قواعد أسلوب التعجب في اللغة العربية
قواعد أسلوب التعجب
إنّ التّعجّب هو انفعالٌ يحدثُ في النفس بعد سماعها بشيءٍ خفي سببه، ويرافق هذا التّعجّب تعبيرًا يُدعى أسلوب التّعجّب، وفي اللّغة العربيّة أسلوبان للتعجّب، أحدهما تعجب سماعي لا يمكن القياس عليه قد جاء عن العرب، ومنه قولهم: "سبحان الله، ولله درّك"، والثّاني قياسي يتبع قاعدة معيّة في صياغته، ويُصاغ على وزنين:
- الأوّل ما أفعله
وذلك على نحو: ما أجملَ الشتاءَ!
- الثّاني أفعلْ به
وذلك على نحو: أجملْ بالشّتاءِ!
ولكي يُصاغ الفعل الجامد لإنشاء التعجّب على وزن "أفعل" فإنّه لا بدّ من أن يتوفّر به بعض الشّروط، فلو اختلّ أحد الشّروط الواجب توفّرها فيه فإنّه يمتنع صوغ فعل التّعجّب، وفي هذه الحال يتوجّب اللّجوء إلى طريقةٍ أخرى لصوغ التعجب، وتلك الشّروط هي كما يلي:
أن يكون الفعل ثلاثيًّا
أي أن يكون الفعل يتألّف من ثلاثة أحرف، فلا يمكن أن يُصاغ فعل التّعجّب من الفعل "انتقل، أو زلزل، أو لوّن" وذلك لأنّ جميع الأفعال السّابقة هي أفعال فوق الثّلاثيّة، بينما يمكننا التعجّب من الفعل "كمل" فيقال: ما أكملَ!
أن يكون الفعل تامًّا
أي أن يكون الفعل ليس من الأفعال الناقصة، فإن كان من الأفعال الناقصة "كان وأخواتها" أو "كاد وأخواتها" فلا يُصاغ منها الفعل على وزن فعل التّعجّب "أفعل"، وذلك على نحو: كان، وأصبح، وكاد، وأوشك، فإنّ جميع الأفعال السّابقة لا تصاغ على وزن الفعل وذلك لأنّها أفعال ناقصة.
بينما يمكننا التعجّب من الفعل "صدق" وذلك لأنه فعلٌ تام ليس من الأفعال الناقصة.
أن يكون الفعل مثبتًا
أي أن يكون الفعل غير منفيًّا، فلو كان الفعل منفيًّا فلا يصاغ على وزن فعل التّعجّب "أفعل"، وذلك على نحو: لا تقل، فإنّ الفعل السّابق قد سبق بنفي؛ لذا لا يصاغ منه الفعل.
أن يكون الفعل مبنيًّا للمعلوم
أي ألّا يكون مبنيًّا للمجهول، فلو كان مبنيًّا للمجهول فلا يمكن صوغه على وزن فعل التّعجّب "أفعل"، وذلك على نحو" أُكِلَ، ويُدرَس" فإنّ الفعلين السّابقين الأول منهما ماضٍ مبنٍ للمجهول، والثاني مضارعٍ مبنٍ للمجهول؛ لذا لا يصاغ الفعل منهما.
أن يكون الفعل قابلًا للتفاوت
أي أن يكون الفعل يمكن تفاوته أو تفاضله، فقد يكون عند أناسٍ أكثر من غيرهم، فإن لم يكن كذلك لا يصاغ على وزن فعل التّعجّب "أفعل"، وذلك على نحو: "فني، ومات" فإنّها أفعال غير قابلة للتفاوت، فلا يُصاغ منها الفعل.
ألّا تكون صفة الفعل على وزن "فعلاء"
أي ألّا يكون الوصف من الفعل على وزن "أفعل أو فعلاء للصفة المؤنثة"، وذلك على نحو: خضر، فإنّ الصّفة منه على وزن "أخضر للمذكّر، وخضراء للمؤنّث" لذا لا يصاغ منه الفعل أيضًا.
أن يكون الفعل متصرِّفًا
أي أن يكون الفعل يُصاغ من الماضي والمضارع والأمر، أي غير جامد، فإن كان جامدًا فلا يُصاغ منه فعل التّعجّب على وزن "أفعل"، وذلك على نحو "عسى" فإنّه فعلٌ جامدٌ لا يمكن صوغ الفعل منه.
أحكام أسلوب التعجب عند الخلل بإحدى القواعد
لأسلوب التعجّب أحكام عند حدوث خلل في إحدى القواعد السابقة، وتلك الأحكام هي:
- إذا وردت القواعد السابقة في الفعل المراد صوغ فعل التّعجّب منه فإنّه يصاغ مباشرةً من الفعل على وزن "أفعل"
وذلك على نحو: جمل، فإنّ الفعل السّابق هو ثلاثي، ومبني للمعلوم، وصفته "جميل" ليست على وزن أفعل، وقابل للتفاوت، وتام، ومثبت، ومتصرّف أيضًا، فيقال فيه "أجمل".
- إذا اختلّ أحد الشّروط السّابقة، يُتعجّب من الفعل بشكل غير مباشر، وذلك بوضع فعلٍ مناسب على وزن "أفعل"
وذلك على نحو: ما أجمل، وما أروع، وما أحسن، ثمّ نضع مصدر الفعل المراد التّعجّب منه الصّريح أو المؤوّل، وذلك على نحو: "اخضرّ الزرع" ما أحسنَ اخضرارَ الزرع، أو ما أحسنَ أن يخضرَّ الزرعُ.
- إذا كان ما اختلّ من الشروط هو الإثبات والبناء للمعلوم فكان الفعل إمّا منفيًّا أو مبنيًّا للمجهول، فيكون التعجّب منه بوضع فعلٍ مساعدٍ يليه المصدر الصّريح دون المؤول للفعل المراد التّعجّب منه
وذلك نحو: "يُكرَمُ المرءُ"، فيقال: ما أجمل أن يُكرَمُ المرءُ، ويمتنع استخدام المصدر الصّريح في هاتين الحالتين.
- إذا اختلّ بالفعل المراد صوغ فعل التّعجّب منه أحد هذه الشّروط "ثلاثي، صفته ليست على وزن أفعل، تامًّا"، في هذه الحالة يمكن صوغه بإضافة فعل مناسب على وزن "ما أفعل" ويؤتى بعده بالمصدر الصّريح أو المؤوّل، فيجوز الاثنان هنا
وذلك على نحو:
- كان الجوُّ لطيفًا
يمكن أن يقال: "ما أجمل أن يكون الجوُّ لطيفًا، أو ما أجملَ كونَ الجوِّ لطيفًا".
- اكتمل القمر
يجوز أن يقال: "ما أجمل أن يكتمل القمر، أو: ما أجملَ اكتمالَ القمرِ".
- احمر الزهر
فيجوز أن يقال: "ما أجملَ أن يحمرَّ الزهرُ، ويجوز أن يقال ما أجملَ احمرارَ الزّهر".
- إذا جاء الفعل غير قابل للتفاوت أو جامدًا، ففي هذه الحالة لا يتعجّب منه أبدًا، إذ لا يمكن التّعجّب من هذه الأفعال
وذلك على نحو: "عسى، وليس، ومات، وهلك".
أمثلة على أسلوب التعجب
من الأمثلة على أسلوب التعجب ما يلي:
- {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا}.
- {فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ}.
- يقول الشاعر:أكرم بقوم يزين القول فعلهم ** ما أقبح الخلف بين القول والعمل
- يقول الشاعر: ما أنضرَ الروضَ إبان الربيع وقد ** سقاه ماء الغوادي فهو ريان
- يقول الشاعر البحتري: بني تغلب أعزز عليّ بأن أرى ** دياركم أمست وليس لها أهل
- يقول الشاعر المتنبي: ما أبعدَ العيبَ والنقصان عن شرفي ** أنا الثّريا وذان الشيب والهرم
- يقول الشاعر أبو دلامة: ما أحسَنَ الدِّينَ والدُّنيا إذا اجتَمَعا ** وأقبَحَ الكُفرَ والإفلاسَ بالرَّجُلِ
- ما أصدقَ الطفلَ!