قراءة في رواية زوربا
قراءة في رواية زوربا
تدور أحداث الرواية على إحدى شواطئ كريت ، حيث يلتقي رجلان من أجل استثمار منجم فحم، أحدهما هو الراوي الذي يحاول أن يفر من العالم المحموم المخيب للآمال، والآخر هو الماسيدوني الكسي زوربا، إنسان مقبل على الحياة مدهش ومغامر، سندباد بري، لذا يقرر الراوي أن يعهد إليه بالأعمال وإدارتها، ولهذا تنعقد أواصر الصداقة بينهم سريعًا.
صداقة بين هذا المتحضر الفيلسوف، وهذا المتوحش الذي تقوده غرائزه بقوة، فيعيش حياته بكل زخمها وجنونها، فيحب الطبيعة ويعشق المرأة، ويقص مغامراته الغرامية بحيوية وشغف، وفي أقواله حكم أروع مما في أقوال الفلاسفة ، وعلى الرغم من أن استثمار المنجم باء بالفشل، إلا أن القصة التي يعيشها القارئ مع البطلين ومع المرأة المغامرة التي تقع في حب زوربا، تجعل الرواية واحدة من روائع الأدب الحديث.
فزوربا بجنونه وحكمته وفلسفته في الحياة، لا يضع لنفسه حدود ولا يكف عما يشتهي ويحب، الأمر الذي يجعله يجيب بكل ثقة على التساؤلات التي تدور في نفس الراوي، ويخبره الكثير من أسرار الحياة ويعلمه الكثير من الأشياء.
إذ يعلمه أن الحياة رغم كونها غير مثالية لكنها جميلة ومليئة بالمفاجآت، وأن كل ما على المرء فعله هو عيشها كما هي، بمرارتها وعذوبتها، وكأنه سيموت بعد دقيقة، لذا تلخص زوربا قصة صداقة رجلين، الأول يعيش بين الكتب والأوراق، مما يجعل الكلمات هي نافذته الوحيدة التي يطل منها على الحياة، والثاني رجل يواجه الحياة بصدره، فأي منهما سيؤثر على تفكير الآخر؟
نبذة عن مؤلف رواية زوربا
مؤلف رواية زوربا هو نيكوس كازانتزاكيس، كاتب و فيلسوف يوناني ، ولد عام 1883م، واشتهر بروايته زوربا، التي حقق بها شهرة عالمية بعد أن تحولت لفيلم سينمائي عام 1964م، والفيلم من بطولة أنتوني كوين، إيرين باباس وآلان بيتس، ومن إخراج مايكل كاكويانيس.
آراء نقدية حول رواية زوربا
رواية زوربا هي رواية غيرت مجرى أفكار الكثير من الشباب المثقف، إذ أضافت لهم الرواية فكر جديد وهو فكر زوربا، الذي يشجعهم على حب الحياة بكل أشكالها والإقبال عليها ومحاولة عيشها ببساطة، وترك الحزن جانبًا، وعدم تذكره، وتذكر بدلًا منه الفرح واللحظات السعيدة فقط، حتى في أوقات الحزن الشديد.
إذ كان زوربا أفضل مثال على ذلك، فكان في أوقات حزنه الشديد أو سعادته الشديدة يرقص ويقفز فقط، لذا فإن الآراء حول الكتاب إيجابية، إذ تؤكد أنه لا يوجد إلا القليل من الكتب التي تستطيع تغيير موقف أو نظرة الناس إلى الحياة، ورواية زوربا من الروايات النادرة التي تترك هذا الأثر في نفوس قرائها.
وبسبب تأثيرها القوي لم يقتصر وجودها على مجال الرواية فقط، بل امتد إلى السينما والموسيقى والفلسفة، لأنها كانت من أنواع الروايات التي تحث على التفكير.
اقتباسات من رواية زوربا
هناك الكثير من العبارات الخالدة التي تمتلئ بها رواية زوربا، ومن أفضل وأجمل الاقتباسات التي يمكن أخذها منها ما يأتي:
- إن الإنسان قلما يحس بالسعادة وهو يمارسها، فإذا ما انتهت سعادته ورجع ببصره إليها أحس فجأة وبشيء من الدهشة في بعض الأحيان، بروعة السعادة التي كان ينعم بها.
- عندما يصبح الإنسان بلا أسنان يسهل عليه أن يقول: "من العار أن تعضّوا أيها الرفاق".
- حافظ على المسافات أيها الرئيس، لا تشجِّع البشرَ كثيرًا، ولا تقل لهم إنّنا جميعًا متساوون، وإنّ لنا جميعًا الحقوق نفسَها، وإلاّ فإنّهم سيدوسون حقَّك أنت، ويسرقون خبزك ويتركونك تفطس من الجوع، حافظ على المسافات أيها الرئيس، من أجل الخير الذي أريده لك.
- ذات مرّة اشتغلت فخّاراً، ولقد أحببت هذه المهنة كالمجنون، أتعرف ماذا يعني أن تأخذ كميّة من الطين وتفعل منها ما تريد؟ تسيّر الدولاب ويدور الطين كالممسوس بينما تقف أنت فوقه وتقول: سأصنع جرة، سأصنع صفحة، سأصنع قنديلاً، وكل ما أريد، مهما كان، هذا ما يجعلك إنسانا؛ الحرّيّة .
- إنّني أقول لنفسي الآن وقد رجَح عقلي بعض الشيء، ما هذه الثورة؟ نلقي بأنفسنا على إنسان لم يفعل لنا شيئًا، ونعضّه، ونجدع أنفه، ونقطع أذنيه، ونبقر بطنه، وكلّ ذلك ونحن نطلب العون من الله، وبمعنى آخر، إنّنا نطلب منه هو أيضًا، أن يجدع أنوفاً وآذاناً ويبقر بطوناً.