فوائد وعبر من سورة طه
فوائد وعبر من سورة طه
سورة طه من السور المكية ، عدد آياتها مئة وخمسة وثلاثون آية، تضمنت مواضيع القرآن المكي؛ فقد ذكر فيها الحديث عن البعث، وأهوال يوم القيامة، وفيها قصة سيدنا موسى -عليه السلام-، مع فرعون والسحرة وغيرها من مواضيع القرآن المكي.
فوائد وعبر من قصة سيدنا موسى عليه السلام
جاءت قصة سيدنا موسى -عليه السلام- تسلية لنبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-؛ لما كان يلاقيه من أذى قريش وصدّهم عن سبيل الله، وقد كان لقصة موسى -عليه السلام- النصيب الأكبر من السورة؛ ففيها من العبر ما يثبت فؤاده -عليه الصلاة والسلام-، نذكر منها:
دعوة الأنبياء واحدة
فجميع الرسالات السماوية متحدة في أصلها وموضوعها؛ وهو توحيد الله -عز وجل- وإخلاص العبادة له -سبحانه-، قال -تعالى-: (إِنَّني أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلّا أَنا فَاعبُدني وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكري ).
تدبير الله لدعوته
وتهيئة الأسباب، فكان تدبيره لدعوة موسى مذ كان في مهده؛ ليأخذه عدو الله فرعون، ويتربى في كنفه، فسبحان من ألقى محبته على أهل بيت عدوه فرعون، قال -تعالى-: (أَنِ اقذِفيهِ فِي التّابوتِ فَاقذِفيهِ فِي اليَمِّ فَليُلقِهِ اليَمُّ بِالسّاحِلِ يَأخُذهُ عَدُوٌّ لي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلقَيتُ عَلَيكَ مَحَبَّةً مِنّي وَلِتُصنَعَ عَلى عَيني).
دعوة فرعون بالقول اللين
فالدعوة إلى الله تكون بالحكمة والموعظة الحسنة ، قال -تعالى- مخاطباً موسى وأخاه هارون: (اذهَبا إِلى فِرعَونَ إِنَّهُ طَغى* فَقولا لَهُ قَولًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَو يَخشى).
التكذيب والاستكبار
وشدة تصلب فرعون في كفره؛ كما هو ديدن الكافرين في كل زمان ومكان، فبعد أن دعاه موسى لتوحيد الله وعبادته، وقدم معجزاته: العصا، وإخراج يده من جيبه بيضاء وغيرها، رغم كل ذلك استكبر فرعون، وكذب موسى، واتهمه بالسحر قال -تعالى-: (وَلَقَد أَرَيناهُ آياتِنا كُلَّها فَكَذَّبَ وَأَبى).
حشد الطاقات لمحاربة دعوة الحق
وهو من أساليب الكافرين في الصد عن سبيل الله؛ لمّا رأى فرعون معجزات موسى -عليه السلام- أرسل في المدائن حاشرين؛ ليأتي بكل سحار عليم، قال -تعالى-: (فَتَوَلّى فِرعَونُ فَجَمَعَ كَيدَهُ ثُمَّ أَتى).
تعتري الأنبياء مشاعر إنسانية
كالخوف، فهم بشر مثلنا؛ وهو الأمر الذي وقع فيه نبي الله موسى؛ لما رأى حشداً من السحرة يلقون أعمالهم أمام عصى واحدة، قال -تعالى-: (وألق ما في يمينِكَ تَلقَف ما صَنَعوا إِنَّما صَنَعوا كَيدُ ساحِرٍ وَلا يُفلِحُ السّاحِرُ حَيثُ أَتى).
إيمان السحرة بدعوة موسى
لما رأوا صدق معجزته، مع ثباتهم على الحق بالرغم من تهديد فرعون لهم؛ بجعلهم في جذوع النخل والصلب عليها، وهذا أشق من الصلب على غيرها؛ فهي خشنة وعالية، قال -تعالى-: (فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيدِيَكُم وَأَرجُلَكُم مِن خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُم في جُذوعِ النَّخلِ وَلَتَعلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذابًا وَأَبقى).
ضرب الأمثلة في القدوة الحسنة
فقد ضربوا للمؤمنين من بعدهم مثلاً يتلى إلى يوم القيامة في الثبات على الحق، وتحمل الأذى في سبيل الإيمان بالله ، قال -تعالى-: (قالوا لَن نُؤثِرَكَ عَلى ما جاءَنا مِنَ البَيِّناتِ وَالَّذي فَطَرَنا فَاقضِ ما أَنتَ قاضٍ إِنَّما تَقضي هـذِهِ الحَياةَ الدُّنيا).
صبر سيدنا موسى على انحراف بني إسرائيل
عن التوحيد بعد أن حررهم من عبودية فرعون، وجاوز بهم البحر وخلصهم الله من ظلم فرعون، وكان الله -عز وجل- قد واعدهم جانب الطور؛ لينزل على موسى التوراة بحضرتهم، فتعجل موسى للقاء الله؛ فعبدوا من بعده العجل وأضلهم السامري .
قال -تعالى-: (وَما أَعجَلَكَ عَن قَومِكَ يا موسى *قالَ هُم أُولاءِ عَلى أَثَري وَعَجِلتُ إِلَيكَ رَبِّ لِتَرضى *قالَ فَإِنّا قَد فَتَنّا قَومَكَ مِن بَعدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السّامِرِيُّ *فَرَجَعَ موسى إِلى قَومِهِ غَضبانَ أَسِفًا قالَ يا قَومِ أَلَم يَعِدكُم رَبُّكُم وَعدًا حَسَنًا أَفَطالَ عَلَيكُمُ العَهدُ أَم أَرَدتُم أَن يَحِلَّ عَلَيكُم غَضَبٌ مِن رَبِّكُم فَأَخلَفتُم مَوعِدي).
لا بد لمن خالف الأنبياء أن يأخذه الله بعذاب
من عنده أو يهلكه كما أهلك فرعون وجنوده؛ فكان للسامري الذي أضل بني إسرائيل عذاب من نوع خاص، قال -تعالى-: (قالَ فَاذهَب فَإِنَّ لَكَ فِي الحَياةِ أَن تَقولَ لا مِساسَ).
كانت هذه بعض الفوائد من قصة سيدنا موسى -عليه السلام-،التي كان فيها من العبر ما يثبت فؤاد نبينا، ويهدينا سبيل المؤمنين ممن سبقنا من الأمم، نسأل الله أن يلحقنا في عباده الصالحين.