طريقة غسل الميت
طريقة غسل الميت
المِقدار الواجب في غَسل المَيت هو تَعميم بدنِ الميِّت بالماء مرّةً واحدةً، ولو كان الميِّتُ على جنابةٍ أو على حَيض، ولا يَحضرُ غسل الميِّت إلا من يُحتاج إلى وجوده في الغسل، وأمَّا ما يُستحبُّ في الغسل على التَّرتيب ما يأتي:
- يُوضع الميِّت على سرير مع رفع رأسه، وتَجريده من الثِّياب، وستر منطَقة العَورة -ما بين السُرَّة والرُّكبة-.
- يُعصرُ بطن الميِّت برفقٍ لإخراجِ ما فيه، ثمَّ تُنظَّف منطقة العَورة بيد الغَاسل المَلفوفة بِخرقة.
- ينوي الغاسِل نيَّة غسل الميِّت، ثمَّ يَقوم بتوضِئته الوضُوء العادي؛ لقول الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم-: (ابْدَؤُوا بمَيَامِنِهَا، ومَوَاضِعِ الوُضُوءِ منها)، ويُستنثنى من الوضوء الاستِنشاق والمَضمضة؛ فلا يُدخل المَاء على أنفِ الميِّت ولا فَمه.
- يُغسل الرأس، ثمَّ اللِّحية بِسدْر -نوعٍ من النَّباتات- أو بالصَّابون، أو بالغَسول، ويُسوِّك أسنانَ الميِّت، ويُنظِّف ما تحت أظَافره، ثمَّ يَصبُّ عليه الماء الطَّاهر، وهو شرطٌ لصحَّة الغسل.
- يغسل الشَّقَّ الأيمنَ بعد وضع الميِّت على جانبه الأيسر، ويبدأ غَسله بالصَّابون ونحوه من العُنق حتَّى القدم، ثمَّ يَصبّ عليه الماء الخَالص، ثمَّ يغسل شقَّه الأيسر بذات الطريقة، وهذه هي الغَسلة الأولى الوَاجبة.
- يُستحبُّ تكرار الغسل ثلاثَ مرَّات مثل الغَسلة الأولى، وإن إحتاج تنظيف الميِّت لأكثر من ذلك زِيد عليها بعددٍ فرديٍ من الغَسلات، لقول الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم-: (اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسًا، أَوْ أَكْثَرَ مِن ذلكَ)، ويُوضع في الغَسلة الأخيرة كافوراً أو طيباً، إلا إن كان الميِّت مُحرِماً فلا يُوضع له الطيب عندها؛ لقول النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- عن الميِّت المُحرم: (اغْسِلُوهُ، وكَفِّنُوهُ، ولَا تُغَطُّوا رَأْسَهُ، ولَا تُقَرِّبُوهُ طِيبًا؛ فإنَّه يُبْعَثُ يُهِلُّ).
- يُمشَّط شعر الميِّت، ويُضفر رأس الميِّتة بثلاث ضَفائر، ثمَّ يُنشَّف جسد الميِّت بالقماش وغيره.
- إن خَرج شيء من جَسد الميِّت بعد ذلك، يُغسل المَحل لتنظيفه من النَّجاسة، وقد تعدّدت آراء العلماء في وُجوب إعادة الغسل في هذه الحالة؛ فمنهم من قال بوجوب إعادة الغسل، ومنهم من قال بوجوب إعادة الوضُوء فقط، ويتم بعدها حَشو المَحل بالقطن لئلَّا يتلوَّث، ويُحشى بالقطن المواضع الآتية: الدُّبر، والقُبل، والأُذنين، والأنف، والفم.
- يُكره عند جمهور العُلماء تقليم أظافر الميِّت، وأخذ شيءٍ من شعر شَاربه، أو إبطه، أو عَانته.
حكم غسل الميِّت
غَسل الميت فَرض كِفاية عند جُمهور العلماء؛ بحيث إذا قام به بَعض المسلمين سَقط الواجب عن جَميع المُكلَّفين الآخرين، ودليل ذلك أمرُ النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- بغَسل من مات من المسلمين، حيث أَمر -عليه الصلاة والسلام- أصحابه بغَسل المُسلم الذي سقط عن بَعيره وقال: (اغْسِلُوهُ بمَاءٍ وسِدْرٍ)، ومن الأدلّة كذلك محافظة المسلمين على غسل الميت.
ويُستحبُّ المُبادرة والإسراع في غَسل الميِّت بعد التّأكّد من موته، وفي حال تمَّ دفنه قبل غَسله؛ وَجب على المُسلمين نَبشُ قبره وإخراجه وغَسله، فإن لم يَتبقّى من جَسده إلا بَعضه؛ يُغسل هذا الجزء ويُصلَّى عليه عند الشافعيَّة والحنابلة، ودليل ذلك فعل الصَّحابة -رضوانُ الله عليهم-، وفصَّل أبو حنيفة ومالك في هذه الحالة؛ فقالوا: إن وُجد من جَسد الميِّت الجزء الأكبر؛ يُصلَّى عليه، وإن تبقّى فقط الجُزء اليسير لا يُصلَّى عليه. وتجدر الإشارة إلى أنَّ التَّيمُم يقومُ مَقام الماء في غَسل الميِّت في حالتين: عند فقد الماء وعدم القُدرة على الوُصول إليه، وعند تعذُّر الغَسل لأيِّ سببٍ من الأسباب التي قد تجعل الغسل غير مُمكن، مثل الخَوف من تَقطُّع جسد الميِّت إن وَصله الماء، وبِخلاف هاتين الحالتين يجب أن يتمَّ الغسل بالماء بِصبّه على سائر الجَسد كما تقدّم سابقاً.
من يغسل الميت
قد يتحقَّق الغسل المطلوب للميِّت من قِبل عدَّة أطراف؛ ولكنَّ الأوْلى والأحَقّ بتَغسيل الميِّت أعَرفُ المسلمين بسُنّة الغسل، ولمِن يَقوم بغسل الميِّت أجرٌ عظيمٌ إن قصَد وجه الله -تعالى- في فِعله، وسَتَر على الميِّت، ولم يحدِّث بما رآه منه من مَكروه، وعند الحاجة يكون الأوْلى بغسل الميَّت وصيُّه إن كان موصّياً، ثمَّ أبوه، ثمَّ جده، ثمَّ الأقرب فالأقرب، والأولى بغسل المرأة وصِّيتها، ثمِّ أمها، ثمِّ جدتها، ثمِّ الأقرب فالاقرب وهكذا، ويُلجأ إلى هذا التَّرتيب عند عدم وجود من يُغسّل الأموات من العارفين بذلك، أمَّا إن توفر كما هو الحال اليوم، فيستطيع غَسل الميت الجِهات المُختصَّة بهذا الأمر. ويجب أن يَقتصر حُضور غسل الميِّت على الغَاسل ومن يحتاج إلى إعانته في الغسل، ويُكره الحُضور لمن ليس له حاجة.
كما أنَّ الأولى في الغسل اتّفاق الجنسين بين الميِّت والغاسل؛ فالرَّجل يُغسّل الرَّجل، والمرأة تُغسّل المرأة، فإن لم يتوفّر لغسل الرَّجل الميِّت إلا رجلٌ غير مسلمٍ وامرأة مسلمة، يُقدَّم عندها الرجل غر المسلم لغَسله، لأنَّ الأولى اتِّحاد الجنس عند الجمهور، وإن مات رجلٌ بين نِسوةٍ أو مَاتت امرأةٌ بين الرِّجال؛ فعندها يتمُّ تكفِين الميِّت أو الميِّتة بلا غسل ولا وضوء ولا تيمُّم، ويُصلى عليه ويُدفن.
ويجوز للزَّوج تَغسيل زوجته، ويجوز للزَّوجة تَغسيل زوجها سواءً كانت مُسلمة أم ذمَّية عند الجُمهور إذا اتَّصلت الرَّابطة الزَّوجية إلى الموت، على أن يَلبس كلٌّ منهما خَرقةً على اليد عند الغسل وبدون مسّ، ودليل الجُمهور على جواز ذلك حديث عائشة -رضي الله عنها-: (رجعَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ منَ البَقيعِ فوجَدَني وأنا أجِدُ صُداعًا في رَأسي وأنا أقولُ وا رَأساهُ فقالَ بل أنا يا عائشَةُ وا رَأساهُ ثمَّ قالَ ما ضرَّكِ لَو مِتِّ قَبلي فقُمتُ علَيكِ فغسَّلتُكِ وَكفَّنتُكِ وصلَّيتُ عليكِ ودفنتُكِ)، وخالف الحنفيَّة وقالوا بعدم جواز غسل الرجل لزوجته، ولا يحقُّ له مسُّها لانقطاع النِّكاح ، ولكن يجوز له النَّظر إليها، أمَّا المرأة فلها غَسل زوجها وإن كانت ذمِّية بشرط بقاءِ الزَّوجية إلى وقت الغسل.