عقوبة الزوجة الناشز
وآتيًا في هذا المقال بيان علاج وعقوبة الزوجة الناشز كما دلت عليه آيات القرآن الكريم وأحاديث السنّة النّبوية.
عقوبة الزوجة الناشز
تدرَّجَ الإسلام في كيفية التعامل مع الزوجة الناشز، على النحو الآتي:
الوعظ والنصح بلين
اتفق الفقهاء من المذاهب الأربعة، على أنّ المرأة إن نشزت فإنّ على الزوج أن يبدأ معها بالوعظ والنصح والتذكير برفقٍ ولين، لقول الله تعالى في كتابه: "وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا"، ووجه الدلالة من الآية أنّ الله تعالى بدأ بقوله "فَعِظُوهُنَّ" وتقديم الوعظ دلالة على ترتيبه في الأصل.
الهجر
فإذا لم ترجع المرأة بالوعظ والنّصح فإن الهجر يأتي في المرحلة الثانية من علاج النّشوز، وهذا باتفاق الفقهاء من المذاهب الأربعة، وقالوا بأنّ الله تعالى قدم الوعظ على الهجر في الآيات وقدم الهجر على الضّرب فكان دلالة على ترتيبه بعد الوعظ وقبل الضرب، كما قالوا بأن الهجر له أثر ظاهر في تأديب النّساء، ومن صور الهجر أن يهجر الرجل زوجته في الفراش فلا ينام معها، وهو قول الجمهور من الشافعية والمالكية والحنابلة وهو قول للحنفية وبعض أهل العلم، واستدلوا بقوله تعالى: "وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا"، ومن صوره أيضًا أن يهجرها بالكلام، فلا يتكلّم معها مدة ثلاثة أيام ولا يزيد عليها وهو مذهب الشافعية والحنابلة وبعض أهل العلم.
الضرب
فإذا لم ترجع المرأة بالوعظ والهجر يأتي الضرب بعدهما في المرتبة الثالثة باتفاق فقهاء المذاهب الأربعة، ويُشترط له أن يغلب على ظنّ الزوج أنّ ضرْبه سيُفيد في رجوعها وهو ما نصّ عليه المالكية والشافعية، كما ويُشترط أن لا يكون الضرب مبرحًا وذلك باتفاق فقهاء المذاهب، وأن لا يكون على الوجه أو على مكان مقتل، وبه قال الجمهور من الشافعية والمالكية والحنابلة، فعن معاوية القشيري -رضي الله عنه- قال: "قلتُ: يا رَسولَ اللهِ، ما حَقُّ زَوجةِ أحَدِنا عليه؟ قال: أن تُطعِمَها إذا طَعِمْتَ، وتَكسوَها إذا اكتَسَيتَ، أو اكتَسَبْتَ، ولا تَضرِبِ الوجهَ، ولا تقَبِّحْ، ولا تَهجُرْ إلَّا في البيتِ"، ورُوي عن عبد الله بن زمعة -رضي الله عنه-، عن النّبي -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: "لا يجلِدْ أحَدُكم امرأتَه جَلْدَ العَبدِ، ثمَّ يجامِعُها في آخِرِ اليومِ".
نفقة المرأة الناشز
اتفق الفقهاء من المذاهب الأربعة على أنّ المرأة الناشز لا نفقة لها ولا سُكنى لأنّ النفقة عليها إنّما تجب مقابل تمكينها نفسها من زوجها، فإن منعته التمكين كان له منعها النفقة، واستدلوا أيضًا بالآية السابقة من سورة النساء، وبقول عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (فَاتَّقُوا اللَّهَ في النِّسَاءِ؛ فإنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بأَمَانِ اللهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بكَلِمَةِ اللهِ، وَلَكُمْ عليهنَّ أَنْ لا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فإنْ فَعَلْنَ ذلكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غيرَ مُبَرِّحٍ، وَلَهُنَّ علَيْكُم رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بالمَعروفِ).