أشعار صباحية
قصيدة هزم الصباح طلائع الظلماء
يقول الشاعر ابن مليك الحموي:
هزم الصباح طلائع الظلماء
- وأتاك تحت عصابة بيضاء
وإليك أطلع من سناه غرة
- قد أسفرت عن بهجة وضياء
ونأى غراب الليل قم واجنح إلى
- شدو الهزار وخل عنك النائي
فالشمس ضاءت من مطالع أفقها
- وسمت ببدر خبائها الآلاء
وغدا النسيم مشببًا وتراقصت
- سمر القدود على غدا الورقاء
وتخطرت أعطاف أغصان النقا
- وتمايلت كتمايل الخيلاء
وكسا الربيع الأرض حلة سندس
- بالوشي حاكتها يد الأنواء
وزهت ثغور الأقحوان على الربا
- وتبسمت عن لؤلؤ الأنداء
والروض بين مديح ومتوج
- ومعطر ومعنبر الأرجاء
قصيدة صباح الخير
يقول الشاعر محمد رشيد ناصر ذوق:
- صباحُ الوردِ يا قمري
- وعطرُ المسكِ والعنبرْ
- ورغم العمرِ يا عمري
- جمالك لمْ يزل يُبهِرْ
- وفاتنةٌ، وفي العشرين
- بانتْ أختك الأصغرْ
- صباح الزهرِ والأنسِ
- وبوح القولِ والهمسِ
- وشوق اليومِ للأمسِ
- وثغرُ حلاوةِ السكر
- ففي العينينِ أسرارٌ
- وما يغريني أن أُبحِرْ
- صباحك وردةُ الصاحي
- وخديكِ كتفاحِ
- ووجهك كل أفراحي
- وأقلامي وأقداحي
- سلامكِ نورُ أصباحي
- وتصبح خطوتي أكبرْ
- فروحي أنت بلسمها
- وحسنُ القدِّ والمظهرْ
- تُحِسُّ بعطرك الدافئ
- فينبتُ وردُها الأحمرْ
- صباح النورِ والبخورِ
- لهيبٌ غصنك الأخضرْ
- وبين الثغر والقلب
- وشوق الحرف للكُتُبِ
- وعشق الأذن للطربِ
- ورسم الحبر والدفترْ
- تعالي اليوم زوريني
- لعلي بصدرك أصهرْ
- وناديني وضميني
- إلى عينيك كي أسهرْ
- كلؤلؤة من الشرقِ
- يهل الصبح من غسقِ
- تعالي كنسمة العشقِ
:لتمسحي جرحي الأغبرْ
- بشعرٍ يعشقُ الكتفينِ
- كليلِ الصيفِ لو يسهرْ
- فشوقي إليك يكويني
- أنا في سِحركِ أسكرْ
- ولون الدمعِ في الهدبِ
- وصوت الجمرِ في القصبِ
- أقلبي مكلل بالحبِّ ؟
- أم بالشوق؟ لا أذكر
قصيدة نهض الصباح على فمك
يقول الشاعر أيمن اللبدي:
- نهضَ الصباحُ على فمكْ
- واشتقَّ جملتهُ الوحيدةَ
- وانتشى
- لا ليلَ يفترسُ الجوارْ
- لا شوكَ ينتزعُ الجدارْ
- لا وحشَ يخترعُ الحصارْ
- لا شكَّ يفترشُ السوارْ
- فسبا الخيولْ
- ونما بهياً في يدكْ
- نهضَ الصباحُ على فمك...
- نهضَ الصباحُ على فمك
- فدعيهِ منتحراً هناكَ إذا ترجَّلَ في الختام
- ودعي التماهيَ في الإطارْ
- وخذي من العمرِ الفنارْ
- مسكونتان بوهجهِ منذُ القيام
- شفةَُ الذبيحِ على السؤالِ
- وحارةَُ العشقِ معك
- نهضَ الصباحُ على فمك...
- هل يُتعبُ الشوقُ اللقاءَ إذا ترنَّحَ في الفلكْ؟
- وإذا استقرَّ من الغيابِ على الحجاب؟
- وإذا تمادى في التوحُّدِ
- مثلَ جرحٍ مشتبكْ؟!
- من رحلةٍ بينَ النوارسِ كانَ رمشاً في المكاحلِ
- واحتمالاً في المراحلِ
- إنما كانَ الحكاية
- وافتتاحاً في دمكْ
- نهضَ الصباحُ على فمك.....
- نهضَ الصباحُ على فمكْ
- لا تصمتي حذرَ السفوح
- ولا تشقّي في المرايا ما استراحت من ظنون
- ليسَ الولوجُ سوى لجرحٍِ محترق
- فإذا كفرتِ بما تنفَّسَ في الحجابِ
- تذكّري أنَّ الجوابَ إذا تمادى
- كانَ جزءاً من سؤالٍ مرتبك
- نهضَ الصباحُ على فمكْ.....
- نهضَ الصباحُ على فمك
- يا ساحةَ البحر الوحيدة
- منذَُ أن كانت له الشطآنُ غاية
- منكِ الوصولُ إليكِ آية
- أيُّ شيءٍ نازعك؟!
- ليسَ في النورِ الغواية
- فاستريحي ما انتهك
- نهضَ الصباحُ على فمك....
- نهضَ الصباحُ على فمك
- أبقيهِ حيثُ أرادَ مشتعلَ الجنونِ
- ومستفزاً للضحك
- أشقى من الحبِّ الكسولِ
- حجارةٌ في الذاكرة
- فاتركيها حاضرة
- هي ومضةَُ الحبِّ الفريدِ
- وجوقةَُ السحرِ العنيدِ
- وباحةَُ الخطوِ الوئيدِ
- بما تيسَّرَ من وفاءٍ منهمك
- نهضَ الصباحُ على فمك...
قصيدة صباح الخير يا عمري
يقول الشاعر صباح الحكيم:
- صباح الخير يا عمري
- صباح النبض في صدري
- صباح اللوز والتفاح
- وعطرُ ودادنا الفواحْ
- ونسماتِ الهوى الصافي
- من المحبوب كالإصباح
- أتى في ليلِ أحزاني
- فأطربني
- وأسكرني
- وروّاني
- نضارة وجهه ألحاني
- بصوت الحب ناداني
- نداءً.. فاح بالنعناع
- وعطراً.. ضاعَ في الأضلاع
- فغنى بلبلُ القلبِ
- وشدو سار في نبضي
- فحنّت كل أوتاري
- لطيب الفلِ والأقداح
- ونور الشهد أغراني
- فأحياني
- بَريقٌ مالَ في صدري
- فداعبَ كلَّ أغصاني
- بدفء غنائه الشادي..
- على قلبي سرت أنواره ألوانْ
- أريجٌ ماج بالتحنانْ
- فناءت كُلّ أشجاني
- وأهداني فنون الحب و الإخلاص
:فغنى طير أشواقي
- ونوّر ليلَ أحداقي
- فسارت كل أوردتي
- وأمواجي
- إلى مرسى
- الذي في القلب مسكنهُ
- يناغيه
- بلحنٍ صبَّ في شفتي
- وأنهار ألهنا تنساب كالشلال
- فألهبني صدى الموال
- في الإصباح والإمساءْ
- أنا والله مصلوبةْ
- وفي ذاتي
- أصلي كل أوقاتي
- وأجري فوق خطواتي
- وصمت الوجد في صدري
- يلازمني
- يراود موجه سفني
- فيوصلني إلى حدِّ المتاهاتِ
- أنا ظمآنة الأفراح
- أنا أحيا على الأتراح
- أتيتكَ فوق آهاتي
- تناديني جراحاتي
- فخذني يا حبيب العمر
- واغسلني من الأحزان
- لأشعر بعد حرماني
- بأني مثل عصفورة
- ترفرف في فضا الأكوان
- ودع شفتيك في شفتي
- تبوح الحب
- للأزهار
- والأشجار
- كالخلجان
قصيدة سأمدح هذا الصباح
يقول الشاعر محمود درويش :
- سَأمْدَحُ هذَا الصَّباحَ الجَديد، سَأَنْسَى اللَّيَالَي، كُلَّ اللِّيَالي
- وَأَمشِي إلَى وَرْدَةِ الجَار، أَخْطفُ مِنْهَا طَريقَتَهَا فِي الفَرَحْ
- سَأقْطِفُ فَاكهَة الضَّوْء مِنْ شَجرٍ واقفٍ للْجَميعْ
- سَأَمْلكُ وَقْتاً لأسْمَعَ لحن الزّفاف على ريشِ هذَا الحمامْ
- سلامٌ على كُلِّ شَيْءٍ... شوارعُ كالنَّاس واقفةٌ بَيْن يوْمَيْن
- لا تملك الأرْض غَيْرُ الطُّيوْر التي حَلَّقتْ فَوْقَ سَطْح الغناء،
- ولا يَمْلك الطَّيْرَ غَيْرُ الفَضَاءِ المُعَلَّقِ فوق أَعَالي الشَّجَرْ
- سلامٌ عَلَى نَوْمِ مَنْ يَمْلكُون من الوَقْتِ وَقتاً لِكَيْ يَقْرأوا.. وسلام على المُتْعبَينْ
- أَفي مِثْلِ هَذَا الصَّبَاح القَويَّ تَقُولينَ لِي: سَأَعُودُ إلَى بَيْتِ أْمِّي؟
- أَفِي مِثْلِ هَذَا الصَّبَاح تُعِيدينَ قَلْبِي عَلَى طَبَقٍ مِنْ وَرَقْ؟
قصيدة هذا الصباحُ صباحُ الشيب قد وَضَحا
يقول ابن زمرك:
هذا الصباحُ صباحُ الشيب قد وَضَحا
- سَرعان ما كان ليلاً فاستنار ضُحى
للدهر لونان من نور ومن غسق
- هذا يعاقب هذا كلما بَرحا
وتلك صبغته أعدى بنيه بها
- إذا تراخى مجال العمر وانفسَحَا
ما ينكر المرءُ من نورِ جلا غسقاً
- ما لم يكن لأماني النفس مُطَّرِحا
إذا رأيت بروق الشيب قد بسمت
- بمفرقٍ فمُحيَّا العيش قد كَلَحَا
يلقى المشيبَ بإجلال وتكرِمةٍ
- من قد أعدّ من الأعمال ما صَلَحَا
أمّا ومثليَ لم يبرحْ يُعلِّلُهُ
- من النسيم عليلٌ كلمّا نَفَحا
والبرقُ ما لاح في الظلماء مبتسمًا
- من جانب السفح إلا دمعَه سَفَحا
فما له برقيب الشيب من قِبَلٍ
- من بعد ما لامَ في شأنِ الهوى ولَحَا
يأبَى وفائيَ أن أصغي للائمةٍ
- وأن أطيع عذولي غَشَّ أو نَصَحا
يا أهل نجد سقى الوسميُّ ربعَكُمُ
- غيثاً يُنيلُ غليلَ التُّربِ ما اقترحا
ما للفؤاد إذا هبَت يمانيةٌ
- تُهديه أنفاسُها الأشجانَ والبُرَحا
يا حَبَذا نسمةٌ من أرضكم نَفَحت
- وحَبَّذا ربربٌ من جَوُكُمُ سَنَحَا
يا جيرةً تعرفُ الأحياءُ جودَهُمُ
- ما ضَرَّ من ضنَّ بالإحسان لو سمحا
ما شِمتُ بارقةً من جوٌ كاظمةٍ
- إلاَّ وبتُّ لزند الشوق مُقتدحا
في ذمَّةِ الله قلبي ما أعلُلُهُ
- بالقرب إلا وعادَ القربُ مُنْتَزَحا
كم ليلةٍ والدجى راعت جوانبُها
- قلبَ الجبان فما ينفكُ مُطَّرَحا
سريتُها ونجومُ الأفق فيه طفَتْ
- جواهراً وعبابُ الليل قد طفحا
بسابحٍ أهتدي ليلاً بغرّتِهِ
- والبدر في لجة الظلماء قد سبحا
والسحبُ تنثر دُرَّ الدمع من فَرَقٍ
- والجوُّ يخلعُ من برق الدّجى وُشُحا
ما طالبتُ همّتي دهري بمَعُلُوَةٍ
- إلاّ بلغتُ من الأيّام مُقْتَرحا
ولا أدرتُ كؤوس العزم مُغتبقاً
- إلا أدرتُ كؤوس العزِّ مُصطبحا
هذا وكل الذي قد نلت من أمل
- مثلَ الخيال تراءى ثُمَّتَ انْتَزَحا
كم يكدحُ المرءُ لا يدري مَنِيَتَهُ
- أليسَ كلُّ امرئ يُجزى بما كَدَحا
وارحمتا لشبابي ضاع أطيبُهُ
- فما فرحتُ به قد عاد لي تَرَحا
أليس أيّامنا اللائي سلفن لنا
- منازلاً أعلمت فيها الخطا مرحا
إنّا إلى الله ما أَوْلى المتابَ بنا
- لو أَنْ قلباً إلى التوفيق قد جَنَحا
الحقُّ أبلَجُ والمنجاة عن كثبِ
- والأمر للهِ والعُقبى لمن صَلَحا
يا ويحَ نفس توانَت عن مراشدِها
- وطرفها في عنان الغَيِّ قد جَمَحَا
ترجو الخلاص ولم تنهجُ مسالِكها
- من باعَ رشداً بِغَيَّ قلّما ربحا
يا رَبِّ صفحَك يرجو كلُّ مُقترفٍ
- فأنت أكرمُ من يعفو ومن صَفَحا
يا ربِّ لا سببٌ أرجو الخلاصَ به
- إلا الرسولَ ولطفاً منك إن نفحا
فما لجأتُ له في دفع مُعْضِلَةٍ
- إلاّ وجدتُ جَناب اللّطف مُنفسحا