كيف أتقرب إلى الله عز وجل
كيف أتقرب إلى الله
للتقرب من الله الكثير من الطرق والأساليب ومنها:
- اتّباع رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بما جاء به إحدى الطرق المعينة على حبّ الله -تعالى- والتقرّب منه، واتّباع الرسول يكون في كلّ ما فعله -صلّى الله عليه وسلّم- وقاله، وقد ورد ذلك في قوله -تعالى- على لسان النبيّ -عليه السلام-: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّـهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّـهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ)، فاتّباع الرسول -عليه السلام- سبب عام للتقرب إلى الله -تعالى-.
- فعل الطاعات والعبادات من شأنها أن تقرّب العبد من الله -تعالى-؛ كالصلاة، والحج ، والإنفاق في سبيله وغيرها، والقيام بالفرائض بالطريقة الصحيحة يكون على رأس تلك العبادات؛ وكذلك النوافل لقول النبي -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ اللَّهَ قالَ: مَن عادَى لي ولِيًّا فقَدْ آذَنْتُهُ بالحَرْبِ، وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه، وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ).
- التوبة والرجوع إلى الله حال ارتكاب المعاصي؛ للتقرب منه -سبحانه وتعالى-، كما كلّفهم بالاستقامة في فعل الطاعات والابتعاد عن الذنوب والمعاصي.
- النظر في كتب الترغيب والترهيب، والتمعّن في الآيات التي تنصّ على مصير الطائعين والعاصين في الآخرة، والآيات التي تتحدّث عن قرب الله -تعالى- من عباده واطّلاعه عليهم، ومعاقبته لمن يخالف أمره منهم.
- الحرص على الصحبة الصالحة التي تعينه على الخير والتقرّب من الله -عزّ وجلّ-.
- الدعاء بالاستقامة والثناء على الله ، وعدم الاستسلام للشيطان حال تكرار الخطأ؛ وإنّما يستمر في التوبة، وقد وصف الله -تعالى- عباده المتّقين برجوعهم له فقال: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّـهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّـهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ)، وقد وعدهم بالقبول والغفران؛ فقال: (كَتَبَ رَبُّكُم عَلى نَفسِهِ الرَّحمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُم سوءًا بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِن بَعدِهِ وَأَصلَحَ فَأَنَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ).
- كمال توحيد الله -تعالى- هو الأساس في التقرب إلى الله عز وجل.
- كثرة ذكر الله -تعالى- في جميع الأحوال بالقلب واللسان؛ فكثرة الذكر تدلّ على عِظَمِ المحبّة.
- التفكّر في أسماء الله الحسنى على التقرّب منه ومحبّته -تعالى-، فيتمعّن المسلم فيما أحسن الله -تعالى- به إليه من النعم الظاهرة والباطنة، ويستسلم بين يديّ الله -تعالى- فيناجيه وينكسر له، ويتلو كلامه ويعظمّه.
- إيثار المسلم كل ما يحبّه الله -تعالى- على ما تحبّه نفسه وتهواه دليل على قربه من الله -تعالى-.
- منع الجوارح من اقتراف المعاصي، أو الاقتراب من الشبهات التي من شأنها أن تضر بإيمانه أو تضعفه، وكل ذلك يقرّب العبد من الله -تعالى-.
مقام القرب وفضله
تتعدّد مراتب القرب من الله -تعالى- وتختلف بحسب رتبة المقرّب، وأعظم ما يصله الإنسان من القربات؛ أن يكون مقرباً من الله -تعالى-، كما قال: (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ*أُولَـئِكَ الْمُقَرَّبُونَ)، فهؤلاء هم الخواصّ من عباد الله -تعالى-، وهم الذين ينالون مرتبة القرب الخاص، وقد وصف الله -تعالى- الملائكة بالقرب من باب التشريف لهم؛ فقال: (لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْدًا لِّلَّـهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ)، كما وصف الأنبياء والرسل بذلك؛ فقال: (اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ)،والمقصود في الآية أن الله -تعالى- يبشّر سيّدنا عيسى -عليه السلام- بالنبوّة، كما أنّ النبيّ محمد -صلّى الله عليه وسلّم- هو صاحب أعظم قربة وأسماها، وكل ما يأتي بعدها من القربات فهو دونها في المنزلة، أمّا فيما يتعلق بعباد الله -تعالى- المقرّبين؛ فهم الذين يقومون بعباداتهم على أكمل وجه ويقدّمون كل ما يستطيعون من جهد ليصلوا إلى تلك المرتبة، ويتنافسون فيها لينالوا شرفها، وكل من يصلها يحصل على مرتبة القرب من الله -تعالى-؛ فقد قال: (كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ * كِتَابٌ مَّرْقُومٌ * يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ).
وقد أخبر الله -تعالى- عباده الذين يتقرّبون منه، أنّ الذي يتقرّب إليه فهو -سبحانه- يتقرّب منه أضعاف، وهذه هي الغاية من تشريع الطاعات؛ فهي التي تقرّب العباد من خالقهم، وينالون بها جنّاته، كما أنّ ذكر العبد لربّه -تعالى- يوجب ذكر العبد عنده؛ فقد روى أبي هريرة عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلم-، أنه قال: يقولُ اللَّهُ تَعالَى: (أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي، وأنا معهُ إذا ذَكَرَنِي، فإنْ ذَكَرَنِي في نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ في نَفْسِي، وإنْ ذَكَرَنِي في مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ في مَلَإٍ خَيْرٍ منهمْ، وإنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ بشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ ذِراعًا، وإنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ ذِراعًا تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ باعًا، وإنْ أتانِي يَمْشِي أتَيْتُهُ هَرْوَلَةً)، وفي الحديث الشريف تنبيه إلى ضرورة حسن الظن بالله -تعالى-؛ فهو يتقبل عبادات العبد حتى لو كان مقصراً فيها؛ فحسن الظن بالله -تعالى- هو بحدّ ذاته عبادة، وينبغي أن يستشعر المسلم قرب الله -تعالى- ومعيّته حين يذكره؛ فيقبل عليه دون ما سواه، ويطمئن بقربه ويعرف قيمة ما هو فيه، فلا يخاف من شيء، قال -تعالى-: (إِذ يَقولُ لِصاحِبِهِ لا تَحزَن إِنَّ اللَّـهَ مَعَنا).
وقد نال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- مقام قاب قوسين أو أدنى من الله، كما نال مقام الوسيلة ؛ وهي أعلى رتبة وأعظمها وأشرفها في القرب إلى الله -تعالى-، وهو الذي يشفع للخلائق عند ربهم يوم الحساب ، ولا أحد يشفع له، وهو الواسطة بين العباد وربهم، ولا يملك أحد منهم الكلام إلّا هو؛ فإن الله -تبارك وتعالى- يقول له: (يا مُحَمَّدُ، ارْفَعْ رَأْسَكَ، وقُلْ: يُسْمَعْ لَكَ، وسَلْ تُعْطَهْ، واشْفَعْ تُشَفَّعْ).
ويعتبر القرب من الله -تعالى- القوّة الحقيقية التي يملكها العبد، ومن ذلك ما حصل في قصّة موسى -عليه السلام-؛ فقد قال -تعالى-: (وَنادَيناهُ مِن جانِبِ الطّورِ الأَيمَنِ وَقَرَّبناهُ نَجِيًّا)، فإن ذلك القرب هو الذي أعان موسى -عليه السلام- على تخطّي كل ما أصابه في مواجهة فرعون والسحرة، وقارون وكنوزه، والبحر والصحراء، والعاصين له، والطائعين له وجبنهم، كما كان قوّةً لسيدنا محمد -صلى الله عليه وسلّم- في مواجهة كل من عاداه ووقف ضده، أمثال أبي جهل، وأبي لهب، ومشركيّ مكة، ثم ما أصابه في عام الحزن ، وما حصل معه في الطائف، واضطراره للهجرة من دياره، ومواجهة أعدائه في الحروب والغزوات، وتجدر الإشارة إلى أنّ المقرّبين من الله -تعالى- هم أفضل الخلق يوم القيامة؛ فيما يروه من نعيم، قال -عزّ وجلّ-: (فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ * فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ).
معنى اسم الله القريب
يُقصد باسم الله القريب أنّه -سبحانه وتعالى- قريب من عباده يعلم بهم، وقريبٌ منهم بإجابته لدعائهم، والقرب نوعان حسب ما قاله القحطاني؛ أوّلهما القرب العام؛ وهو علمه -سبحانه وتعالى- بكلّ شيء؛ فهو الأقرب إلى عباده من حبل الوريد، والمعنى في ذلك أنّه معهم، وثانيهما القرب الخاصّ الذي يختصّ بعباده الطائعين والداعين له؛ فيحبّهم وينصرهم ويكون معهم في كلّ أحوالهم ويجيب دعواتهم ويتقبّل أعمالهم ويثيبهم عليها.