قانون السعادة
السّعادة
السّعادة في اللغة هي اسمٌ مصدره سَعِدَ وجَمعُهُ سعداء، ومفهوم السّعادة يختلف من زمانٍ إلى آخرٍ ومن شخصٍ إلى آخرٍ، وذلك بعد أن أصبحت السّعادة حالياً مُعقّدةً وليست بسيطةً، إضافةً إلى تشابك مفهوم السّعادة مع الرِّضا والرَّفاهيّة، والسّعادة شعورٌ لا يقتصر على المُترَفين، بل تكون في متعة الحياة وبهجتها، وكذلك في إبداعاتنا وفي التّغيّرات الّتي تحصل حولنا، وقد قال ماثيو ريكارد المشهور بما يكتبه عن السّعادة والرّضا أنّ السّعادة من الممكن التّدرُب عليها، وأنّ حاجة الإنسان إلى السّعادة والرضا الدّائمة الطّويلة تأتي من خلال سعيه وراء متاع الحياة.
قانون السّعادة
لكي نصل إلى السّعادة لا بدّ لنا من الالتزام بقوانينها الّتي بدورها سوف تجعلنا ننعم بها نحن ومن حولنا، ومن قوانين السّعادة:
- لا يمكننا إسعاد الجميع: هذا القانون يعلِّمنا الكثير من الأمور في حياتنا، فنحن لن نستطيع أن نُرضي جميع من حولنا، ولا يجب علينا أن نتأثّر بشخص شعرنا بعدم حبّه لنا، فنحن لسنا مسؤولين عن هذه المشاعر، كما أنّ من حولنا من أحبابٍ وأصدقاءٍ سيبقون إلى جانبنا دون أن نبذل قصارى جهدنا لإبقائهم حولنا.
- احصل على ما يكفيك من النّوم : فالنّوم يمنح الجسم الرّاحة والطّاقة، ولا تلتفت أو تنظر لأحد، فالسّاعات الّتي يحتاجها غيرك في النّوم قد لا تُناسبك.
- علاقتك بالنّاس: أنت القادر على تحديدها، فالأشخاص المزعجون في حياتك الذين يُسبّبون لك شعوراً بالضّيق، فإنّ علاقتك بهم من الممكن أن يكون فيها شيء خاطئ. إنّ علاقتك بمن حولك لا بدَّ وأن تجعلك تتقدَّم وتُعطيك دافعاً للنّجاح، وهذا شيءٌ سيجعلك تشعر بالسّعادة والرّضا.
- لا تؤجّل عمل اليوم إلى الغد: هذه المقولة ستجعلك تشعر بالسّعادة إن كنت تُطبّقها في حياتك، فتأجيل واجباتك لن يعطيك إلّا زيادة في الأعمال المتراكمة عليك، لذا عليك القيام بعملك دون تأجيل حتّى تشعر بسعادةٍ وراحةٍ بعد إنجازك لعملك.
- القاعدة الذهبيّة الأساسيّة للسّعادة هي الانتباه للرّشاقة والتي سوف تجعلك راضٍ عن نفسك داخليّاً وخارجيّاً: إنّ الانتباه لطريقة حياتك وصحّتك تجعلك أكثر ثقةً بنفسك فضلاً عن أنّها مفيدةٌ من النّاحية الصّحيّة، فالرّشاقة وممارسة الرّياضة كنزٌ لا يعلمه الكثيرون لما لها من فوائد صحيّةٍ للجسم والعقل.
- السّعادة لا تتعلّق بنا فقط بمجرّد حصولنا على ما نريد من الأموال والشّهادات وامتلاكنا لكل ما نحتاجه: إنّ قدرتك على منح السّعادة لغيرك تجعلك أكثر سعادةً ورضا، فمساعدتك للآخرين هي إحدى الحلول لمشاكلك وقد تكون الحل الوحيد، حتّى لو كانت مساعدتك للآخرين صغيرةً جداً، فبمجرّد أن ترى ابتسامة غيرك قد تجعلك تشعر بأنّك قمت بعملٍ كبيرٍ سيسعدك ويدفعك إلى الأمام.
في حديث الدّكتور جاسم المطوّع عن تجربته لقانون السّعادة اكتشف أنّ عمل خطّةٍ لحياته قد ساعدته كثيراً في تنظيم أموره وتحقيق أهدافه؛ حيثُ قام بتقييم نفسه في جميع مجالات حياته المهمّة، وهو ما يُسمّى قانون السّعادة 8x3، وسنذكر لك كيفيّة تطبيق هذا القانون، وهي كالتالي: قيّم نفسك في مجالاتٍ ثمانيةٍ مهمّةٍ من واحد إلى عشرة، وهذه المجالات هي ( الصّحة ، وعلاقتك وإيمانك بربك، وترفيهك ولعبك، والعائلة والأصدقاء، وأموالك واستثماراتك، ومشاعرك، وتعليمك، وخدمتك لمجتمعك)، وإذا وجدتَ أنّ أحد هذه المجالات كان تقييمها أقلّ من خمسة، فهذا يعني أنّ عليك أن تُخصّص وقتاً أكبر لزيادة هذا التقييم حتّى تحصل على سعادةٍ ورضا في حياتك، وفي هذه المجالات هنالك أربعة مجالات لا يجب أن تقل درجة تقييمك فيها أقل من ستة درجات، وهي: الصّحة، والتّعليم ، والعائلة، والدّين، فهذه المجالات لها الاْولويّة في حياتك.
عند قيامك بترتيب أولوياتك في الحياة على هذا النّحو وتقييمك لها، فإنّك سوف تجد أين تكمن نقاط ضعفك ونقاط قوّتك، وهذه بداية طريقك نحو السّعادة ، وبعد أن قمت بتقييم نفسك عبر هذا القانون ابدأ بعدها بوضع خطّةٍ لك، واجعلها في متناول يدك، وانظر إليها يوميّاً كلّ صباح ستجد نفسك قد تغيّرت من يوم إلى آخر وستجد نفسك سعيداً، فالسّعادة كما تحدّث عنها الدّكتور جاسم المطوّع تكمن في متعة الإنجاز وقوّة الإيمان وليس في تملّك الأشياء، بل إنّ الخسارة والفقر قد نجد فيهما سعادة؛ وذلك لأنّ الخسارة تُرشِدنا وتقودنا إلى النّصر والرّبح والفوز.
السّعادة عند الفلاسفة
اختلف الفلاسفة في مفهوم السّعادة والأشياء الّتي تجعل الإنسان سعيداً في حياته، ومن هذه الآراء:
- السّعادة تُعتبر لذّة، أو أنّ لها ارتباط وثيقٌ باللذة التي لا وجود للألم والإزعاج فيها، وهذا ما ذكره أرسطو عندما تحدّث عن السّعادة.
- الفيلسوف توما الإكويني تحدّث عن أنّ السّعادة البشريّة التّامة تكون عند قدرة الإنسان على رؤية جوهر الإله.
- السّعادة عند الفيلسوف سبينوزا كما ذكرها في كتابه الأخلاق تعني الغبطة (الفرح) التي نشعر بها وندركها عند تحرُّرنا من الخرافات والأهواء.
- السّعادة كما يصفها كل من جيرمي بنثام وستيوارت مل هي لذّةٌ بمختلف أساليبها، وقد كان بينثام يربط سعادة الفرد بسعادة المجموعة، والسّعادة الكبيرة تأتي من السّلوك الصّحيح في رأيهما.
- الفارابي ذكر السّعادة ووصفها بأنّها أعظم الخيرات.
- الإمام الغزالي يرى أنّ معرفة الله عزّ وجل هي أساس السّعادة واللذّة عند الإنسان، وقد تحدّث تفصيلاً عن اللذة، فلذّة العين تكمن برؤيتها للصّور الحسنة، ولذّة الأذن هي سماعها للأصوات الطّيبة، ولذّة القلب تكمن في معرفة الله تعالى، فكلّما كان القلب قريباً من ربِّه كلّما كان مخلوقاً سعيداً.
- يرى الفيلسوف آلان باديو أنّ الإنسان يكون سعيداً عندما يتمسّك بالرّغبة في الفلسفة ؛ وذلك يجعله قادراً على التّمييز بين السّعادة الحقيقيّة وسعادة إشباع الرّغبات، وحتّى تكون سعيداً لا بدّ لك من أن تكون راغباً في تغيير العالم، فيرى باديو أنّ السّعادة الحقيقيّة تكمن في متعة المستحيل.
- زيغمونت باومان تحدّث عن السّعادة بوصفها كِفاحاً وليست مكافأةً، كما أنّها ليست فرحاً دائماً.
دراسة عن السّعادة
في دراسةٍ أُجريَت على مجموعةٍ من النّاس السّعداء في حياتهم لمعرفة الفرق بينهم وين النّاس العاديين، تمّ الكشف عن أنّ الإنسان السّعيد يشعر بنفس المشاعر السّلبيّة التي يشعر بها الإنسان التّعيس؛ إلّا أنّ الفرق الوحيد هو أنّ الإنسان السّعيد يتعافى بشكلٍ أسرع من مشاعره السّلبية؛ لأنّه قام يتطوير مناعةٍ لنفسه ضدّ تلك المشاعر، لهذا فإنّ السّعادة ليست دائمةً، فلا يوجد إنسانٌ سعيدٌ طوال حياته.