علامات إعراب المثنى
ما هي علامات إعراب المثنى؟
عرف النحاة المثنى وحدّوه بالحد، ومن ذلك ما قاله ابن عقيل: "لفظ دال على اثنين، بزيادة في آخره، صالحٌ للتجريد، وعطفِ مثله عليه"، فقولنا (دال على اثنين) مثل: البيتان، وقولنا (بزيادة في آخره) لنُخرِج نحو كلمة "شفع" فإنها تدل على اثنين دون زيادة، فليست مثنى، وقولنا (صالح للتجريد) لنُخرِج نحو كلمة "اثنان"، فإنه لا يصح تجريدها من الألف والنون.
قولنا (وصالح لعطف مثله عليه) لنُخرِج نحو "الأبوَين" فإنه اسم يطلق على الأب والأم، ولكنه بعد التجريد لا يُعطَف مثله عليه، لأنك تقول: "أب وأم" فما فقد شرطًا من هذه الشروط فإنه يُسمى ملحقا بالمثنى، فافهم هذا وكن على ثبات فيه.
المثنى يُعرَب بالحركات الفرعية، فإنه يُرفَع بالألف، ويُنصَب ويُجرّ بالياء، و في بعض الحالات تحذف النون من المثنى ، وذلك على اللغة المشهورة الفصيحة من لغات العرب، وقد قال ابن مالك في الخلاصة:
بالألفِ ارفعِ المثنى وكِلا
:::إذا بمضمر مضافًا وُصِلا
وتخلف اليا في جميعها الألِفْ
:::نصبًا وجرًّا بعد فتحٍ قد أُلِفْ
الألف علامة رفع المثنى
وجد النحاة بعد استقراء الكلام العربي أن العرب تلتزم الألف عند رفع المثنى، ومن ذلك قوله تعالى: {قالوا إِن هذانِ لَساحِرانِ يُريدانِ أَن يُخرِجاكُم مِن أَرضِكُم} وكقوله تعالى: {قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّـهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ} فالكلمات: "هذان، ساحران، رجلان" كلها مرفوعات، فجاءت بالألف لأنها مثنى.
الياء علامة نصب وجر المثنى
لم يختلف الحال هنا، فقد أدى التتبع والتقصي عند النحاة إلى أن العرب-أيضًا- تلتزم الياء عند جر المثنى أو نصبه، وقد جاء الكتاب العزيز بذلك، ومنه قوله تعالى: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ}، وقوله تعالى: {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَـذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ}، فالكلمات: "امرأتين، القريتين" الأولى منصوبة بالياء، والثانية مجرورة بالياء.
أمثلة على علامات إعراب المثنى
فيما يأتي أمثلة متنوعة على ما تقدم بيانه حول المثنى مع الإعراب:
- قال تعالى: { قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ }.
سحران: خبر لمبتدأ محذوف تقديره "هما"، مرفوع وعلامة رفعه الألف لأنه مثنى.
- قال قيس بن الملوح:
لو كانَ لي قلبان لعشت بواحدٍ :::وأفردتُ قلباً في هواكَ يُعذَّبُ قلبان: اسم كان مؤخر مرفوع وعلامة رفعه الألف لأنه مثنى.
- قال تعالى: { فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ}.
آخران: مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الألف لأنه مثنى، الأوليان: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الألف لأنه مثنى.
- قال أبو العتاهية:
وَأَما وَرَبِّ المَسجِدَينِ كِلَيهِما :::وَأَما وَرَبِّ مِنىً وَرَبِّ الراقِصاتِ المسجدين: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الياء لأنه مثنى، كليهما: توكيد معنوي منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه ملحق بالمثنى، وهو مضاف، وهما: ضمير متصل مبني في محل جر مضاف إليه.
- قال تعالى: { ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ }
كرتين: نائب عن المفعول المطلق منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه مثنى.
- قال تعالى: { وَاضرِب لَهُم مَثَلًا رَجُلَينِ جَعَلنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَينِ مِن أَعنابٍ }
رجلين: بدل منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه مثنى، ويجوز أن نجعله مفعولا به ثانيا على تقدير "اجعل"، جنتين: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه مثنى.
- قال تعالى: {هَـذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ }
هذان: الهاء للتنبيه حرف مبني لا محل له من الإعراب، ذان: مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الألف لأنه مثنى، على قول من جعله معربا بسبب التثنية، خصمان: خبر المبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الألف لأنه مثنى.
- قال أبو العلاء المعري :
أبْقَيْتَ فينا كَوْكَبَينِ سناهما :::في الصّبحِ والظّلماءِ ليسَ بخافِ كوكبين: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه مثنى.
- قال تعالى: { وَأَمَّا الجِدارُ فَكانَ لِغُلامَينِ يَتيمَينِ فِي المَدينَةِ }
لغلامين: اللام: حرف جر مبني لا محل له من الإعراب، غلامين: اسم مجرور باللام وعلامة جره الياء لأنه مثنى، يتيمين: نعت مجرور وعلامة جره الياء لأنه مثنى.
- قال تعالى: { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ }
فريقان: خبر المبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الألف لأنه مثنى.
- قال تعالى: {أ ن تَقولوا إِنَّما أُنزِلَ الكِتابُ عَلى طائِفَتَينِ مِن قَبلِنا }
طائفتين: اسم مجرور بعلى وعلامة جره الياء لأنه مثنى.
- قال تعالى: { إِذْ هَمَّت طَّائِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُو نَ }
طائفتان: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الألف لأنه مثنى.
- قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ }
اثنان: فاعل للمصدر "شهادة" مرفوع وعلامة رفعه الألف لأنه ملحق بالمثنى، ذوا: نعت مرفوع وعلامة رفعه الألف لأنه مثنى، وهو مضاف.
إنّ المثنى من صيغ الكلام العربي المختصر، فهو يكفيك مشقة ذكر ألفاظ بلفظ واحد، وإنما انتهجت العرب هذا النهج لولعها بالاختصار في الكلام، وهذا المثنى هو فرع عن الأصل؛ فالأصل هو المفرد، والإعراب بالواو والياء فرع عن الحركات الأصلية، فأعطينا الفرع للفرع للمناسبة.