فضل الأمانة في الإسلام
الأمانة في الإسلام
أشار أهل العلم باستقراء النّصوص الشّرعية إلى أنّه للأمانة معنيان : عام وخاص؛ فأمّا العام فهو ما دلّت عليه الآية الكريمة من قوله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا}، فيشمل بمعناه جميع الأوامر والنّواهي الواردة في الشّرع، وأمّا المعنى الخاص فمقصوده حفظ الإنسان لكل ما يجب حفظه وأداء الحقوق لأهلها، وهذا ما أمر الشّرع بحفظه وعدم الخيانة .
فضل الأمانة في الإسلام
للأمانة فضائل كثيرة في الإسلام، نستعرض بعضها آتيًا:
أولًا: أمر الله بالأمانة في كتابه ونهى عن خيانتها
فأمر الله تعالى بوجوب أداء الأمانة وحفظها وعدم تضييعها والأمر يفيد الوجوب، كما وحذّر من خيانتها فقال تعالى: {أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.
ثانيًا: الأمانة صفة من صفات المؤمنين
أشارت بعض الآيات الكريمة إلى أنّ صفة الأمانة هي إحدى صفات المؤمنين التي كانت سببًا في حبّ الله تعالى لهم ومدحهم في كتابه والتي هي سبب لفلاحهم في الدنيا والآخرة، فقال الله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ* الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ* وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ* وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ* وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ* إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ* فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ* وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ}، كما وأشارت السنّة إلى ذلك فقال النّبي -صلى الله عليه وسلم-: (المسلِمُ مَن سلِمَ المسلمونَ من لسانِهِ ويدِهِ، والمؤمِنُ من أمِنَه النَّاسُ على دمائِهم وأموالِهم).
ثالثًا: الأمن من الهلع والخوف مما يصيب الإنسان
فوصف الله تعالى في بعض آياته الكريمة حال الإنسان وما يعتريه في من الجزع والهلع بطبعه، واستثنى منهم المصلين ممن تحلّوا بصفة الأمانة من حفظها وأدائها لمستحقيها، فإنّهم آمنون مطمئنون في كل أحوالهم، فقال تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا* إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا* وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا* إِلَّا الْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ* وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ* لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ* وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ* وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ* إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ* وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ* إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ* فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ* وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ}.
رابعًا: انتشار الأمن بين أفراد المجتمع
تنعكس آثار أداء الأمانات على المجتمع بتماسكه واستقراره، وما يؤديه من قضاء حاجات أفراده على تنوعها وإنجاز معاملاتهم على أتم وجه، قال تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}.
خامسًا: ضياعها علامة على قرب وقوع السّاعة
وهذا ما دلّت عليه السنّة في بعض نصوصها، حيث قال النبي -صلى الله عليه وسلم: (إذا ضُيِّعَتِ الأمانَةُ فانْتَظِرِ السَّاعَةَ قالَ: كيفَ إضاعَتُها يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ: إذا أُسْنِدَ الأمْرُ إلى غيرِ أهْلِهِ فانْتَظِرِ السَّاعَةَ).