كيف اعرف انها رؤيا
أنواع الرُّؤى
إنّ ما يراه النائم في نومه ينقسم إلى ثلاثة أقسام كما أخبر بذلك الرّسول محمّد صلّى الله عليه وسلّم، حيث قال: (الرُّؤيا ثلاثةٌ؛ منها: تَهاويلٌ منَ الشَّيطانِ ليُحزِنَ ابنَ آدمَ، ومنها ما يَهُمُّ بِه الرَّجلُ في يقظتِهِ فيراهُ في مَنامِه، ومنها جُزءٌ من ستَّةٍ وأربعينَ جزءاً منَ النُّبوَّةِ)، فالرُّؤيا لها ثلاثة أنواع، وهي كالآتي:
- النّوع الأوّل: الرُّؤيا الصّالحة ؛ وهي من الله سبحانه وتعالى، وقد عدّها النبيّ محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- جزءاً من أجزاء النبوّة ، فالإنسان يرى فيها ما يحبّ، وتكون إمّا لتبشيره بخير أو تحذيره من سوء، أو مساعدة وإرشاد لصاحبها، ويستحبّ لمن يرى رؤيا أن يَحْمد الله -سبحانه وتعالى- عليها، ويخبر بها النّاس الذين يحبّهم.
- النّوع الثّاني: الحُلم ؛ وهو من الشّيطان ، فالشّيطان يسعى لإحزان المؤمن وإخافته كما أخبر النبيّ محمّد صلّى الله عليه وسلّم، ويرى الإنسان فيه أمراً يكرهه.
- النّوع الثّالث: حديث النّفس؛ ويسمّى أيضاً بأضغاث الأحلام، وهو ما يحدّث به الإنسان نفسه ويفكّر فيه قبل نومه ممّا يجعله يحلم فيه، وغالباً ما تكون أموراً مخزّنة في العقل الباطن وفي الذّاكرة.
علامات الرُّؤيا
إنّ للرؤيا علامات تدلّ عليها وتمييزها عن غيرها، ومن هذه العلامات ما يأتي:
- الرُّؤيا تكون صادقة؛ أي أنّها تٌخبر عن شيءٍ واقع حقيقة، أو أنّه سيقع لاحقاً، ويكون وقوع الأمر مطابقاً لِما رآه الرّائي.
- الرُّؤيا تكون صالحة؛ أي أنّها مُبشّرة بخيرٍ، أو محذّرة من سوءٍ.
- الرُّؤيا غالباً ما تكون واضحةً جليّةً؛ فلا يكون فيها أحداث متداخلة وغير مفهومة، كما يحصل مع الإنسان في الحُلم أو في حديث النّفس.
- الرُّؤيا يتذكّرها الإنسان بوضوح غالباً، فيتمكّن من روايتها لِمن أراد دون نسيان تفاصيلها وأحداثها.
- الرُّؤيا تدلّ على صلاح وصدق صاحبها، فالرُّؤيا تكون صادقة بقَدْر صلاح واستقامة وصدق صاحبها، كما أخبر الرّسول محمّد صلّى الله عليه وسلّم؛ حيث قال: (أصدقُهم رؤيا أصدقُهم حديثًا).
التّعامل مع الرُّؤى
أرشد الرّسول محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- المسّلم إلى طريقة التعامل مع الرُّؤيا الصالحة، وبيان ذلك فيما يأتي:
- أن يحمد المسّلم الله -سبحانه وتعالى- على الرُّؤيا.
- أن يحدّث المسّلم بالرؤيا من يحبّ من النّاس ويقصّها عليهم، فقد قال الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: (فإن رأى أحدُكُم رؤيا تُعجبُه فليقصَّ).
أمّا تعامل المسّلم مع الأحلام التي من الشّيطان؛ فقد أرشده الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- إلى ذلك، حيث جاء:
- أن يعلم الإنسان أنّ الحُلم من الشّيطان، وأنّ الشّيطان يهدف إلى إحزانه، فينصرف الإنسان عن الحُلم ويهمله، ولا يُكثر التفّكير والقلق فيه.
- أن يسّتعيذ المسّلم بالله -تعالى- من الشّيطان الرجيم، حيث قال الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: (وليتعوّذ بالله من الشيطان).
- أن يسّتعيذ المسّلم بالله -تعالى- من الحُلم، فقد قال الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- عن الرُّؤيا التي يكرهها الإنسان: (ولْيتعوَّذْ بالله من شرِّها).
- أن ينفث المسّلم على يساره ثلاث مرّات؛ لِما قاله الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: (من رأى رؤيا يكره منها شيئاً فلينفث عن يساره ثلاثاً).
- أن لا يُخبر المسّلم أحداً بالحُلم.
- أن يغيّر المسّلم الجَنْب الذي كان نائماً عليه عندما أتاه الحُلم.
- أن يقوم المسّلم من فراشه، ويتوضأ، ويصلّي ركعتين.
رؤى الأنبياء
أجمع العلماء أنّ رُؤْى الأنبياء هي وحي من الله سبحانه وتعالى، ولذلك فعندما رأى نبي الله إبراهيم -عليه السّلام- أنّه يذبح ابنه إسماعيل عليه السّلام، أجمع أمره للقيام بذلك، فأخبر ابنه إسماعيل بما رآه، فما كان من إسماعيل -عليه السّلام- إلّا أن أعان أباه على أمر الله سبحانه وتعالى، وأشار عليه بأن يفعل ما أمره، فلمّا همّ إبراهيم -عليه السّلام- بذبح ابنه وأخذ السّكين ووضعها على عُنق إسماعيل -عليه السّلام- وبدأ يُحرّكها، ولكن السّكين لم تقطع ولم تفعل فعلها المعتاد من الذّبح والقطع، وفداه الله -سبحانه وتعالى- بذَبْحٍ عظيمٍ أراه لسيّدنا إبراهيم عليه السّلام، فلم يذبح ابنه إسماعيل عليه السّلام.
وليوسف -عليه السّلام- قصّة أخرى مع الرُّؤى، فقد ذكر الله -تعالى- قصّة رؤيته في القرآن الكريم ووقع تفسيرها جليّاً واضحاً، فقد رأى يوسف -عليه السّلام- أنّ الشّمس والقمر وأحد عشر كوكباً يسجدون له، فأمره أبوه يعقوب -عليه السّلام- أن يكتم تلك الرُّؤيا عن إخوته حتى لا يكيدوا له، ومرّت الأيّام وتغيّرت أحوال نبي الله يوسف من حالٍ إلى حالٍ، فمرّةً رماه إخوته في البئر، ثمّ أُخذ عبداً ليُباع في سوق العبيد، فاشتراه عزيز مِصْر، ثمّ حصل خلاف بينه وبين امرأة العزيز ووضع في السّجن، ثمّ خرج منه وأصبح أميناً على خزائن مِصْر وأقوات أهلها، ثمّ تحقّقت رؤيته الأولى عندما جاءه والداه وإخوته ودخلوا عليه فسجدوا بين يديه.
كما أنّ يوسف -عليه السّلام- التقى في السّجن بفتيين، و أخبره كلاً منهما برؤيةٍ رآها، وطلبا منه أن يأوّلها لهما، فقد جاء في القرآن الكريم: (وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجنَ فَتَيانِ قالَ أَحَدُهُما إِنّي أَراني أَعصِرُ خَمرًا وَقالَ الآخَرُ إِنّي أَراني أَحمِلُ فَوقَ رَأسي خُبزًا تَأكُلُ الطَّيرُ مِنهُ نَبِّئنا بِتَأويلِهِ إِنّا نَراكَ مِنَ المُحسِنينَ)، وفسّر نبي الله يوسف -عليه السّلام- الرُّؤى بما أخبر به الله -سبحانه وتعالى- في القرآن؛ حيث قال: (يا صاحِبَيِ السِّجنِ أَمّا أَحَدُكُما فَيَسقي رَبَّهُ خَمرًا وَأَمَّا الآخَرُ فَيُصلَبُ فَتَأكُلُ الطَّيرُ مِن رَأسِهِ قُضِيَ الأَمرُ الَّذي فيهِ تَستَفتِيانِ).