علم النفس والحب من طرف واحد
تعريف الحب من طرف واحد في علم النفس
تؤثّر علاقة الحب الناجحة بشكل إيجابي على من يشعر بها حيث تجلب السعادة له ولمن حوله، ويُعتبر الحب من طرف واحد نوعاً من أنواع الحب الذي يشعر به طرف واحد بالرومانسية والعاطفة نحو فرد لا يبادله نفس الشعور، وقد أثبتت الدراسات أن هذا النوع من الحب شائع جداً، وعلى الرغم من أن علماء النفس لم يتطرقوا لدراسته بشكل مفصل وعميق، إلا أنه قد يتيح فهم السبب المتأصل لحاجة الناس لعلاقات الحب، ويجدر بالذكر أنّه حين يقوم الطرف المحب بتقديم الوقت والجهد والمشاعر ولا يحصل على الاهتمام الكافي في المقابل فذلك يؤدي غالباً إلى نتائج غير مرضية؛ فمن وجهة نظر علم النفس عندما يقوم الشخص المحب بتقديم شيء لمن يحبه فهو يتوقّع ردة فعل إيجابية مشابهة لما قدّمه، وعندما تختلف ردة الفعل تلك عما كان متوقّعاً غالباً ما يشعر بخيبة الأمل، وسيتم التطرق في هذا المقال إلى علامات الحب من طرف واحد وكيفية التعامل معه، والاستفادة منه أيضاً.
علامات الحب من طرف واحد
فيما يلي بعض العلامات التي تدل على الحب من طرف واحد:
اختلاف الأولويات
يضع الحبيب حبيبته على رأس أولوياته والعكس صحيح، فلا يؤجل أحد منهما احتياجات الآخر، أو مكالمات الآخر دون سبب، ولا يُفضل قضاء الوقت مع أشخاص آخرين، ولا يؤجل أحدهما مكالمات الآخر دون سبب، ولكن عندما يشعر طرف منهما أنه في آخر القائمة بالنسبة للشخص المقابل وبشكل متكرر، أو يُبدي انرعاجه عند طلب المزيد من الاهتمام، أو يقوم بوضع مبررات مختلفة لتجنّب اللقاء به أغلب الأوقات فذلك يدل على الحب من طرف واحد.
التواصل
عادةً ما يقوم الشخص المحب بفتح باب التواصل أولاً، فيقوم بإرسال الرسائل والاتصال للاطمئنان على الطرف الآخر، لذا من المهم الانتباه إذا ما كان التواصل يعتمد على شخص واحد فقط، وفي حال توقّفه عن إرسال الرسائل لفترة من الزمن ولم يقم الشخص الآخر بالاتصال أو إرسال الرسائل فهذا دليل على أن علاقة الحب تسير باتجاه واحد.
الشريك المتحكم
ينبغي أن تكون العلاقة بين الحبيبين مبنية على التشارك والتعاون لإنجاح العلاقة، أما إذا كان أحد الطرفين ذو شخصية سلطوية، ولا يترك للطرف الآخر فرصة التعبير عن ما يريد، أو يقوم بالتضييق عليه حتى يُقلل علاقاته مع العائلة والأصدقاء، أو يقوم بالتحكم فيه سواءً باللباس أو بطريقة التصرف، فهذا دليل واضح على أنه لا يوجد حب متبادل ومن المهم الانتباه أن هذه التصرفات غير الصحية ولا ينبغي لشخص أن يقبلها بدافع الحب.
الاعتذار عن الأخطاء
قد يجد الشخص المحب من طرف واحد أنّه الوحيد الذي يقوم بالاعتذار أولاً عندما تنشأ الخلافات، وكأنه الشخص المسؤول عن إنجاح العلاقة، ويعني أيضاً أنّه يريد تحسين وإبقاء العلاقة دون محاولة حل الخلاف جذرياً، وينبغي التحذير من التصرف بهذه الطريقة؛ لأنها تقلل من قيمة احترام الذات مع مرور الوقت، وتُسبّب مشاعر سلبية.
كيفية التعامل مع الحبّ من طرف واحد
من المهم الإشارة إلى أن بداية علاقات الحب بشكل عام قد تكون من طرف واحد ثمّ تصبح متبادلة وتسمتر بنجاح؛ لذا فإن هذا النواع من الحب قد يكون مرحلة مؤقتة، ولكن إذا استمر بهذا الشكل فترة طويلة فإن العلاقة ستكون غير صحية ومسببة للمشاكل، وقد يضطر الشخص المحب لإعادة النظر في علاقته مع من لا يبادله الحب إذا كان ذلك يؤثر سلباً على حياته وسعادته، وهناك العديد من الطرق الصحية التي يمكن من خلالها التعامل مع الحب من طرف واحد، ومنها ما يلي:
- التوقف عن لوم الذات أو البحث عن العيوب الجسدية أو الشخصية التي قد تكون السبب في عدم مبادلة الطرف الآخر لمشاعر الحب.
- توسيع دائرة الاهتمام لتشمل العائلة والأصدقاء، فمن الجيد قضاء الوقت مع أشخاص مرحين ويتبادلون الاهتمام والحب، كما يمكن أخذ النصح منهم ومشراكتهم المشاعر والهموم.
- تقليل التفكير في الحبيب، والانشغال بالهوايات والنشاطات المحببة.
- الحفاظ على المساحة الشخصية، وذلك للإبقاء على الحرية وقضاء بعض الوقت بعيداً عن الحبيب.
- التخطيط للمستقبل، حيث يُنصح بالتركيز على الذات وطموحاتها والعمل على إنجاز الغايات والأهداف.
الاستفادة من علاقة الحب من طرف واحد
من المعروف أن لغالبية الأشياء في هذه الحياة جوانب إيجابية وأخرى سلبية، فعندما يجد الشخص نفسه مع شريك لا يبادله الحب بالقدر نفسه لكنه يعتبر هذه العلاقة مهمة، ولا يمكن الاسغناء عنها يُنصح بالبحث عن إيجابياتها ومنها ما يلي:
تقوية الشخصية عاطفياً
يُعلّم الحب من طرف واحد الفرد بأن يُقلّل توقعاته من الشخص المقابل، فيقدم الاهتمام والحب دون انتظار الحصول عليهما بنفس القدر، وهنا يكمن معنى الحب دون مقابل عندما يكون نجاح العلاقة هو الأهم، ويصبح أقوى أكثر عند الاعتياد على طبيعة الحياة غير العادلة أحياناً، والتي تحوي جوانب إيجابية ينبغي تقديرها واستشعار أهميتها، وفيها أيضاً جوانب أخرى سلبية يمكن العمل على تحسينها وتقبّلها.
تقوية صفة الصبر
يتعلّم الشخص المحب من طرف واحد أنه من الطبيعي ألّا يحصل دائماً على كل ما يريد، ويمكن تحسين مهارة الصبر بعدم انتظار الاهتمام والحب من الطرف الآخر والإنشغال بأشياء أخرى، مثل التّركيز على تحسين الذات وممارسة الهوايات، والاهتمام بالعائلة والأصدقاء، .
سعادة الإنسان بيده
على الرغم من انتشار هذه الجملة بين الناس إلا أنّ القليل منهم يترجمونها عملياً على أرض الواقع، فيجب أن يتم فصل السعادة عن وجود الحبيب؛ فهناك العديد من النشاطات التي تجلب السعادة ويمكن القيام بها دون الارتباط بشخص محدد، كما أن الحب غير المتبادل يُعلّم الشخص الاكتفاء بنفسه لإسعادها، فلا يمكن طلب السعادة من شخص آخر؛ وذلك لأنها قرار يصدر من داخل الإنسان.