عناصر القاعدة القانونية
ما هي عناصر القاعدة القانونية؟
القاعدة القانونية (بالإنجليزية: Legal rule) هي قاعدة تتولّى تنظيم السلوك الخارجي للأفراد داخل المجتمع؛ حيث تفرض السلوك الواجب اتباعه، وتتسم هذه القواعد بالطابع الاجتماعي، وعليه فالقاعدة القانونية قاعدة سلوكية؛ أيّ أنّها تصبّ اهتمامها على سلوك الفرد وعمله الظاهر.
تُعدّ ذات طبيعة تقويمية؛ إذ إنّها تنصب على سلوك الفرد لتقويمه، وهي بذلك تخاطب الإرادة البشرية بهدف تكليفها بالسلوك الواجب اتباعه، أمّا عناصر القاعدة القانونية فهي كالآتي:
عنصر الفرض
عنصر الفرض أو الفرضية وهو أول عنصر من عناصر القاعدة القانونية، ويُمثّل الواقعة أو شروط تطبيق القاعدة القانونية، ويقصد به توفر حالة معينة يفرضها القانون ، فإذا ما تحقّقت يترتّب عليها أثر قانوني محددة مسبقًا وهو الحكم، وهو بهذا المعنى يُمثّل الشرط الأساسي لتطبيق القاعدة القانونية.
عنصر الحكم
وهو العنصر الثاني من العناصر المكوّنة للقاعدة القانونية، ومن غيره لا يكتمل وجود القاعدة القانونية في العموم، ويُراد به حكم النص القانوني الواجب التطبيق في الواقعة التي حصلت والتي شكّلت موضوعًا للنزاع.
بالتالي فهو عبارة عن الأثر القانوني الذي يترتّب على العنصر الأول (الفرض)، أو بمعنى آخر هو النتيجة التي ترتبها القاعدة القانونية، أو القانون على الفرض، ويُشار إلى أنّه مثلما تترتّب المسؤولية على القيام بعمل مخالف للقانون فيمكن أن تترتب المسؤولية ذاتها في حال الامتناع عن القيام بعمل يفرضه القانون.
العلاقة بين عناصر القاعدة القانونية
تبدو العلاقة واضحة بين عنصري القاعدة القانونية وهما: الفرض والحكم؛ حيث إنّ الفرض (الفرضية) والذي يمثّل السلوك الإنساني للناس في علاقاتهم مع بعضهم بعضًا، ومتى ما تحقق بالطريقة التي نص عليها القانون فإنّه في هذه الحالة يتعيّن تحقيق الجزء الثاني من القاعدة القانونية وهي الحكم.
وعليه؛ فإنّ سلوك الإنسان في واقعة محددة حدثت بالفعل إمّا أن يكون ناتجًا عن أمر طبيعي لا دخل للإنسان فيه، وفي هذه الحالة لا يستوجب قيام الحكم، وأمّا أن تكون الواقعة القانونية قد حصلت بصورة مباشرة من الإنسان وهنا يستوجب قيام الحكم.
بالإضافة لما ذُكر فإنّ الفرض هو كل خطأ سبّب ضررًا للغير، والحكم هنا هو إلزام متسبب الضرر بالتعويض المادي أو المعنوي، والفرض أيضًا هو العدول عن العقد من جانب من دفع مبلغ العربون والحكم هو فقدان هذا العربون.
ممّا تجدر الإشارة إليه أنّه ليس من المفروض أن تتضمن القاعدة القانونية فرضًا واحدًا وحكمًا واحدًا، بل يمكن أن تتضمن أكثر من فرض وأكثر من حكم، وجميعم مرتبطون بعلاقة وثيقية تقضي متى ما وقع الفرض تحقق الحكم.
أمثلة على عناصر القاعدة القانونية
هناك الكثير من الأمثلة التي يمكن إيرادها على عناصر القاعدة القانونية، وفيما يأتي بعض منها:
أمثلة على الفرض
بما أنّ الفرض يُعبّر عن سلوك الإنسان وهذا السلوك إما أن يكون دون تدخل الإنسان مثل الولادة أو الوفاة فيترتب على واقعة الولادة أنّ الشخص يكتسب الشخصية القانونية فتثبت له بموجبها الحقوق وتترتب عليه الالتزامات، أمّا الوفاة فيترتب عليها فقدانه للشخصية القانونية.
قد يكون سلوك الإنسان ناتجًا عن إرادته أو بأعمال مادية وقعت بالفعل منه مثل الوعد بإعطاء جائزة لمن يقوم بعمل معين فيتوجب على الواعد منح الموعود له هذه الجائزة متى ما قام بالعمل المطلوب، وقد يكون سلوك الإنسان قد نتج بغير إرادته كسقوط جدار المنزل على الغير فتسبّب له بأضرار مادية.
أمثلة على الحكم
يُقرر القانون أو القاعدة القانونية بشكل عام أنّه متى ما تحقق الفرض تحقّق معه الحكم الذي يقرره القانون مُسبقًا، فمن يسرق (الفرض) فعقوبته السجن أو الحبس وهو الحكم القانوني لهذه الواقعة، ومن يقتل (الفرض) فعقوبته هي الإعدام أو السجن المؤبد، حيث إنّ الحكم بهذا المعنى هو حكم القانون في الواقعة موضوع النزاع أو النتيجة التي تضعها القاعدة القانونية على الفرض.
خصائص القاعدة القانونية
تتعدد خصائص القاعدة القانونية ، وفيما يأتي توضيح لذلك:
القاعدة القانونية قاعدة غائية
يُقصد بها أنّ الهدف والغاية التي تسعى القاعدة القانونية إلى تحقيقها هي تنظيم السلوك الخارجي للفرد وتوجيهه بالطريقة الصحيحة بما يضمن للمجتمع تحقيق العدل والمساواة بين جميع الأفراد.
حيث إنّها تنظّم الواقع وفقًا لما يوجد في الضمير العام المجتمعي من قيم ومبادئ عليا، ثمّ تصوغها على شكل قواعد قانونية ذات طبيعة آمرة وناهية، وتسعى إلى تطبيقها على الجميع على قدم المساواة، كما تعمل الدولة على تأييد تطبيق القاعدة القانونية من خلال توليها فرض الجزاء (الحكم) على كلّ من يخالفه.
القاعدة القانونية قاعدة عامة ومجردة
يقصد بعموم القاعدة أنّها تُطبّق على جميع الأشخاص في المجتمع متى ما توافرت فيهم الشروط التي نصّت عليها هذه القاعدة، كما يجري تطبيق القاعدة القانونية على جميع الوقائع المادية التي تتوافر فيها الشروط التي أوردتها القاعدة القانونية.
أمّا التجريد، فيقصد به أنّ القاعدة القانونية لا تنشِئ مركزًا قانونيًّا يخص شخصًا أو واقعة قانونية بعينها، بل هي تتحدث عن الأشخاص أو الوقائع بشروطها العامة لا الخاصة، وبذلك فإن تجريد القاعدة القانونية من اللحظة الأولى التي يتم وضعها أو إنشاؤها سيضمن في المستقبل العمومية أثناء تطبيقها.
القاعدة القانونية قاعدة سلوكية اجتماعية
يقصد بالقاعدة القانونية أنّها قاعدة سلوكية اجتماعية لا يمكن تطبيق قواعدها إلا بوجود مجتمع إنساني؛ إذ يحتاج هذا الأخير إلى مختلف القواعد القانونية لتنظيم العلاقات الإنسانية التي تربط الأفراد مع بعضهم بعضًا، من حيث وضع قيود ومبادئ عامة تهدف إلى تحقيق التوازن بين المصالح الخاصة للفرد وبين المصلحة العامة للمجتمع ككل.
القاعدة القانونية قاعدة ملزمة
ينبغي أن تكون القاعدة القانونية ملزمة؛ أيّ أنّها تقترن بصفة الإلزام ومزودة بالقوة التي تفرض احترامها وطاعتها من قِبل الجميع في المجتمع، فالقاعدة القانونية وجدت في الأساس من أجل منع وقوع الخطأ، كما ينبغي أن تكون القاعدة القانونية متمتعةً بجميع الوسائل التي تكفل تحقيق الغرض الذي وجدت من أجله.
وعليه؛ فالقانون الذي لا يتمكن من أن يلزم الآخرين على احترامه لا يعدّ قانونًا بالمعنى الصحيح، ولتنفيذ ذلك تقترن القاعدة القانونية بالجزاء الذي تتولى السلطات المختصة في الدولة تطبيقه على من يخالفها وهو على نوعين جزاء مدني وجزاء جنائي.
أهمية القاعدة القانونية
تتجلى أهمية القاعدة القانونية أو القانون بشكل عام في العديد من الأمور، ومن أبرزها ما يأتي:
- وسيلة للضبط الاجتماعي، بل هي الوسيلة الأولى والأساسية التي تعتمد عليها المجتمعات المتحضرة من أجل تنظيم سلوك الأفراد.
- تحقيق العدالة والمساواة في المجتمع من خلال تمكين الأفراد من حماية حقوقهم وضمان عدم الاعتداء عليها من قِبل الغير.
- تقويم وضبط السلوك المنحرف لبعض الأشخاص الذين تدفعهم غرائزهم الشخصية لمحاولة الاعتداء على حقوق الغير.
- تحقيق الردع العام من خلال الجزاء القانوني أو العقوبة التي تتولى السلطات المختصة في المجتمع إيقاعها على أصحاب السلوك المنحرف.