كيف أتكلم مع الناس بثقة
مفهوم الثقة بالنفس
الثقة بالنفس هي اعتقاد الفرد بأنّه قادرٌ على فعل العديد من الأفعال الجيّدة التي لا يستطيع غيره فعلها أو إنجازها، وهي بداية كلّ عملٍ ذي قيمة، فلا يُمكن إنجاز أمرٍ أو النجاح فيه دون وجودها؛ فالشخص الذي يفقد الثقة بنفسه يخافُ من الإقدام والمُخاطرة في العديد من الأمور، وبالتالي يجد طريق التقدّم ضيّقاً ومَحدوداً في أغلب الأحيان. تُبنى الثقة بالنفس من أمورٍ عدّة؛ كالنجاحِ، والتفوقِ، والخبرة بالذات.
يبذُل الشخص الواثق بنفسه قصارى جهده لزيادة ثقته بنفسه، فيَعتقد ويُذكّر نفسه دائماً بأنّه شخصٌ متميّز، يَثق بنفسه، ولديه إمكانيّاته الخاصة؛ فمن خلال ثقة الشخص بنفسه يُدرك أنّه قادرٌ على فعلِ ما لا يَستطيع غيره فعله، وأن يكون على حالٍ ونجاحٍ وتميّزٍ لا يَستطيع غيره الوصول إليه، وعليه فإنّه يَعرف أنّ له حق التواجد في أيّ مكان، والتحدّث إلى الآخرين بكلِ ثقةٍ، فلا أحد يستطيع أن يحلّ محله، أو أن يقوم مقامه.
كيف أتكلم مع الناس بثقة
يجد الكثير من الأشخاص صعوبةً في الحديث أمام الآخرين، أو لا يجدون الثقة الكافية التي تُمكّنهم من التحدث؛ وهذه الصفات إذا اتّصف بها الشخص فإنّها لا تدفعه للنجاح، والتقدّم في حياته، ويلزمه التغيير الذي يتطلّب منه شجاعةً كافية، وصَبراً ومثابرةً كافية؛ فليس من السهولة تغيير الفرد لنفسه من إنسانٍ سلبيّ التوجه أو غير مُقدِم على النجاح إلى إنسانٍ يسعى للتغيير من شخصيته، وإنسان يتكلّم بثقةٍ مع الآخرين، فأوّل خطوةٍ في تكلم الفرد مع الآخرين بثقةٍ تكمن في ثقتهِ الداخليةِ بنفسه، وقدرتهِ على التغيير في حياته؛ فهذه الأمور جميعها كفيلة بأن تجلب انتباه الآخرين إليه.
نصائح للتحدّث بثقة
يُضيف الدكتور إبراهيم الفقي في كتابه سحر الكلمة بعض النصائح الذهبية التي تُعين الفرد على التحدّث بثقةٍ أمام الآخرين منها:
- إتقان اللغة: يَجب على مَن يبحث عن النّجاح والتقدّم والارتقاء نحو الأفضل والحديث بطلاقةٍ وثقةٍ مع الآخرين أن يُتقن لغة الحوار، والتواصل الشفوي مع الآخرين؛ فكلّما كان الإنسان بارعاً في التعبير عن نفسه، والحديث بوضوح مع الآخرين صار أكثر نجاحاً في التأثير بهم، وبالتالي توجيه أفعالهم.
- اللباقة: يجب أن يكون المُتحدّث لبقاً في اختيار الموضوع المُناسب وطريقة عرضه، واختيار البداية الصحيحة للحديث، والحوار مع الآخرين، والبعد عن الكلمات المعتادة؛ فالطرف الآخر الذي يستمع إلى الشخص ينتظر شيئاً مثيراً في الحوار، ومن السهل إيجاد ذلك الشيء إذا علم المتحدّث ما الذي يُريده المستمع، أو ما هي الأمور المفضّلة لديه في الحوار والحديث مع الآخرين.
- القدرة على السيطرة: يجب أن يُوجّه المتحدّث المُحادثة إلى الاتّجاه الذي يراهُ مناسباً، وأن يُسيطر عليها بشكلٍ كاملٍ؛ فإن أتقَنَ ذلك أمكنه السيطرة على الآخرين وتوجيههم.
- التمتّع بقوة الشخصية: إنّ الشّخص الذي تعلّم استخدام المُحادثة للحصول على ما يُريد وتَنفيذ رغباته يُصبح إنساناً جديداً ذا شخصيّةٍ جديدة تعود عليه بالنفع؛ كالتمتّع بالقُدرة على التعبير عما يدور في عقله، وهذه شجاعةٌ لا يمتلكها الكثير من الناس، وبالتالي هي صفة ممتعة لدى الآخرين ويتمناها الجميع.
عناصر تؤثّر على الثقة
إنّ التحدّث بثقةٍ أمام الآخرين هو مَهارةٌ على من أراد النجاح والتميّز أن يُتقنها، إلا أنّها توجد أربعة عناصر إذا لم يتغلّب الإنسان عليها هَزمته، ومَنعته من الحديث بثقة أمام الناس؛ فعلى من أراد النّجاح ألا يسمح لها أن تُسيطر عليه، وعلى حياته، وهذه العناصر هي:
لوم الآباء للأبناء
يلوم العديد من الآباء أبناءهم على حديثهم، فممّا لا شك فيه أنّ التربية المُبكرة للأطفال على يد آباء صارمين لها دورٌ وانعكاسٌ على شخصيّة الطفل، وتكوينها مستقبلاً؛ فمنعُ الآباء لأولادهم من الحديث وهم صغار خوفاً من الخطأ الذي قد يصدر منهم يجعل الطفل يتردد في فتح فمه للحديث، وربما يتلعثم بكلمةٍ غير مناسبةٍ أو غير مرغوبةٍ؛ ولذلك عليه أن يتخلّص من هذه المشكلة بأن يتجاهل مثل هذا الشعور المزعج، ويتذكّر دائماً أنّه خوف طفولي، وقد انتهت مرحلته، وأنّه الآن في مَرحلة الرشد.
التشاؤم
بعضُ الأشخاص إذا فشلوا في تجربةٍ مرّت بهم لا يُكرّرون المُحاولة مرة أخرى؛ ولذلك من الجميل أن يعرف المُتحدّث أنّ من سبقه من متحدّثين بارعين لم يولدوا هكذا؛ فمثلاً المتحدثة البارعة والمشهورة في أنحاء العالم إلينور روزفلت أثبتت قدرتها الكبيرة على أسر المستمعين لها من كلّ نوع، فقد كانت تشعر بالرُّعب عند حديثها الأول وقالت: "يستطيع أي إنسان أن يهزم الخوف الذي بداخله وأن يجعل لنفسه سجلاً من النجاحات"، ويقول ماركوس أوريليوس: "حياة الإنسان هي ما تصنعه أفكاره من هذه الحياة"؛ فالمتفائلون لم يولدوا كذلك ولكِنّهم أصبحوا على هذا النحو لأنّهم يَنظرون إلى الحياة بتفاؤل.
التسويف
المُسوّفون هم الّذين يُظهرون القُدرات ويَتحكّمون بالضّغوطات التي قد يتعرّضون لها؛ فهُم من الخارج مُسيطرون على أنفسهم، أمّا من الدّاخل يخافون بشدّة كخوفِ الأطفال؛ حيث يَخافون من الفشل ، ويجدون الحلّ بالتسويف وتأجيل المُحاولة والإقدام. يُحّطم التسويف الإمكانات، ويَمنع الإنسان من الوُصول إلى ما يُريد؛ فإذا أرادَ أن يتخلّص من هَذه المشكلة عليه أن يُجبر نفسه على العمل حتى إن كان خائفاً، وعليه أن يَستغلّ اللحظات ويقتنصَ الفرص؛ فاللحظة التي تمرّ لا تعود؛ فمِن الجيّد أن يكون الإنسان مِقداماً، يَخلق الفرص المناسبة للحديث إن لم تكن موجودةً.
المظهر الخارجي
يوجد الكثيرُ من الأشخاص غير راضين عن أشكالهم؛ فالإنسانُ يُركّز على بعضِ العُيوب التي يراها في نفسه، ويَنسى السمات الكثيرة التي يمتلكها، فعدم الكمال موجودٌ لدى كل شيءٍ من حولنا، حتى في نفس الإنسان. يقول وليام جيمز: "تصرّف كما لو كنت جميلاً وواثقاً ومتمكّناً، وسوف تكون كذلك."؛ فالإنسان الواثق من نفسه هو من يُركّز على الإيجابيّات التي في نفسه، وليس السلبيات، فلا يَلتفت إلى ما فيه عيب في كلامه، أو في أدائه، وعليه أن يرسُمَ في عقلِه الصورة التي يتمنّاها، أو التي يُريدها لنفسه من صوتٍ، أو مظهرٍ، أو تصرّفٍ، أو أداء، وعليه أن يُدرك أنّ مَظهره وجاذبيته تعتمد على طريقة استغلاله لهذه القوة التي تخصّه هو وحده، وهي التي تَجعله مميّزاً عن غَيره من البشر.