علامات العين والحسد وعلاجها
العين والحسد
العين والحسد مسألة من المسائل المشهورة بين الناس، ثابتة بالكتاب والسنة و الإجماع ، بَيَنَّها الله -سبحانه- وانقسم الناس في قبولها إلى ثلاثة أقسام؛ القسم الأول مفرطون موسوسون في تعليق وربط كل ما يحدث معهم بالعين والحسد، بل وقد يلجؤون في العلاج إلى الكهّان والمبتدعة، بل وقد يصلون إلى الشرك و الردّة ، والقسم الثاني منكرون لوجود العين والحسد، ولا يؤمنون بالعلاج حتى عن طريق الرقية الشرعية ، ويعتبرون كل ذلك من الشعوذة، والقسم الثالث هو وسط بين الطرفين يؤمن بوجود الحسد والعين وتأثيرهما على الإنسان، وفي نفس الوقت يتبع الطرق الشرعية في علاجها بعيداً عن البدع والتجارب ووصفات العطّارين، ودجل المشعوذين، وهو المنهج الحق منهج أهل السنة والجماعة .
تعريف العين والحسد
العين والحسد هما من الأخلاق السيئة، والخصال القبيحة، والأمراض المقيتة التي تقود إلى النزاع والخصام والعداوة والبغضاء، ويؤدّيان إلى الهم والغم، ويُفسدان الحب والوُد، وفيما يأتي تعريف هذان الخُلُقان الذميمان للابتعاد عنهما واجتنابهما:
- الحسد: هو صفة شر، يتمنى بها الشخص زوال النعمة عن مستحقّها، وربما سعى في إزالتها، وهي من الصفات التي أمر الله بالاستعاذة منها في قوله: (وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ)، حتى إن سيدنا جبريل -عليه السلام- رقى سيدنا محمد وأعاذه من شر العين بقوله: (يا مُحَمَّدُ اشْتَكَيْتَ؟ فَقالَ: نَعَمْ، قالَ: باسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ، مِن كُلِّ شيءٍ يُؤْذِيكَ، مِن شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ، أَوْ عَيْنِ حَاسِدٍ، اللَّهُ يَشْفِيكَ باسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ).
- العين: عرّفها ابن القيم بأنها: "سهام تخرج من نفس الحاسد والعائن نحو المحسود والمعين تصيبه تارة وتخطئه تارة، فإن صادفته مكشوفاً لا وقاية عليه، أثرت فيه ولا بد، وإن صادفته حذراً شاكي السلاح لا منفذ فيه للسهام لم تؤثر فيه"، ولا يقتصر أثر العين الحاسدة على الإنسان، بل ربّما يمتد إلى الحيوان والجماد، وقد أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بالاسترقاء من العين، ودليل ذلك ما روت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَأْمُرُنِي أَنْ أَسْتَرْقِيَ مِنَ العَيْنِ).
علامات العين والحسد
يمكن للشخص أن يعرف أنه معيون أو محسود إذا ظهرت عليه بعض الآثار أو العلامات، وهناك أعراض متعددة ممكن أن يكون سببها الحسد والعين؛ منها الضيق والاضطراب في العقل وغير ذلك من الأعراض، لكن ذلك لا يمكن أن يحدث إلا بقضاء الله وقدره ، فيجب على المؤمن أن يحسن ظنه بالله ويتوكّل عليه في كل أمور حياته، وإذا تأكد الإنسان بأنه ليس فيه شيء من العين أو الحسد، فعليه أن يلجأ إلى الطب العضوي، واستشارة الأطباء الثقات، وطلب العلاج والتداوي، فإن الله ما أنزل مرضاً إلا وجعل له دواء.
أما الحاسد فإنه يَضُرّ نفسه قبل أن يَضُرّ المحسود، فهو يعاني من الضيق والألم كلّما رأى أثر نعم الله على عباده، فهو شخص معذّب مغموم، غير راضٍ بما كتبه الله له، بل ويتمنى زوال النعمة عن الآخرين، ولا يحب الخير لهم، ولكن ينبغي أن يُذَكَّر العائن بالتبريك وذلك بقول: اللهم بارك فيه، أو اللهم بارك عليه، وهذا الدعاء الذي يشتمل على تمنّي الزيادة والنماء، يقطع على العائن أو الحاسد ما يتمنّاه من نقصان النعمة عن المحسود أو المعيون، وهذا التبريك ثابت ومطلوب في قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا رأى أحدُكم من نفسِه أو مالِه أو من أخيِه ما يُعجبُه فلْيدعُ له بالبركةِ، فإنَّ العينَ حقٌّ)، ويُسَّن أن يقول أيضاً: ماشاء الله لا قوة إلا بالله، ورأى جماعة من السلف أنه لا بأس لو كُتب القرآن وغُسِل وشَرِبه المريض.
علاج العين والحسد
إن العين حق، وضررها قوي على الإنسان، وعلاجها يسير يكون بالتوبة والاستغفار ، وذكر الله تعالى، والقيام بما يأتي:
- الرقية الشرعية : وهي كالآتي:
- قراءة سورة الفاتحة.
- قراءة آية الكرسي.
- قراءة الآيات 117-122 من سورة الأعراف، وقراءة الآيات 80-82 من سورة يونس، وقراءة الآيات 69-70 من سورة طه.
- قراءة سورة الكافرون، وقراءة سورة الإخلاص والمعوذتين مع تكرارهم.
- التَّفْل والنفث بعد انتهاء القراءة، كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم.
- المواظبة على الأذكار المشروعة: مثل: أذكار النوم، وأذكار الصباح والمساء، والدخول والخروج، والإكثار من قراءة القرآن، والاستغفار.
- قراءة بعض الأدعية المأثورة: منها:
- "أعوذ بكلمات الله التامَّة، من كلِّ شيطانٍ وهامَّة، ومن كلِّ عين لامَّة".
- "أعوذ بكلمات الله التامَّات من شرِّ ما خلَق".
- عدم إخبار الناس بجميع نعم الله: وإنما يمكن إخفاء بعض ما فَضَّل الله به على العبد عمّن يخشى حسدهم، ولا بأس أن يُخبر من يثق بحبهم ومودّتهم له.
- الاستغسال: بمعنى أن يغتسل الشخص المصاب بالحسد أو العين بماء قد غسَّلَ به العائن وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره وجَمَعَهُ في إناء.
- اليقين بالله: بمعنى أن يقوم المصاب بالعين بجميع أسباب الشفاء مع اليقين بأن الشفاء من عند الله تعالى.
- قوة القلب: بمعنى أن لا يستسلم المصاب بالعين للخواطر الذي تأتيه.
- تطهير البيت من المعاصي: وذلك لأن فعل المعاصي في البيت هو سبب لجلب الشياطين، وابتعاد الملائكة، وهذا يَحْرِم أهل البيت من حفظ الله ورعايته، ويجعلهم عُرضة لأذى الشياطين، والبلاء، والأمراض التي تحصل بسببهم.
- الوقاية من الحسد : فهناك أمور إذا قام بها العبد المسلم تقيه من شر الحاسد قبل وقوع الحسد منه بإذن الله، وقد لخَّصَّها الإمام ابن القيم فيما يأتي:
- الإستعاذه بالله من شر الحاسد، والتحصّن واللجوء إليه سبحانه.
- تقوى الله تعالى ؛ بالقيام بأوامره والابتعاد عن نواهيه.
- الصبر على الحاسد، وعدم شكواه أو مقاتلته أو التفكير في إيذائه.
- التوكل على الله، وقول: حسبي الله ونعم الوكيل.
- الإخلاص لله والإقبال عليه، والسعي لنيل محبته ورضاه.
- التوبة الصادقة؛ بالابتعاد عن الذنوب التي تسلط على صاحبها أعداءه.
- الصدقة، ولها تأثير كبير في التخلص من شر العين والحسد.
- الإحسان إلى الحاسد، وهذا من شأنه أن يطفئ ناره، وهي من أصعب الأسباب.
- توحيد الله سبحانه، وذلك باليقين بأنه وحده مسبب الأسباب، والأمور كلها بيده وحده.