغذاء، أو حَمْلِها للبيض.