عناصر القصة القصيرة
ما هي عناصر القصة القصيرة؟
ممّا يجدر ذكره هنا أنّ هناك اختلافًا واضحًا بين المُختَصّين في هذا المجال حول ما يتعلَّق بتحديد عناصر القصّة القصيرة؛ بناء على التصوُّر الخاصّ بكلٍّ منهم حول ماهيّتها، وأركانها، وما إلى ذلك من أمور مُرتبطة بهذا النوع من الفنون الأدبيّة.
ومن هنا كان لا بُدّ من ذِكر العناصر التي تمّ الاتّفاق على ضرورة وجودها في أيّ قصّة قصيرة، وهي على النحو الآتي:
الحدث
وهو أبرز عناصر القصّة القصيرة، ومحورها الذي تدور حوله، علماً بأنّه يتشكّل من مجموعة من الوقائع الجزئية التي ترتبط ببعضها البعض على نحو مُنظَّم، وقد يُبنى الحدث باستخدام عدّة طرق، منها:
- الطريقة التقليديّة
التي يسلك فيها القاصّ أسلوب التدرُّج من مقدّمة القصّة، وحتى نهايتها.
- الطريقة الحديثة
التي يتمّ فيها العرض منذ لحظة التأزُّم، ثمّ الرجوع إلى الماضي ليرويَ البداية، وذلك باستخدام أساليب فنّية، كأسلوب الذكريات.
- طريقة الارتجاع
التي يستخدمها الكاتب في روايته للحدث مُبتدِئاً بالنهاية، ثمّ يعود فيروي القصّة كلَّها.
أمّا في ما يتعلَّق بطُرق صياغة الحدث، فيمكن استخدام طريقة السرد المباشر التي تترك للقاصّ الحرّية في تحليل الشخصيّات، والأحداث بشكل دقيق، عِلماً بأنّه يستخدم في هذه الطريقة ضمير الغائب، وهي تُعّدُّ أفضل من طريقة الترجمة الذاتيّة التي يلجأ فيها القاصّ لاستخدام ضمير المتكلّم.
ومن الجدير بالذكر أنّ من أهمّ عناصر الحدث وجود الحبكة التي تُعبّر عن تسلسُل الأحداث وصولاً إلى نتيجة قد يتسبّب فيها الصراع بنوعَيه: الداخليّ، والخارجيّ.
الخبر القصصيّ
وهو الغاية من تأليف القصّة، والهدف الذي يُراد الوصول إليه، حيث لا بُدّ من أن يحتوي على الوحدة والاتّساق في ما بين أجزائه، كما لا بُدّ من أن يكون مُشتمِلاً على مُقدّمة، وحبكة، وخاتمة، ومن الجدير بالذكر أنّه لا بُدّ من أن يكون له أثر؛ حتى يتركَ انطباعاً يصل إلى المُتلقِّي.
النسيج القصصيّ
وهو الأسلوب اللغويّ الذي يضمن تحقيق الهدف المَرجوّ، ويتميّز باختلافه بحسب اختلاف الشخصيّات؛ إذ لا بُدّ من أن تتّخذَ كلّ شخصيّة أسلوباً لغويّاً خاصّاً بها، ممّا يُبرز المنطقيّة، والواقعيّة في بناء القصّة، عِلماً بأنّ هذا النسيج يتكوّن من ثلاثة عناصر أساسيّة، هي: السَّرد الذي يهتمّ برواية أحداث القصّة، سواء كانت أحداثاً حقيقيّة، أو خياليّة، كما أنّه يساعد على ترابُطها معاً، والحوار الذي يركّز على كَسر الرتابة، والملل في أحداث القصّة، ممّا يُساهم في جَعلها أكثر واقعيّة.
إلّا أنّه لا بُدّ أن يكون ملائماً للشخصيّات، كلٌّ بحَسب ثقافته، كما لا بُدّ من أن يكون مُوجَزاً، وسريعاً في التعبير عن أفكار شخصيّات القصّة، وغيرها من الأمور، والوصف الذي يُركّز على بيان ملامح البيئة الداخليّة، أو الخارجيّة للقصّة، وذلك باستخدام الأساليب البلاغية والبيانية في اللغة العربية المختلفة مثل الاستعارة، والتشبيه، والعناية بالألفاظ، وغيرها؛ بهدف تحقيق الانسجام في النسيج القصصي.
إلّا أنّ هذا الوصف لا بُدّ من أن يكون نابعاً من رؤية الشخصيّات له، وليس من وجهة نظر القاصّ نفسه، وهو ليس بهدف تزيين النصّ الأدبيّ، ولا بهدف زيادة جماليّته بالقَدر نفسه الذي يخدم فيه الأحداث، ويَبنيها في القصّة.
الشخصيّة
وهي أساس القصّة القصيرة ومحورها الذي تصل من خلاله الأفكار، وتُعرض الأحداث، و من خصائص القصة القصيرة قلة عدد شخصياتها ، علماً بأنّ للشخصية ثلاثة أبعاد مهمّة، هي:
- البعد النفسي
الذي يشمل سلوك الشخصيّة، ومزاجها، وأفكارها، ومشاعرها، وما إلى ذلك.
- البعد الجسديّ
الذي يتمثّل بوصف الجسد الخارجيّ، كالوزن، والطول، والعمر، وغيرها.
- البعد الاجتماعي
الذي يتمثّل بثقافة الشخصيّة، ونشاطها، ودينها، وطبقتها الاجتماعيّة التي تنتمي إليها، وغيرها من الأمور.
ومن الجدير بالذكر أنّ الشخصيّة تُقسَم إلى عدّة أنواع، هي:
- الشخصيّة الرئيسيّة
حيث تتمتّع هذه الشخصيّة بالفاعليّة، والنموّ، والاستقلاليّة في رأيها، كما أنّها مسؤولة عن تجسيد الحدث، وبالتالي فهي تُعتبَر شخصيّة صعبة التكوين.
- الشخصيّة الثانويّة (المُساعِدة)
تُعَدّ أقلّ أهميّة من الشخصية الرئيسيّة في القصّة، إلّا أنّها تؤدّي بعض الأدوار المهمّة في نموّ الأحداث، وفي حياة الشخصيّة الرئيسيّة.
- الشخصيّة المُعارِضة
وهي شخصيّة تتمتّع بالقوّة، وتُعرقل أهداف الشخصيّة الرئيسيّة، ممّا يساعد في تنمية الصراع بينهما، إلّا أنّ لها دوراً كبيراً في بناء الأحداث، وتناميها.
- الشخصيّة البسيطة
- وهي الشخصيّة التي لا يطرأ عليها أيّ تغيير، فلا تتطوّر، ولا تنمو.
- الشخصيّة النامية
وهي الشخصيّة التي يرتبط نُموّها بسَير الأحداث، وتطوُّرها.
الأسلوب
وهو يُعبِّر عن طريقة القاصّ في جَذب انتباه المُتلقِّي؛ حيث لا بُدّ أن تحتوي هذه الطريقة على عنصر التشويق، بالإضافة إلى استخدام الأساليب القويّة، والمناسِبة لنَمط الأحداث، فلا يعيد تكرار الوصف، أو الألفاظ؛ حتى لا يتسبّب هذا الأمر بإحداث الملل في نفس المُتلقِّي.
ومن المهمّ أن لا يتّسم أسلوب القاصّ بتقليد أسلوب غيره، حتى وإن أعجبه، كما أنّ الدقّة، والبساطة، والوضوح، من أبرز الأمور التي من شأنها أن تسهم في سلامة اللغة، وبالتالي سلامة الأسلوب القصصيّ.
البيئة (الزمان، والمكان)
وهي كلّ ما يتّصل بالواقع الزمانيّ، أو المكانيّ، حيث تُعَدُّ عنصراً مهمّاً في بُنية القصّة؛ فهي تؤدّي دوراً أساسيّاً في الكشف عن الصفات التي تتّسم بها الشخصيّات، إلّا أنّه من الأفضل تجنُّب التنوُّع فيها؛ حتى يتمكّن من السيطرة على الأحداث، وبالتالي تحديد صفات الشخصيّات.
الصِّراع
وهو يُعبِّر عن التصادُم الذي يحصل بين الشخصيّات في القصّة، حيث يُقسَم إلى قسمَين، هما:
- صِراع داخليّ
ويكون لدى الشخصيّة ذاتها.
- صِراع خارجيّ
ويكون بين شخصيّات القصّة ككلّ.
العُقدة أو ذروة التأزم
وهي أحد عناصر القصة القصيرة وتعني ذروة الأحداث، وأساسها علاقة الضرورة والسببية في الأحداث، إذ تتبعها نتيجة أو حل، وتعتمد على عنصر التشويق، فكلما زادت العقدة زاد عنصر التشويق، فتتشابك الأحداث ومجريات القصة بشكل كبير يجعلها تصل إلى نقطة يصعب تحديد ماذا سيحصل بعد ذلك.
الحل
وهي الخاتمة ونهاية القصة، والتي تأتي بعد احتدام الأحداث وتشابكها، فهي لحظة تنوير للعمل القصصي، إذ تمثل الغاية التي كان يتجه جهد الكاتب نحوه، وقد تكون مقنعة أو غير مقنعة، وهذا العنصر قد يحذف ويغيب عن العمل القصصي، فقد تأتي بعض النهايات بلا حل، فيترك التأويل إلى القارئ، وعليه فإن النهاية نوعان كما يأتي:
- نهاية مفتوحة
هي النهاية التي يُترك للقارئ تأويلها، إذ يهدف الكاتب من خلالها إلى إثارة فضول القارئ وتنشيط مخيلته.
- نهاية مغلقة
هي نهاية الأحداث بعد أن تكون قد بلغت ذروتها، إذ تكون محددة ولا تترك لتأويل القارئ، فتأتي لتخمد فضوله في معرفة حصيلة تشابك الأحداث.