كيف أرضي الله ورسوله
كيفية إرضاء الله تعالى ورسوله
يُعد رضا الله -تعالى- عن الإنسان المقصود الأساسي من الطاعة والعبادة ؛ ويبلغ المرء هذه الدرجة، بالإخلاص له في العمل، والموافق لشرعه، وما كان غير ذلك فلا يعود بالنفع على صاحبه في الآخرة، ويُمكن للعبد الوصول إلى رضا الله -تعالى- ورسوله بعدة وسائل، منها ما يأتي:
- الإيمان بالله، والتقرُب إليه بالأعمال الصالحة، لقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَـئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ* جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّـهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ)؛ فقد جعل الله خير البشر من آمن به وعمل صالحاً، وجعل أجرهم وثوابهم جنات الخلد.
- التقوى: لقوله تعالى: (قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَٰلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّـهِ وَاللَّـهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ).
- الصدق: لقوله تعالى: (قَالَ اللَّـهُ هَـذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّـهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)؛ فالصادق: هو الذي استقامت أعماله، وأقواله، ونياته على طريق الله -تعالى- المُستقيم.
- الحرص على الفرائض، كالصلاة والزكاة ، والأمر بالمعروف، والنهي عن المُنكر، لقوله تعالى: (وَالمُؤمِنونَ وَالمُؤمِناتُ بَعضُهُم أَولِياءُ بَعضٍ يَأمُرونَ بِالمَعروفِ وَيَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَيُقيمونَ الصَّلاةَ وَيُؤتونَ الزَّكاةَ وَيُطيعونَ اللَّـهَ وَرَسولَهُ أُولـئِكَ سَيَرحَمُهُمُ اللَّـهُ إِنَّ اللَّـهَ عَزيزٌ حَكيمٌ* وَعَدَ اللَّـهُ المُؤمِنينَ وَالمُؤمِناتِ جَنّاتٍ تَجري مِن تَحتِهَا الأَنهارُ خالِدينَ فيها وَمَساكِنَ طَيِّبَةً في جَنّاتِ عَدنٍ وَرِضوانٌ مِنَ اللَّـهِ أَكبَرُ ذلِكَ هُوَ الفَوزُ العَظيمُ).
- المُسارعة والمُبادرة إلى الطاعة والانقياد لأمر الله -سبحانه وتعالى- ، لقوله تعالى على لسان نبيه موسى -عليه السلام-: (وَعَجِلتُ إِلَيكَ رَبِّ لِتَرضى). الإنفاق والصدقة ، وغيرها من الأعمال الصالحة؛ إرضاءً لله سبحانه وتعالى، وذكر الله -تعالى- هذه الصفة في كثيرٍ من الآيات، ومنها قوله: (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّـهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّـهِ وَرِضْوَانًا).
- توحيد الله -تعالى-، وشُكره، وإخلاص الدين له، لقوله تعالى: (وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ).
- الرضا بما قضاه الله -تعالى- وقدره عليه، لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (إنَّ عِظَمَ الجزاءِ مع عِظَمِ البلاءِ ، وإنَّ اللهَ تعالَى إذا أحبَّ قومًا ابتلاهم ، فمن رضيَ فله الرضا ، ومن سخطَ فله السُّخْطُ).
- بذل الإنسان نفسه لله ورسوله، والدفاع عن دينه، والجهاد في سبيله، لقوله تعالى: (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا).
- الكلام الطيب: لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (إنَّ الرجلَ ليتكلَّمُ بالكلمةِ من رِضوانِ اللهِ ما كان يظن أن تبلغَ ما بلغتَ ، يكتبُ اللهُ تعالى له بها رضوانَه إلى يومِ يلقاه).
- حمد الله سبحانه وتعالى وشكره على نعمه، لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (إنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى عَنِ العَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الأكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا، أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا).
- القيام بالسنن ومنها استعمال السواك، فقد بين النبي -عليه الصلاة والسلام- أن السواك:(مَطهَرةٌ للفمِ مَرضاةٌ للرَّبِّ).
- دُعاء الله -تعالى- بالتوفيق للأعمال الصالحة التي يرضى بها عنه ومنها الإحسان إلى الوالدين، لقوله تعالى: (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ).
- الاعتصام بدين الله -تعالى-، والتوحد والاجتماع على كلمة الإسلام والبُعدهم عن التفرُق، واتباع آثار من رضي الله عنهم، كالصحابة -رضي الله عنهم-، وترضيهم عليهم، ومحبتهم ، مع الابتعاد عن كُل ما لا يرضاه الله -تعالى-.
تقديم رضا الله ورسوله على رضا الناس
يُعد رضا الله -تعالى- ورسوله من أعظم المقاصد والغايات؛ فينبغي على العبد تقديم رضاهما على ما سواهما من البشر، ولا يُقدم على خوف الله وغضبه غضب أحدٌ من البشر، لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (من التمس رِضا اللهِ بسخَطِ الناسِ ؛ رضِيَ اللهُ عنه ، وأرْضى عنه الناسَ ، ومن التَمس رضا الناسِ بسخَطِ اللهِ ، سخِط اللهُ عليه ، وأسخَط عليه الناسَ)، فيُقدم ما فيه رضا الله ورسوله وإن كان فيه سخطٌ للناس، ولا يأخُذه في هذا لومةُ لائم، وإن كان فيه المِحن والمصائب، بل يكون مقصوده وغايته رضا خالقه ورسوله؛ لأن إرضاء الناس من الغايات المُستحيلة، وهذا بالإضافة إلى أن الإنسان غيرُ مُطالبٍ بها، فقد جاء عن الإمام الشافعيّ قوله: رِضَا النَّاسِ غَايَةٌ لَا تُدْرَكُ. فَعَلَيْكَ بِمَا فِيهِ صَلَاحُ نَفْسِكَ فَالْزَمْهُ.
ثمرات رضا الله عن العبد
لرضا الله -تعالى- عن الإنسان العديد من الثمرات، منها ما يأتي:
- خلاص الإنسان من سخط الناس؛ لأن الله عندما يرضى عن الإنسان يُرضي الناس عنه.
- تفرُغ قلب المؤمن للعبادة، بعيداً عن الوساوس والتشتيتات، مما يجعله صافي الذهن، فيعود عليه بالخشوع في طاعته ويزيد انتفاعه بها.
- رضا الإنسان بما قسمه الله له، فهو جزاءٌ من الله -تعالى- للراضين عنه، وهو من باب الإحسان منه سُبحانه، لقوله: (هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ)، بالإضافة إلى دُخول الجنة ، لقوله تعالى: (وَعَدَ اللَّـهُ المُؤمِنينَ وَالمُؤمِناتِ جَنّاتٍ تَجري مِن تَحتِهَا الأَنهارُ خالِدينَ فيها وَمَساكِنَ طَيِّبَةً في جَنّاتِ عَدنٍ وَرِضوانٌ مِنَ اللَّـهِ أَكبَرُ).