قصة أصحاب الجنة للأطفال
بستان الرجل الصالح ونصيب الفقراء منه
كان هناك رجلٌ صالحٌ يسير الحال يعيش في اليمن في قريةٍ تُدعى ضروان والتي تبعد ستّة أميالٍ عن مدينة صنعاء، وكان هذا الرّجل يملكُ بستاناً يزرعُ به أصنافاً من الثمار، وكان هذا الرجل يُعلِنُ عن يوم حصاد هذا البستان وجنيِ ثماره للفقراء؛ حتى يأتوا ليأخذوا نصيبهم ممّا رزقه الله -تعالى- صدقةً عنه وعن مالِه.
وفاة الرجل الصالح وانتقال البستان إلى أولاده
تَوفّى الله -عزّ وجلّ- هذا الرجل الصالح، وانتقل مُلك البستان إلى أبنائه، وفي ذلك العام الذي توفّي فيه والدهم تضاعفت ثمار بستانهم، فَأَغْرتهم تلك الزيادة في الثمار، وزيّنَ لهم الشيطان ذلك فوسوسَ لهم أن هذه الثمار إن بقوا يفعلون فعل أبيهم ستنقص وتنفد ولن يتبقّى لهم شيء، فقالوا: لقد كان أبانا أحمقاً عندما كان يُوزّع ثمار بستاننا على الفقراء ونحن الأحقّ بها.
قرار الأولاد ألا يطعموا الفقراء من بستانهم
قرّر الأبناء التوقّف عن إطعام الفقراء من بستانهم، وتوزيع ثماره عليهم، وخالفوا ما كان يفعله والدهم؛ حتى لا يقلّل ذلك من نصيبهم في الثمار، فحلفوا جميعاً أن يستيقظوا مبكّرين كي يقطفوا ثمارهم قبل أن يأتي الفقراء، حتى لا يعطوهم منها شيئاً، وناموا وهم عازمين على هذا الفعل الشنيع، قال -تعالى-: (إِنَّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ* وَلا يَسْتَثْنُونَ).
كيف عاقب الله أصحاب البستان على قرارهم؟
قال الله -تعالى-: (فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نائِمُونَ* فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ* فَتَنادَوْا مُصْبِحِينَ* أَنِ اغْدُوا عَلى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ* فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخافَتُونَ* أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ* وَغَدَوْا عَلى حَرْدٍ قادِرِينَ* فَلَمَّا رَأَوْها قالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ).
أرسل الله -تعالى- على بستانهم ليلاً عذاباً فجعلها مُحترقة لا خير فيها ولا ثمار، فأصبحت أرضاً فارغة قاحِلة جزاءً لما فعلوه، فلمّا استيقظوا صباحاً نادى بعضهم على بعض حتى ينهضوا ليفعلوا ما أقسموا عليه، وهو جني الثمار باكراً قبل أن يأتي عليهم الفقراء، فانطلقوا إلى بستانهم وهم يتخافتون فيما بينهم أنهم لن يُدخلوا البستان أيّ فقيرٍ أو مسكين، ومضُوا مصرّين على فعل ذلك، فعندما رأَوْا بستانهم تهيّأ لهم أنهم قد ضلّوا الطريق وذلك لأنّها أصبحت أرضاً فارغة لا ثمرفيها.
توبة أصحاب الجنة بعد العقوبة
قال -تعالى-: (بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ* قالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ* قالُوا سُبْحانَ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ* فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ* قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا طاغِينَ* عَسى رَبُّنا أَنْ يُبْدِلَنا خَيْراً مِنْها إِنَّا إِلى رَبِّنا راغِبُونَ ).
عندما رأى أصحاب البستان وتأكدوا أنّ هذا بستانهم وأنهم لم يضيعوا طريقه، علِموا أنّ الله -تعالى- أنزل على بستانهم العذاب وحرمهم منه جزاءً لفعلهم، وكان من بينهم واحدٌ كان قد حذّرهم وحاول نُصحهم ولكن بلا فائدة، فنزل عذابُ الله عليهم جميعاً، فأصبحوا يلومون بعضهم بعضاً على ما فعلوه، وبادروا بالتوبة إلى الله -عزّ وجلّ- واستغفاره والاعتراف بذنبهم؛ عسى أن يُبدِلهم الله ببستانٍ أفضل من الذي كان عندهم.
الدروس المستفادة من قصة أصحاب الجنة
هناك العديد من الدّروس والعبر المستفادة من قصة أصحاب الجنّة، نذكرها فيما يأتي:
- إنّ الدّنيا دار اختبار، فقد أعطى الله -تعالى- أصحاب الجنّة بستاناً مليئاً بأصناف الثمار ليشكروا الله -تعالى- عليه، وشكرهُ عليها يكون بإخراج الصدقات منها، فعذّبهم الله لأنّهم لم يشكروا نعمته عليهم وحرموا الفقراء من مال الله الذي عندهم.
- إنّ العزم والإصرار على الذنب يجلب العذاب، فقد أصرّ أصحاب الجنة على عدم إعطاء الفقراء من البستان، فعذّبهم الله -تعالى- قبل أن يقوموا بما أقسموا على فعله.
- إنّ الإنسان مهما دبّر وخطّط لفعله أتمّ التخطيط فإنّه ضعيفٌ أمام قدرة الله -تعالى-.
- التوبة وعدم الإصرار على الذنب والاعتراف به، فإنّ الله غفورٌ رحيم.
ملخص المقال: ذُكر في المقال أحداث قصة أصحاب الجنة الواردة في سورة القلم بطريقة مُبسطة، حيث اغترّوا ببساتين أبيهم بعد وفاته، وقرّروا منع حقّ الفقراء والمساكين منها حتى لا تنقص ثمارها، والعبرة المُستفادة منها الحرص على شكر النعم، وإعطاء حقوق الناس منها، وأن الانسان مهما دبر وخطط فإن الله هو المدبر والقادر على كل شيء.