أشعار اللقاء
قصيدة أترى اللقاء كمان نحب يوفق
يقول المعتمد بن عباد :
أَتُرى اللِقاءَ كَما نُحِبُّ يُوَفَّقُ
- فَنَظَلُ نُصبِحُ بِالسُرورِ وَنَغبَقُ
حَتّامَ تُمطِلُني اللَيالي قُربَ مَن
- قَلبي لَهُ مُتَشَوِّفٌ مُتَشَوِّقُ
مَلِكٌ أَغَرُّ أَغارُ أَن تَحظى بِهِ
- لِسوايَ أَلحاظٌ وَلَحظي مُملَقُ
أَفدي أَبا الجَيشِ المُوَفَّقَ إِنَّهُ
- لَلمَكرُماتِ مُيَسَّرُ وَمُوَفَّقُ
باهى بِهِ الزَمانَ البهيُّ كَأَنَّهُ
- نَشرٌ عَلى وَجهِ الزَمانِ وَرَونَقُ
مَلكٌ إِذا فُهنا بِطيبِ ثَنائِهِ
- ظَلَّت بِهِ أَفواهُنا تَتَمَطَّقُ
حَسبُ الرِئاسَةِ أَن غَدَت مزدَانَةً
- بِسَناه فَهوَ التاجُ وَهيَ المفرقُ
قصيدة لها خفر يوم اللقاء خفيرها
يقول الشاعر بهاء الدين زهير :
لَها خَفَرٌ يَومَ اللِقاءِ خَفيرُها
- فَما بالُها ضَنَّت بِما لا يَضيرُها
أَعادَتُها أَن لا يُعادَ مَريضُها
- وَسيرَتُها أَن لا يُفَكَّ أَسيرُها
رَعَيتُ نُجومَ اللَيلِ مِن أَجلِ أَنَّها
- عَلى جيدِها مِنها عُقودٌ تُديرُها
وَقَد قيلَ إِنَّ الطَيفَ في النَومِ زائِرٌ
- فَأَينَ لَطَرفي نَومَةٌ يَستَعيرُها
وَها أَنا ذا كَالطَيفِ فيها صَبابَةً
- لَعَلّي إِذا نامَت بِلَيلٍ أَزورُها
أَغارُ عَلى الغُصنِ الرَطيبِ مِنَ الصَبا
- وَذاكَ لِأَنَّ الغُصنَ قيلَ نَظيرُها
وَمِن دونِها أَن لا تُلِمَّ بِخاطِرٍ
- قُصورُ الوَرى عَن وَصلِها وَقُصورُها
مِنَ الغيدِ لَم توقِد مَعَ اللَيلِ نارَها
- وَلَكِنَّها بَينَ الضُلوعِ تُثيرُها
وَلَم تَحكِ مِن أَهلِ الفَلاةِ شَمائِلاً
- سِوى أَنَّها يَحكي الغَزالَ نُفورُها
أَروحُ فَلا يَعوي عَلَيَّ كِلابُها
- وَأَغدو فَلا يَرغو هُناكَ بَعيرُها
وَلَو ظَفِرَت لَيلى بِتُربِ دِيارِها
- لَأَصبَحَ مِنها دُرُّها وَعَبيرُها
تَقاضى غَريمُ الشَوقِ مِنّي حُشاشَةً
- مُرَوَّعَةً لَم يَبقَ إِلّا يَسيرُها
وَإِنَّ الَّذي أَبقَتهُ مِنّي يَدُ النَوى
- فِداءُ بَشيرٍ يَومَ وافى نَصيرُها
أَميرٌ إِذا أَبصَرتَ إِشراقَ وَجهِهِ
- فَقُل لِلَيالي تَستَسِرُّ بُدورُها
وَإِن فُزتَ بِالتَقبيلِ يَوماً لِكَفِّهِ
- رَأَيتُ بِحارَ الجودِ يَجري نَميرُها
وَكَم يَدَّعي العَلياءَ قَومٌ وَإِنَّهُ
- لَهُ سِرُّها مِن دونِهِم وَسَريرُها
قَدِمتَ وَوافَتكَ البِلادُ كَأَنَّما
- يُناجيكَ مِنها بِ السُرورِ ضَميرُها
تَلَقَّتكَ لَمّا جِئتَ يَسحَبُ رَوضُها
- مَطارِفَهُ وَاِفتَرَّ مِنها غَديرُها
تَبَسَّمَ مِنها حينَ أَقبَلتَ نَورُها
- وَأَشرَقَ مِنها يَومَ وافَيتَ نورُها
وَحَتّى مَواليكَ السَحائِبُ أَقبَلَت
- فَوافاكَ مِنها بِالهَناءِ مَطيرُها
وَرُبَّ دُعاءٍ باتَ يَطوي لَكَ الفَلا
- إِذا خالَطَ الظَلماءَ يَوماً مُنيرُها
وَطِئتَ بِلاداً لَم يَطَأها بِحافِرٍ
- سِواكَ وَلَم تُسلَك بِخَيلٍ وُعورُها
يُكِلُّ عُقابَ الجَوِّ مِنها عُقابُها
- وَلا يَهتَدي فيها القَطا لَو يَسيرُها
وَرَدتَ بِلادَ الأَعجَمينَ بِضُمَّرٍ
- عِرابٍ عَلى العِقبانِ مِنها صُقورُها
فَصَبَّحتَ فيها سودَها بِأُسودِها
- يُبيدُ العِدى قَبلَ النِفارِ زَئيرُها
لَئِن ماتَ فيها مِن سَطاكَ أَنيسُها
- لَقَد عاشَ فيها وَحشُها وَنُسورُها
غَدَت وَقعَةٌ قَد سارَ في الناسِ ذِكرُها
- بِما فَعَلَتهُ بِالعَدُوِّ ذُكورُها
فَأَضحى بِها مَن خالَفَ الدينَ خائِفاً
- وَضاقَ عَلى الكُفّارِ مِنها كُفورُها
وَأَعطى قَفاهُ الحَدرَبِيُّ مُوَلِّياً
- بِنَفسٍ لِما تَخشاهُ مِنكَ مَصيرُها
مَضى قاطِعاً عَرضَ الفَلا مُتَلَفِّتاً
- تُرَوِّعُهُ أَعلامُها وَطُيورُها
وَأُبتَ بِما تَهواهُ حَتّى حَريمُهُ
- وَتِلكَ الَّتي لا يَرتَضيها غَيورُها
فَإِن راحَ مِنها ناجِياً بِحُشاشَةٍ
- سَتَلقاهُ أُخرى تَحتَويهِ سَعيرُها
وَلَيسَ عَدُوّاً كُنتَ تَسعى لِأَجلِهِ
- وَلَكِنَّها سُبلُ الحَجيجِ تُجيرُها
وَمَن خَلفَهُ ماضي العَزائِمِ ماجِدٌ
- يُبيدُ العِدى مِن سَطوَةٍ وَيُبيرُها
إِذا رامَ مَجدُ الدينِ حالاً فَإِنَّما
- عَسيرُ الَّذي يَرجوهُ مِنها يَسيرُها
أَخو يَقَظاتٍ لا يُلِمُّ بِطَرفِهِ
- غِرارٌ وَلا يوهي قِواهُ غَريرُها
لَقَد أَمِنَت بِالرُعبِ مِنهُ بِلادُهُ
- فَصُدَّت أَعاديها وَسُدَّت ثُغورُها
وَأَضحى لَهُ يولي الثَناءَ غَنِيُّها
- وَأَمسى لَهُ يُهدي الدُعاءَ فَقيرُها
بِكَ اهتَزَّ لي غُصنُ الأَمانِيِّ مُثمِراً
- وَرَقَّت لِيَ الدُنيا وَراقَ سُرورُها
وَما نالَني مِن أَنعُمِ اللَهِ نِعمَةٌ
- وَإِن عَظُمَت إِلّا وَأَنتَ سَفيرُها
وَمَن بَدَأَ النَعما وَجادَ تَكَرُّماً
- بِأَوَّلِها يُرجى لَدَيهِ أَخيرُها
وَإِنّي وَإِن كانَت أَياديكَ جَمَّةً
- عَلَيَّ فَإِنّي عَبدُها وَشَكورُها
أَمَولايَ وافَتكَ القَوافي بَواسِماً
- وَقَد طالَ مِنها حينَ غِبتَ بُسورُها
وَكانَت لِنَأيٍ عَنكَ مِنّي تَبَرقَعَت
- وَقَد رابَني مِنها الغَداةَ سُفورُها
إِلى اليَومِ لَم تَكشِف لِغَيرِكَ صَفحَةً
- فَها هِيَ مَسدولٌ عَلَيها سُتورُها
إِذا ذُكِرَت في الحَيِّ أَصبَحَ آيِساً
- فَرَزدَقُها مِن وَصلِها وَجَريرُها
فَخُذها كَما تَهوى المَعالي خَريدَةً
- يُزَفُّ عَلَيها دُرُّها وَحَريرُها
تَكادُ إِذا حَبَّرتُ مِنها صَحيفَةً
- لِذِكراكَ أَن تَبيَضَّ مِنها سُطورُها
وَلِلناسِ أَشعارٌ تُقالُ كَثيرَةٌ
- وَلَكِنَّ شِعري في الأَميرِ أَميرُها
قصيدة لقاء وفراق
يقول إيليا أبو ماضي :
صبرًا على هجرنا إن كان يرضيها
- غير المليحة مملول تجنّيها
فالوصل أجمله ما كان بعد نوى
- والشمس بعد الدّجى أشهى لرائيها
أسلمت للسّهد طرفي والضّنى بدني
- إنّ الصبابة لا يرجى تلاقيها
إنّ النساء إذا أمرضن نفس فتى
- فليس غير تدانيهنّ يشفيها
فاحذر من الحبّ إنّ الريح خفيت
- لولا غرام عظيم مختف فيها
يمضي الصفاء ويبقى بعده أثر
- في النفس يؤلمها طورًا ويشجيها
مرّت ليال بنا كان أجملها
- تمّت فما شأنها إلاّ تلاشيها
تلك اللّيالي أرجو تذكّرها
- خوف العناء ولا أخشى تناسيها
أصبو إليها وأصبو كلّما ذكرت
- عندي اشتياقًا إلى مصر وأهليها
أرض سماء سواها دونها شرفًا
- فلا سماء ولا أرض تحاكيها
رقّت حواشيها واخضرّ جانبها
- وأجمل الأرض ما رقت حواشيها
كأنّ أهرامها الأطواد باذخة
- هذي إلى جنبها الأخرى تساميها
ونيلها العذب ما أحلى مناظره
- والشّمس تكسوه تبرًا في تواريها
كأنّها كعبة حجّ الأنام لها
- لولا التقى قلت فيها جلّ بانيها
وما أحيلى الجواري الماخرات به
- تقلّ من أإرضه أحلى جواريها
من كل رعبوبة عبل روادفها
- تأبى القعود فتأبى أن تجاريها
ضحوكة الوجه يغرينا تبسمها
- إِن نجتديها، ويثنينا تثنيها
وناهد حجبت عن كلّ ذي بصر
- حشاشتي خدرها والقلب ناديها
في كلّ جارحة منّي لها أثر
- "والدار صاحبها أدرى بما فيها"
وفي الكواكب جزء من محاسنها
- وفي الجآذر جزء من معانيها
يمّمتها ونجوم الأفق تلحظني
- في السير شذرًا كأنّي من أعاديها
كادت تساقط غيظا عندما علمت
- أنّي أؤم التي بالنفس أفديها
أسرى إليها وجنح اللّيل مضطرب
- كأنّه مشفق أن لا ألاقيها
و الشوق يدفعني والخوف يدفعني
- هذا إليها وهذا عن مغانيها
أطوي الدّياجي وتطويني على جزع
- تخشى افتضاحي وأخشى الصّبح يطويها
فما بلغت مغاني من شغف بها
- إلاّ وقد بلغت نفسي تراقيها
هناك ألقيت رحلي وانتحيت إلى
- خود يرى الدّمية الحسناء رائيها
بيض ترائبها سود ذوابيها
- زجّ حواجبها كحل مآقيها
باتت تكلّمني منها لواحظها
- بما تكنّ وأجفاني تناجيها
حتّى بدا الفجر واعتلّت نسائمه
- وكاد ينشر أسراري ويفشيها
بكت دموعا وأبكتني الدموع دما
- ورحت أكتم أشياء وتبديها
كأنّها شعرت في بعدنا أبدًا
- فأكثرت من وداعي عند واديها
فما تعزّت بأن الدّهر يجمعنا
- يوماً ولا فرحت أنّي أمنيها
تقول و الدمع مثل الطلّ منتثر
- على خدود خشيت الدّمع يدميها
والهف نفسي على أنس بلا كدر
- ترى تنال من الدنيا أمانيها؟
فقلت صبرا على كيد الزمان لنا
- فكلّ حافر بئر واقع فيها
قصيدة لقاء ووداع
يقول حمد بن خليفة:
في شارع البطل التقينا صدفة
- من غير توطئة ولا ميعاد
كان اللقاء بها لأولة وهلة
- فوجدت فيها منيتي ومرادي
عذراء في أوج الشباب مليحة
- أسرت بطرف المقلتين فؤادي
حيّت بخير تحية فأجبته
- أهلا وحي الله بنت بلادي
قالت أراك عرفتني فذكرتني
- بالإسم قلت نعم وحق الضاد
أنا يا منى نفسي أعيش هواك من
- زمن فلا تستغربن ودادي
قالت أريدك أن تسجل بعض م
- تختاره لي أنت من إنشاد
فأجبتها شعري وما ملكت يدي
- هي ملككم وأنا على استعداد
وطلبت منها الإذن في إنشاده
- شعرًا يعبر عن فؤاد صادي
قالت وهل تحتاج إذناً إنن
- لجميع أشعار الأديب صوادي
قصيدة لحظة لقاء
يقول فاروق محمد شوشة:
- عمرًا؟
- هل يكفي!
- دهرًا مسكوباً من عمرينا..
- فليهدأ ناقوس الزمن الداوي في صدرينا
- وللتوقف هذي اللحظة في عمقينا.
- لن نذكر إلّا أن طوقنا الدنيا أغفينا
- وأتاحت كفانا.. تغرس دفئاً في روحينا
- لن نذكر إلّا أنا جسدنا حلما
- وارتاح الوهج الدامي في عينينا.
- قلبك في صدري، يسمعني أغلى نبضاته
- يهدأ في خجات اللقيا. أغفو في أعمق خجاته
- أطل عليك. ضياء العمر، ونضرة واحاته
- أقبس ومض الأمل المشرق في لفتاته
- أرشف نبع الضوء الهامي في نظراته
- يتساقط كل رحيق العالم في قطراته
- وأرى دنيناي وأيامي أبدًا تمشي في خطواته
- أسأل: هل تتسع الأيام لفرحة قلبين؟
- تعبا،
- حملا الدنيا،
- هل يخبو هذا الألق الساجي في العينين
- ونخاف يطير، فنمسكه، ونضم الدنيا بيدين
- ونعود إلى عش ناء نرتاح إليه طيرين
- أسأل: هل تتسع الأيام لنضرة حلمين!
- أقرأ أيامي عندهما كونا يتفجر لاثنين
- عيناي تقول، يداي تحدق، و الأشواق
- فيض يغمرني، يغرقني في لفح عناق
- وحريق يألك أيامي.. يشعل نيران الأحداق
- ما زلنا من خلف اللقيا في صدر مشتاق
- أملًا يتجدد موصولًا..
- معسول شراب ومذاق
- بين عينيك موعدي
- وأنا أحمل أيامي وأشواقي إليكا..
- وأرى في الأفق النائي يدا تمتد كالوعد، وتهفو
- وأراني نحوها.. طوع يديكا
- من قديم الدهر، كانت نبضة مثل اهتزاز البرق
- مثل اللمح،
- شيء لست أدريه احتواني
- فتلاصقت لديك.. يومها
- واترعشت عينان
- اغفى خافقان،
- استسلما للخدر الناعم ينساب ويكسو وجنتيكا
- يومها، واتحدت روحان،
- أغفت مقلتان،
- اختارتا حلماً بريء الوجه، حلو السمت
- عشناه نديًا أخضر اللون، وضيئاً
- وقرأت العمر مكتوباً.. هنا.. في مقلتيكا
- بين عينيك موعدي
- وأنا كل صباح أتلقى نبرة اللحن المندي
- ساكباً في قاع أيامي ربيعا واشتياقاً ليس يهدأ
- ليس يرتاح ..سوى أن عانق العمر وضما
- ليس يرتاح..سوى أن أشبع الأيام تقبيلاً ولثما
- وتهادى كا ضرار الفجر،
- مزهز الأسارير
- طليق الوجه، مضموما إلى الوجه المفدى
- لمسة، وانطلقت منك يد
- تعزف أنغاما..
- وتهتز رياحين ووردا
- مسحة جبهة أيامي، ومحت عنها عناءً وتهاويل وكدا
- واستقرت في يدي لحظة صدق، خاشع الخفقة
- ينساب وعودا
- ذقتها وعدا فوعدا
- ذقتها يا مسكري.. شهدا.. فشهدا
- بين عينيك موعدي
- يومنا القادم أحلى لم يزل طوع هوانا
- كلما شارفت الحلم خطانا، واطمأنت شفتانا
- واستراحت مقلتانا
- وتنينا، فكان العمر أشهى من أمانينا، وأغلى
- وظننا أن خيطاً من ضياء الفجر يهتز بعينينا
- سلاماً وأماناً
- كلما قلنا بدأنا وانتهينا
- صرخت فينا وفي أعماقنا، لحظة جوع ليس يهدأ
- فرجعنا مثلما كنا،
- وكنا قد ظننا الشوق قد جاوزنا، وانداح عنا
- ويد تمتد من خلف الليالي، كي تطلا
- نسجت ثوب حنان ليس يبلى
- صوقت أيمان الخضراء أحلامنا وريحاناً وظلا
- يومنا القادم ..أحلى
- يومنا القادم ..أحلى.