كيف اثقف نفسي
الثقافة
يعيش المرء على هذا الكوكب، وقد اكتشف العديد من الاكتشافات والاختراعات، وبرع في عدّة بحوث أجراها على عيّنات علمية وثقافية، جعلت من الإنسان نموذجاً من الحضارة الكونية.
الثقافة هي كلمة ذات بحر واسع من المعاني والمعلومات، والمجتمعات البشرية تختلف من الناحية الثقافية؛ حيث إنّ لكل مجتمع ثقافة خاصة به تختلف عن ثقافة المجتمعات الأخرى؛ وذلك لأنها من صنع الإنسان، وإنّ ما يفعله الإنسان وما يتصرف به هو من نتاج الثقافة التي نما ونشأ عليها، وبالتالي لا يمكننا أن نعطي حكماً على فرد أو جماعة معينة دون الرجوع إلى الثقافة التي تحكم المجتمع الذي نشأ فيه، ولذلك فهي تلعب دوراً هاماً في حياة الفرد والجماعة.
خلق الله تعالى الإنسان وكرمه، وميزه عن باقي المخلوقات بالعقل السليم، الذي يجعله يفكّر في شؤون حياته، وأرسل الله -عزو جل- الرسل كي يدعوا الناس إلى التفكير والعلم في ملكوت الله وعظمته -جل في علاه-.
أنزل الله العديد من الكتب والصحف على أنبيائه؛ وذلك لتبيان الحق لهم، فأنزل التوراة على موسى -عليه السلام-، وأنزل الإنجيل، وأنزل صحف إبراهيم وموسى، وأنزل القرآن الكريم على خاتم الأنبياء والمرسلين محمد - صلى الله عليه وسلم-، القرآن الكريم الذي يعتبر أفضل كتاب في التاريخ، ولا يمكن لأحد أن يأتي بآية منه، وهو يحمل بداخله الثقافة الإسلامية ذات المفاهيم الواسعة والكبيرة، ولذلك، فإنّ الله أنزل القرآن لإخراج البشرية من الظلام إلى النور.
إن الثقافة مهمة للإنسان، فمن خلالها يستطيع أن يصل إلى ما يصبوا إليه، ويحقق رغباته وطموحاته في الحصول على الكثير من المطالب، التي لطالما سعى للوصل إليها، وهي التي تؤدي لنجاحه في الحياة.
مفهوم الثقافة
هي كلمة عريقة في اللغة العربية، وتعني تنمية النفس البشرية بالمنطق والذكاء والحنكة والعلم الواسع، الثقافة أحياناً تأتي من العادات والتقاليد؛ لأن المجتمع عندما يبنى على عادات وتقاليد معيّنة لا يمكن أن تتغيّر إلا إذا دخلت على المجتمع إحدى الثقافات الغريبة عليه، فإنها قد تتغيّر بعض تلك العادات والتقاليد، وأكبر مثال على ذلك ما يحدث في مجتمعاتنا العربية، فقد دخلت عليه بعض الثقافات الغربية التي قدمت من دول أوروبا، ما جعل المجتمعات العربية تبتعد عن مبادئها وثقافتها التي تربت عليها.
والمثقّف هو الذي يتعلم أمور جديدة، ويكتشف معارف ومعلومات جديدة لم يعرفها من قبل، والثقافة ليست فقط مجموعة من الأفكار والاقتراحات، ولكنها نظرة في السلوك الفردي والجماعي، وهي نمط متكامل يظهر من خلاله المعرفة البشرية وقيم وأفكار واتجاهات تميز منظمة أو مؤسسة ما. ظهر لأوّل مرة مفهوم الثقافة في أوروبا مع نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر، وكان يشير المفهوم إلى تعديل وتقويم المهارات الفردية للإنسان، وذلك من خلال التعليم الصحيح والتربية السليمة، ومن التوجه للتنمية العقلية والروحية للفرد والجماعة؛ للتوصل إلى القيم العليا.
أنواع الثقافة ومكوّناتها
- الثقافة المادية: وهي التي تجمع نتاج الاجتهاد والعمل الإنساني من مبانٍ ومنشآت وأشياء ملموسة أخرى.
- الثقافة غير المادية: هي الأفكار والمعتقدات والقيم العليا التي يؤمن بها أفراد مجتمع ما.
مكونات الثقافة:
- الأفكار: يقوم الدماغ بمعالجة البيانات التي حصل عليها من بيئته المحيطة، والنتائج التي حصل عليها نتيجة هذه المعالجة.
- العادات: هي الطرق التي يؤدي بها مجتمع ما الأشياء المختلفة.
- اللغة: طريقة التفاعل بين أفراد المجتمع، وما يستخدمونه من رموز للتواصل فيما بينهم، وللتفاعل مع بعضهم البعض.
- الأعراف: هي الأشياء التي تعارف عليها الإنسان، وأصبح ملزماً على القيام بها في مجتمعه.
- القانون: هو الذي يحدّد على الإنسان ما يجب الامتناع عنه، وما يجب القيام به وفعله من دون أي تخوفات، وهو تنظيم اجتماعي للسلوك الإنساني.
وظائف الثقافة
- تحدد الثقافة المعنى الحقيقي للمواقف الاجتماعية التي يواجهها الإنسان.
- تحدد الثقافة مجموعة من القيم والأهداف السائدة في المجتمع.
- تحدد الثقافة أنماط السلوك الإنساني.
- تحدّد الثقافة مجموعة من القوى الخرافية التي تسيطر على تفكير البعض من الأشخاص في المجتمع.
- تجعل الثقافة الحضارة البشرية ذات طابع إنساني أعمق.
- تقوم الثقافة بتقديم المساعدة للبشر؛ من أجل الحصول على التقدم التكنولوجي، كما أنّها تساعد على الازدهار والتقدم في كافة الجوانب.
- تؤكّد على أن للجميع الحق في الثروة.
- تعمل على الإيمان بالتعددية، والحياة الآمنة في المجتمع الآمن.
المهارات التي تجعل الشخص مثقفاً
- قدرته على معرفة وتحديد المشاكل من دون أي دليل عليها.
- القدرة على حل المشاكل ومواجهتها بطريقة تجريبية.
- القدرة الاستنتاجية والجدلية على التفكير بالبحث.
- القدرة على طرح الأسئلة الصعبة التي تخالف بعض الفرضيات السائدة.
- القدرة على مناقشة الأفكار التي يتم طرحها، والتطلع نحو تطبيقها.
- القدرة على العمل بسلامة ومهنية وتنظيم دون الحاجة إلى توجيه من أحد.
- القدرة على الإقناع؛ أي أن تقنع من حولك بأنك تدرس النهج الصحيح والسليم.
- القدرة على الكلام، والتفكير، والكتابة، بطريقة واضحة وسلسة.
- القدرة على العمل وحيداً، والتفكير بشكل مستقل تماماً.
- القدرة على تتابع وإكمال التعليم مدى الحياة.
- عمق معرفة الشخص في أحد حقول المعرفة.
- القدرة على العمل والتعاون مع الآخرين.
- القدرة على التمييز بين الصحيح وبين الحقيقة.
- القدرة على فهم الطبائع البشرية.
- القدرة على الاحتفاظ بالتوازن السليم في حياة الفرد.
- القدرة على إنشاء علاقات دائمة، وتجنب الخلافات، وتحسينها إن حدثت.
كيف تكون مثقّفاً
- حضور الندوات والمؤتمرات العلمية والتثقيفية التي تعقد في بلدك، وعدم التردد في إبداء رأيك والنقاش مع الآخرين.
- متابعة الأحداث من حولك، فيجب أن تكون على دراية كاملة بما يحدث من أحداث في العالم.
- استخدام الانترنت بما هو مفيد وصحيح، وعدم تضييع الوقت على أشياء لا تفيد، والبحث على مواقع معلوماتية ومعرفية لزيادة ثقافتك ومعلوماتك.
- مشاهدة القنوات الثقافية والتعليمية عبر شاشات التلفاز.
- التواصل والتفاعل مع من حولك من الناس، والقدرة على إجراء النقاشات معهم، وبالتالي يسمح لك هذا باكتساب المهارات المختلفة، والتعرف على ثقافة الآخرين.
- أن تكون متخصصاً في أحد المواضيع الفكرية، وأن تبدع فيه.
- يستخدم المثقف علمه الواسع للمعرفة ببعض بواطن الأمور.
- يظهر أمام الآخرين كشخص مثالي، وهو لا يقوم بأعمال سيئة أو مشينة إلا إذا كان يؤمن بصوابها بخلاف الآخرين.
- المثقف مؤمن بمواقفه وبمعتقداته، ولهذا السبب يمكن للمثقف أن يضحي بحياته من أجل مبادئه.
هناك مثقفون أخرون يحتكرون الثقافة، ويعتقدون أنها ملك لهم، يلهثون وراء الشهرة والمناصب المجتمعية، وهم لا يتردّدون ولا يمنعون أنفسهم عن ممارسة الكذب والنفاق، والافتراء على غيرهم من بني البشر، وينسى هؤلاء الأشخاص بأن الثقافة علم وأمانة ومسؤولية عظيمة، وأنها مبادئ سامية، والمثقف الحقيقي هو الصادق مع نفسه ومع الآخرين، وهو مؤمن باعتقاداته.
ولا ننسى بأن التعليم الثقافي هو من الضرورات الملحة في وقتنا الحالي؛ لتنمية المهارات الثقافية والتعليمية للأجيال الشابة، وتنوير عقولهم بالمعرفة، ويجب على الأطفال خاصّةً تعلم اللغة من خلال الاحتكاك والتفاعل الاجتماعي مع بعضهم البعض؛ وذلك لوجود كمية كبيرة من المفردات في اللغة العربية، وهذه المهمة تقع على عاتق الآباء.
اللغة والثقافة عنصران لا يفترقان، فإذا كانت اللغة واضحة ومفهومة ومتكاملة، تظهر الثقافة العالية لهذا المجتمع، وإذا وجدنا مجتمعاً مليئاً باللغات المختلفة، فإنه يكون مختلفاً ثقافياً أيضاً.