كيف تتعلم قراءة القرآن بطريقة صحيحة
كيفيّة تعلّم قراءة القرآن بطريقةٍ صحيحةٍ
تتعدّد الطُرق التي يُمكن اتّباعها لتعلّم القرآن وتجويده بصورةٍ صحيحةٍ؛ منها: التلقّي المُباشر عن العلماء المختصّين في قراءة القرآن، والعناية به، فمن أفضل طرق تعلّم قراءة القرآن الكريم بصورةٍ صحيحةٍ؛ أَخْذ علم قراءة القران وتجويده عن شيخٍ مختصٍّ حيث يستمع المُتعلّم إلى قراءته الصحيحة، ويقرأ عليه، ليُصحّح قراءته وتجويده، وممّا يُستدّل به على صحّة ذلك المنهج في تعليم القرآن؛ قَوْله -تعالى-: (فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ)، وتجدر الإشارة إلى أنّ التعلّم بالتلقّي والمُشافهة شرطٌ في تعليم القراءة الصحيحة للقرآن، ذلك أنّ ثمار تعلّم القاءة الصحيحة للقرآن لا تتأتّى بمجرّد القراءة من الكتب أو المصحف، إذ لا بدّ من أَخْذ ذلك العلم مشافهةً عن شيخٍ أو عالمٍ، فقد نزل القرآن الكريم من اللوح المحفوظ في السَّماء، إلى قلب النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بواسطة أمين الوحي جبريل -عليه السلام- مشافهةً.
وإنّ الناظر في علم تجويد القرآن ليُدرك حقيقة ذلك العلم، وأنّه لا يُؤخذ إلّا من أفواه المشايخ والقرّاء الذين يتميزّون بالإتقان في القراءة، وضبط الأحكام، ومخارج الحروف، وتلك المسائل لا تتحقّق للمُتعلّم إلّا بالتلقّي، وإن كانت القراءة من مصحفٍ مضبوطٍ، ومن الطُّرق النافعة لتعليم تجويد القرآن وإن كانت لا ترقى إلى طريقة التلقّي؛ طريقة الاستماع إلى حلقات ودروس التجويد المرئية والمسموعة، أو قراءة القرآن بواسطة المصحف المُعلم، أو قراءته على شيخٍ إلكترونيّاً.
وقد صنّف عُلماء المُسلمين العديد من المُصنّفات في علم تجويد القرآن الكريم ، ومن أقدم المصنّفات التي تطرّقت لبيان ذلك العلم كجزءٍ من مباحثها وفصولها: كتاب العين للخليل، وكتاب سيبويه، أمّا أوّل محاولةٍ للتأليف في ذلك المجال؛ فكانت على يد أبي مُزاحم الخاقانيّ، إذ صنّف المنظومة الرائيّة، ثمّ صنّف مكيّ بن أبي طالب كتاب الرعاية لتجويد القراءة وتحقيق لفظ التلاوة، ومن الكُتب أيضاً: كتاب التحديد في الإتقان والتجويد لأبي عمرو الدانيّ، وكتاب عُمدة المفيد وعدّة المجيد المعروف بالنونيّة للسخاويّ، وكتاب التجويد لبغية المريد لابن الفحّام الإسكندري، وكتاب التمهيد في علم التجويد لابن الجزريّ، وكتاب درّة القارئ المجيد في أحكام القراءة والتجويد لبرهان الدين الكركيّ، وغيرها من المُصنّفات القديمة والحديثة.
معنى قراءة القرآن بطريقةٍ صحيحةٍ
أمر الله -تعالى- عباده المؤمنين بحُسن قراءة القرآن؛ إذ إنّ قراءته بصورةٍ صحيحةٍ ممّا يؤدّي إلى فَهْم المعاني المقصودة، من كلمات السُّور والآيات، وبالتالي تكون أدعى إلى فَهْم مقاصدها ومراميها، ويُراد بالقراءة الصحيحة للقرآن؛ قراءة كلّ حرفٍ من حروف القرآن، قراءةً سليمةً، بإظهار صفاته ومخارجه التي تميّزه عن غيره من الحروف، مع الحرص على التأنّي في القراءة، بعيداً عن العجلة، قال -تعالى-: (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا)، وقد ورد في السنّة النبوية ما يُبيّن فَضْل القراءة الصحيحة، والترتيل الجيّد، فقد أخرج الإمام البخاريّ في صحيحه أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال لأبي موسى الأشعريّ حين استمع إلى قراءته: (لقَدْ أُوتِيتَ مِزْمارًا مِن مَزامِيرِ آلِ داوُدَ).
أهميّة تعلّم قراءة القرآن بطريقةٍ صحيحةٍ
تتجلّى أهميّة تعلّم قراءة القرآن بصورةٍ صحيحةٍ في أنّها تضمّن للمُتعلّم العديد من الأمور، يُذكر منها:
- دقّة الحفظ والإتقان في القراءة، فكان النبيّ -عليه الصلاة والسلام- يُعلّم الصحابة -رضي الله عنهم- القرآن الكريم على أُسسٍ سليمةٍ تضمن دقّة التلقين، وسلامته؛ بالتكرار والترتيل الصحيح لآيات القرأن، يدلّ على ذلك ما ثبت في الصحيح عن الصحابيّ عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه-: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ كما يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ القُرْآنِ)، فالحديث يدلّ على حِرْص النبيّ -عليه الصلاة والسلام- على تعليم صحابته جميع أحكام الدِّين بصورةٍ صحيحةٍ، ومنها: قراءة القرآن الكريم، وقد حرص تلامذة عبدالله بن مسعود، ومنهم: إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعيّ، والأسود بن يزيد بن قيس النخعيّ؛ على تعلّم قراءة القرآن الصحيحة عن ابن مسعود حتى يوافقوا بها قراءة النبيّ، وقد تحرّوْا نطق الحروف بشكلٍ صحيحٍ مُتقنٍ، دون إبدالها بغيرها.
- جَعْل ترتيل القرآن وتجويده مقياساً تُقاس به دقّة غيره من التراتيل، ومنها: الأذان، والتشهّد، والاستفتاح، والاستخارة، فقد كان النبيّ -عليه الصلاة والسلام- يعلّم الصحابة التشهّد كما يعلّمهم حروف القرآن، ويُعلّمهم مدّ الحروف بالأذان كما يُعلّمهم مدّها في ترتيل القرآن.
- تقديم الأجود قراءةً للقرآن في إمامة الصلاة، فقد جعل النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قراءة القرآن بشكلٍ صحيحٍ مقياساً في أفضليّة الإمامة في الصلاة، فالأجود قراءةً لكتاب الله أولى المُسلمين بالإمامة ، وتشمل القراءة أيضاً التمكّن منها، والتجويد بصورةٍ صحيحةٍ مُتقنةٍ، وقد يُراد الأكثر حِفظاً لكتاب الله.
- اكتساب المهارة في قراءة القرآن من أسباب نَيْل المكانة الرّفيعة عند الله -عزّ وجلّ-، إذ ثبت في الصحيح ممّا أخرجه الإمام مُسلم في صحيحه عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (الْماهِرُ بالقُرْآنِ مع السَّفَرَةِ الكِرامِ البَرَرَةِ، والذي يَقْرَأُ القُرْآنَ ويَتَتَعْتَعُ فِيهِ، وهو عليه شاقٌّ، له أجْرانِ. [وفي رواية]: والذي يَقْرَأُ وهو يَشْتَدُّ عليه له أجْرانِ)، والماهر في القرآن هو الذي يُتقن قراءته، ويحفظ آياته، ويضبط أحكامه دون مشقّةٍ وعَنتٍ.
- استخدام الأساليب المتنوّعة في تعليم قراءة القرآن وتجويده، فقد حرص النبيّ -عليه الصلاة والسلام- على تنويع الأساليب لتعليم صحابته -رضي الله عنهم- القرآن الكريم وتجويده، حيث كان يقرأ القرآن في الصلاة الجهريّة، وفي حلقات التعليم الفرديّ والجماعيّ، والجَهْر بالقراءة الفرديّة.