فوائد الورد اليومي في حياة المسلم
فوائد الورد اليومي في حياة المسلم
قراءة القرآن الكريم من أعظم الأعمال التي يصنعها المؤمن؛ فهو يعبد الله -تعالى- بترتيل آياته وقراءتها، فالعين التي تتقلب بين آيات الله كل يوم، هي في نعمةٍ وراحةٍ، والقلب الذي يتبصّر في آيات الله، والعقل الذي يتفكّر فيها حتمًا في خيرٍ وراحةٍ وسعادةٍ، قال -تعالى-: (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشقى).
فقراءة القرآن هي من أعظم الخشوع، والقرب من الله تعالى وطاعته، فالإنسان يرتقي بأعماله الصالحة، ومن هذه الأعمال الصالحة القرآن، بل هو من أعظمها، فهذا القرآن شفيعٌ لأصحابه يوم القيامة، قال -عليه الصلاة والسلام-: (اقْرَؤُوا القُرْآنَ فإنَّه يَأْتي يَومَ القِيامَةِ شَفِيعًا لأَصْحابِهِ، اقْرَؤُوا الزَّهْراوَيْنِ البَقَرَةَ، وسُورَةَ آلِ عِمْرانَ، فإنَّهُما تَأْتِيانِ يَومَ القِيامَةِ كَأنَّهُما غَمامَتانِ، أوْ كَأنَّهُما غَيايَتانِ، أوْ كَأنَّهُما فِرْقانِ مِن طَيْرٍ صَوافَّ، تُحاجَّانِ عن أصْحابِهِما، اقْرَؤُوا سُورَةَ البَقَرَةِ، فإنَّ أخْذَها بَرَكَةٌ، وتَرْكَها حَسْرَةٌ، ولا تَسْتَطِيعُها البَطَلَةُ. قالَ مُعاوِيَةُ: بَلَغَنِي أنَّ البَطَلَةَ: السَّحَرَةُ).
فكيف للإنسان بهذا الموقف العظيم يوم القيامة، حين يكون في أمسّ الحاجة للشفاعة ولمغفرة الله تعالى لذنوبه، وفي ذلك الموقف تحديدًا يجيء القرآن الكريم شفيعًا لصاحبه وقارئهن، فكيف لمن علم كل ذلك أن يهجر القرآن الكريم وقراءته؟! وكما قال الشاعر في أثر القرآن على نفسه:
وأصغي إلى وحي السماء يهزّني *** وينساب في الأحشاء كالنبع صافيا
فأغسل قلبي في مناهل طهره *** وأروى به من كان ظمآن صاديا
تحاول أعماقي تشرب روحه *** لأصبح قرآنًا على الأرض ماشيا
كيف نتلقّى القرآن؟
أوّل ما ينبغي على المسلم هو أن يثق ثقةً مطلقةً بأنّ هذا الكلام هو كلام الله -عزّ وجلّ-؛ فيوقن بصدق ما فيه من أخبار الماضي والمستقبل ومن معجزاتٍ تشريعيَّةٍ وخلقيَّةٍ وغير ذلك ممّا في كتاب الله العزيز؛ فإذا استحضر المؤمن ذلك، تيسّر له التلذذ بما في كتاب الله -تعالى-.
وينبغي على المؤمن أن يقرأه وهو يعلم أنّه هو المخاطب في هذه الآيات، وأنّ هذا القرآن صالحٌ لكلّ زمانٍ ومكانٍ؛ فمن وصل إلى هذه المرحلة استطاع أن يصل إلى الراحة بكلام الله -تعالى-؛ إذ العبرة بعموم لفظ القرآن الكريم.
فالوقائع والأحداث التي كانت أسباباً لنزول الآيات إنما هي لتعطي الإنسان عبراً وأحكاماً وقواعد تصلح لكل زمان ومكان، وينبغي على الإنسان أن يكون أيضًا متخلِّقًا بأخلاق القرآن ويعمل بما في كتاب الله -عزّ وجلّ-؛ ليكون خُلقه القرآن كما كان النبي -صلى الله عليه وسلم-.
مواقف للنبي صلى الله عليه وسلم مع حثّ الصحابة على ملازمة القرآن الكريم
كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يحثّ صحابته -رضي الله عنهم- على ملازمة القرآن الكريم، وورد ذلك في مواطن عدَّةٍ، منها ما يأتي:
- عن طلحة -رضي الله عنه- قال: (سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بنَ أبِي أوْفَى: أوصى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ فقالَ: لا، فَقُلتُ: كيفَ كُتِبَ علَى النَّاسِ الوَصِيَّةُ أُمِرُوا بها ولَمْ يُوصِ؟ قالَ: أوْصَى بكِتابِ اللَّهِ).
- عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: (المُؤْمِنُ الذي يَقْرَأُ القُرْآنَ ويَعْمَلُ بهِ: كالأُتْرُجَّةِ، طَعْمُها طَيِّبٌ ورِيحُها طَيِّبٌ، والمُؤْمِنُ الذي لا يَقْرَأُ القُرْآنَ، ويَعْمَلُ بهِ: كالتَّمْرَةِ طَعْمُها طَيِّبٌ ولا رِيحَ لَها، ومَثَلُ المُنافِقِ الذي يَقْرَأُ القُرْآنَ: كالرَّيْحانَةِ رِيحُها طَيِّبٌ وطَعْمُها مُرٌّ، ومَثَلُ المُنافِقِ الذي لا يَقْرَأُ القُرْآنَ: كالحَنْظَلَةِ، طَعْمُها مُرٌّ - أوْ خَبِيثٌ - ورِيحُها مُرٌّ).