أسباب عدم قبول التوبة من الزنا
تعريف التوبة
التوبة هي التخلّي والرجوع عن الذنوب والمعاصي من الأفعال المحرّمة التي يرتكبها المسلم، مع إرجاع الحقوق لأصحابها إن تعلّق بهذه الأفعال حقوقٌ للعباد، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّـهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ)، وآتيًا حديثٌ عن التوبة من الزنا ، وبيانٌ لشروط التوبة الصحيحة.
أسباب عدم قبول التوبة من الزنا
تعدّ جريمة الزنا من أكبر الكبائر ، وقد حذّر الله تعالى ورسوله الكريم من الاقتراب من الزنا أو الوقوع فيه؛ فقال تعالى: (وَلا تَقرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبيلًا)، وجاء في السنة النبويّة عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قوله: "لَا يَزْنِي العَبْدُ حِينَ يَزْنِي وَهو مُؤْمِنٌ"،أما عن قبول التوبة وعدمها؛ فباب التوبة مفتوح للزاني وغيره، والتوبة تقبل عن جميع الذنوب كبيرها وصغيرها إذا تحقّقت شروطها؛ لقوله تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)؛ فالله تعالى يقبل التوبة عن جميع الذنوب، وعلى المؤمن ألّا ييأس من التوبة و الاستغفار في حالة ارتكابه لذنبٍ من الذنوب أو تكرارها، وعليه أن يسعى لقطع جميع الأسباب التي تؤدي لارتكابه المحرمات على اختلافها، ويلجأ إلى الله تعالى بالدعاء والتقرّب إليه بالفرائض وما استطاع من أعمال الخير؛ حتى يتقبّل الله منه هذه التوبة، ويغفر له ذنوبه، ويعطيه الحسنات؛ لصدق توبته واستمراه عليها، قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: "الإسلامُ يَجُبُّ ما قبلَه والتوبةُ تَجُبُّ ما قبلَها".
وممّا يدل على قبول توبة الزاني؛ ما روي عن ماعز -رضي الله عنه- أنّه ذهب للنبيّ -صلى الله عليه وسلم- يطلب منه أن يطهره من الذنب الذي اقترفه؛ وهو الزنا فأمره النبي عليه السلام بأن يرجع ويستغفر وسأل الصحابة عن حاله أمجنون أم يقوم بشرب الخمر حتى كر اعترافه بفعلته أربع مرات وطلب إقامة الحد عليه، وروي في الحديث الصحيح بعد إقامة الحد على ماعز: "جَاءَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وَهُمْ جُلُوسٌ، فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ، فَقالَ: اسْتَغْفِرُوا لِمَاعِزِ بنِ مَالِكٍ، قالَ: فَقالوا: غَفَرَ اللَّهُ لِمَاعِزِ بنِ مَالِكٍ، قالَ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: لقَدْ تَابَ تَوْبَةً لو قُسِمَتْ بيْنَ أُمَّةٍ لَوَسِعَتْهُمْ".
شروط التوبة الصحيحة
إنّ للتوبة الصحيحة شروطًا لا بُدّ من تحقيقها، وهي:
- الندم على الذنوب التي قام بها.
- والعزم على عدم العودة إليها.
- إرجاع الحقوق لأصحابها إن كانت فيها حقوق للعباد، وطلب المسامحة منهم إن كانت الحقوق غير ماديَّةٍ أو عينيَّةٍ.
- قبول الله تعالى لتوبة العبد المذنب ما لم يغرغر وتقترب روحه من الصعود لله تعالى؛ لقوله تعالى في محكم كتابه: (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ).