أسباب صعوبة الكلام عند الأطفال
أسباب اضطراب الكلام عند الأطفال
حقيقة إنّ معظم حالات اضطراب الكلام عند الأطفال (بالإنجليزيّة: Speech disorder) أو صعوبة الكلام عند الأطفال غير معروفة السبب حتى الآن، ويُعتبر فقدان السمع الكامل (الصمم) وضعف السمع من أهم أسباب تأخر الكلام واضطرابه عند الأطفال، وفي الواقع يمر الأطفال بشكل طبيعي بالعديد من المراحل التطوّرية لإنتاج الكلام خلال فترة تعلّمهم التواصل مع الآخرين، وما يُعدّ طبيعي من تكوين كلمات وجمل في مرحلة عمرية معينة قد يدلّ على وجود مشكلة في حال كان ضمن مرحلة عمرية أكبر، ومن الجدير بالذكر أنّ اضطراب الكلام عند الأطفال يتضمّن العديد من المشاكل الفرعية، ومنها؛ اضطرابات الصوت (بالإنجليزيّة: Voice disorder) بما فيها تشوهات أيٍّ من النغمات والاهتزازات، أو درجة وحجم الصوت، أو جودة الصوت، أو الرنين، أو مدّة إصدار الأصوات، ومرورًا باضطرابات النطق التي تتضمّن مشاكل في عملية إنتاج الأصوات المختلفة من الكلام، وانتهاءً باضطرابات الطلاقة أو السلاسة والتي تتضمّن ضعف المعدل الطبيعي أو التناغم (الإيقاع) الطبيعي مثل مشكلة التلعثم.
وفيما يأتي توضيح لأسباب المشاكل المختلفة التابعة لاضطراب الكلام عند الأطفال بشيء من التفصيل:
فقدان السمع وضعف السمع
تُعتبر عملية سماع الأصوات هي الركيزة الأساسية التي تساعد الطفل على تعلّم فهم الكلام والتحدّث، وفي حال معاناة الطفل من فقدان السمع أو ضعفه فإنّ الطفل يفتقد إلى سماع هذه الأصوات المهمة وهذا بدوره يؤدي إلى العديد من المشاكل في النطق، والقراءة ، والنجاح الدراسي، والمهارات الاجتماعية، وتجدر الإشارة إلى أهمية فحص حاسة السمع عند الطفل والحصول على الرعاية الطبية اللازمة بوقت مبكّر في حال وجود أي اشتباه بمشاكل السمع لديه، وفي الحقيقة هناك بعض العلامات التي تدلّ على وجود مشكلة ضعف السمع لدى الطفل نتيجة عدم سماع الأصوات بشكل جيّد وعدم القدرة على التحدّث بوضوح، ومنها؛ عدم استخدام الأحرف والمقاطع ذات الأصوات الهادئة التي يصعُب سماعها مثل؛ س، ش، ف، ت، ك، بالإضافة إلى عدم قدرة الطفل على سماع صوته خلال الحديث وذلك بسبب استخدام نغمة عالية جدًا أو خافتة (هادئة) جدًا، بينما يجد الأفراد المحيطون بالطفل بأنّ هذا الحديث الصادر عنه عبارة عن دندنة أو غمغمة؛ أي أنّه كلام غير واضح أو أصوات مختلفة عن المألوف.
اضطرابات الصياغة والنطق الصوتي
يتمثّل اضطراب الصياغة أو اللفظ (بالإنجليزيّة: Articulation disorder) عند الأطفال بوجود مشكلة في إنتاج أصوات الكلام وتكوين أصوات كلام معينة بشكل صحيح، فمن الممكن أن يلدغ الطفل ببعض الأحرف أو المقاطع الصوتية، بينما يتمثّل اضطراب النطق الصوتي (بالإنجليزيّة: Phonological disorder) عند الأطفال بوجود مشكلة في أماكن وضع الأصوات التي يتم إنتاجها، سواء كان بوضعها في موقع خاطئ في نفس الكلمة المراد لفظها أو وضعها في كلمة أخرى خاطئة، بالرغم من إمكانية إنتاج الأصوات بشكل صحيح، وبذلك يمكن لهؤلاء الأطفال استبدال بعض أصوات الأحرف بأصوات أحرف أخرى، أو عدم نطق الحروف في بعض الكلمات ونطقها في كلمات أخرى مما يؤدي إلى اختلال معنى الكلمة.
تجدر الإشارة إلى أنّه في الوضع الطبيعي يكتسب الأطفال مهارة تكوين واستخدام أصوات الكلام بطريقة تدريجية يمكن التنبؤ بها، كما أنّهم يرتكبون الأخطاء خلال مراحل النموّ والتطوّر اللغوي عادةً، ولكن في مرحلة معينة من مراحل النموّ يتجاوز الأطفال السليمون هذه الاخطاء ويُصبح كلامهم مفهومًا وواضحًا، بينما يبقى كلام الأطفال المصابين باضطراب الصياغة والنطق الصوتي غير مفهوم بصورة واضحة مقارنةً بأقرانهم من الأطفال المماثلين لهم في السن، وتعود أسباب الإصابة باضطراب الصياغة واضطراب النطق الصوتي عند الاطفال إلى الأسباب ذاتها، وتتضمن وجود مشاكل أو تغيّرات في البنية أو الشكل الخارجي للعضلات أو العظام المُستخدمة في عملية إنتاج أصوات الكلام المختلفة، وذلك كما في حالة الحنك المشقوق (بالإنجليزية: Cleft palate)، وحالات مشاكل الأسنان، بالإضافة إلى حدوث تلف في بعض أجزاء من الدماغ أو الأعصاب التي تتحكّم في العضلات والعظام المُستخدمة في تكوين الأصوات، كما هو الحال في مرضى الشلل الدماغي.
اضطرابات الطلاقة وعدم سلاسة الكلام
يُطلق على الحالات الطبية التي يُعاني فيها الطفل من خروج الكلمات بشكل متقطّع وضعف التدفّق الطبيعي لانسيابية الكلام باضطراب الطلاقة (بالإنجليزيّة: Fluency disorders)، وتُعتبر مشكلة التاتأة أو التلعثم أكثر أنواع اضطرابات الطلاقة شيوعًا، وتتمثّل باحتواء الحديث على العديد من التكرار، أو التردّد، أو الإطالة، أو التوقف الخارج عن الوضع الطبيعي والذي يُفقد الكلام تناغمه وتناسقه، بالإضافة إلى رؤية علامات التوتر على الوجه، أو الرقبة، أو الكتفين، أو القبضة في بعض الأحيان، وفي الحقيقة فإنّ السبب الدقيق لاضطرابات الطلاقة غير معروف بشكل أكيد، ولكن هناك العديد من النظريات التي تفسّر سبب حدوث التأتأة أو التلعثم عند الأطفال، فقد يعود السبب إلى الجينات الوراثية التي تسري في العائلات الواحدة، كما أنّ هذه المشكلة قد تكون مرتبطة بالتغيّرات والاختلافات العصبية التي تحدث خلال عملية معالجة الكلام واللغة، بالإضافة إلى إمكانية ظهور مشكلة التأتأة أو التلعثم بالتزامن مع أحد اضطرابات الكلام الأخرى، ومن الجدير بالذكر أنّ حالة التلعثم قد تزداد سوءًا عند الشعور بالإجهاد أو القلق، كما أنّ حالة التلعثم قد تتأثر بردود الأفعال الداخلية للشخص وردود الأفعال الخارجية للمحيطين به ولكنّها لا تسبّب التلعثم.
تعذر الكلام في الطفولة
يُعدّ تعذّر الكلام في الطفولة (بالإنجليزيّة: Childhood apraxia of speech) واختصارًا CAS أحد اضطرابات الجهاز العصبي الذي يؤثر في قدرة الطفل الطبيعية على لفظ الأصوات والمقاطع والكلمات؛ حيث يعاني الدماغ من صعوبة في توصيل الأوامر العصبية إلى الشفاه والفك واللسان للقيام بالحركات اللازمة لإنتاج الاصوات والكلمات، وبالتالي فإنّ الطفل الذي يعاني من مشكلة تعذّر الكلام في الطفولة يعرف حق المعرفة ما يُريد قوله والتعبير عن حاجته ولكنّه لا يستطيع إخراج الأصوات من فمه بشكل صحيح ومنتظم، وفي الحقيقة تُعتبر حالة تعذّر الكلام في الطفولة مشكلة طبية غير شائعة لدى الأطفال. تتعدّد الأسباب التي قد ينتج عنها مشكلة تعذّر الكلام في الطفولة، ولكن في الكثير من الحالات لا يستطيع الطبيب تحديد السبب الأساسي وراء حدوث المشكلة؛ حيث أنّه في الغالب لا يتم ملاحظة أي مشكلة طبية واضحة في دماغ الطفل المصاب بتعذّر الكلام في الطفولة.
ولعلّ من أبرز أسباب هذه المشكلة؛ حالات وإصابات الدماغ العصبية ويتضمن ذلك السكتة الدماغية، والعدوى الإنتانية، وإصابات الدماغ الرضحية، كما قد يكون تعذّر الكلام أحد أعراض اضطراب أو متلازمة وراثية أو مشكلة في التمثيل الغذائي مثل؛ حالة الجالاكتوزيميا (بالإنجليزيّة: Galactosemia)، ويُقصد بها وجود سكر الجالاكتوز في الدم، وهي حالة تتمثّل بوجود مجموعة من الاضطرابات الوراثية التي تجعل الجسم غير قادر على إنتاج الطاقة اللازمة للجسم من سكر الجالاكتوز، وبالتالي تراكمه في الدم، وقد يرتبط تعذّر الكلام في الطفولة مع تعذّر الأداء النمائي (بالإنجليزيّة: Developmental apraxia) في بعض الأحيان، ولكن الجيّد في الأمر أنّ الطفل المصاب بتعذّر الكلام في الطفولة يمكن أن يتحسّن أداؤه في الكلام أثناء مراحل النموّ ؛ حيث أنّ العديد من الحالات المصابة بتأخر الكلام واضطرابات النموّ يمشون على الدرب المعتاد لتطوّر اللغة والكلام لديهم، ولكن يكون التطوّر والنموّ بطيء قليلاً.
عسر التلفّظ
ينتمي الرُتّة أو عسر التلفّظ (بالإنجليزيّة: Dysarthria) إلى اضطرابات الكلام الحركية، ويحدث عسر التلفّظ نتيجة وجود ضعف في العضلات المسؤولة عن إخراج الكلمات نتيجة إصابة الدماغ بتلف، وفي الحقيقة فإنّ الإنسان يعتمد على العديد من العضلات للتلفّظ والنطق بالكلمات وهي تتضمن؛ عضلات الوجه، والشفاه، واللسان، والحنجرة، وعضلات التنفس، وبالتالي سيكون من الصعب على الفرد الكلام إن كانت هذه العضلات ضعيفة، وتجدر الإشارة إلى أنّ عسر التلفّظ قد يحدث بالتزامن مع مشاكل الكلام واللغة الأخرى، كما يمكن للحالة أن تكون خفيفة في بعض الحالات، بينما قد تكون شديدة في حالات أخرى، ويعود السبب الرئيسي للإصابة بعسر التلفظ إلى الإصابة بتلف الدماغ سواء كان ذلك منذ الولادة أو نتيجة التعرّض لمرض معيّن أو إصابة أدت إلى تلف الدماغ، ويشمل ذلك؛ السكتة الدماغية، وإصابة الدماغ الرضحية، والأورام، وداء باركنسون أو الشلل الرعاش، والتصلّب الجانبي الضموري، وداء هنتنغتون (بالإنجليزيّة: Huntington's disease)، والتصلّب المتعدّد، والشلل الدماغي، والضمور العضلي .
اضطرابات الصوت
تتمثّل اضطرابات الصوت بوجود مشاكل لدى الطفل في نغمة الصوت، ودرجة الصوت، ونبرة أو رنين الصوت، وغيرها من خصائص جودة الصوت، ويعود السبب الحقيقي لحدوث هذه المشاكل إلى عدم اهتزاز الأحبال الصوتية بشكل طبيعي، وذلك نتيجة أحد العوامل والأسباب التالية:
- نموّ أنسجة إضافية: يمكن أن تتكوّن أنسجة زائدة على الحبال الصوتية تمنعها من العمل بشكل طبيعي، وفي الحقيقة تتنوّع أشكال هذه الأنسجة ويمكن ان تتضمّن نموّ الكيسات (بالإنجليزيّة: Cysts) وهي أكياس مملوئة بالسوائل، أو نموّ الورم الحليمي (بالإنجليزيّة: papilloma) وهو تكتلات تشبه الثآليل ، أو نموّ العُقيدات (بالإنجليزيّة: Nodules) وهي نتوءات تشبه الجلد المتصلّب، أو نموّ الورم الحبيبي (بالإنجليزيّة: Granuloma) وهو نوع من الالتهابات المزمنة التي تظهر في منطقة صغيرة، أو نموّ الزوائد اللحمية والسليلة (بالإنجليزيّة: Polyps) وهي بثور صغيرة الحجم، كما أنّه قد تتكوّن على الحبال الصوتية بقع من الأنسجة التالفة التي يُطلق عليها آفات أو جروح (بالإنجليزيّة: Lesions)، أو أنسجة ناتجة عن آثار الجروح والمعروفة باسم الندب، وفي بعض الحالات قد تنمو مجموعة من الأنسجة المتداخلة والتي تسمّى شبكة بين الحبال الصوتية، ويظهر نموّ الأنسجة الإضافية في هذه المنطقة نتيجة حدوث مرض، أو التعرّض للأذى والإصابة، أو السرطان، أو سوء استخدام الصوت.
- الإصابة بالتورم والالتهاب: هناك العديد من الأمور التي تؤدي إلى التهاب وتورّم الحبال الصوتية ومنها؛ العمليات الجراحية، وأمراض الجهاز التنفسي، والحساسية التنفسية، ومرض الارتجاع المعدي المريئي، وبعض أنواع الأدوية، والتعرّض لبعض المواد الكيميائية، والتدخين، والإدمان على الكحول، وسوء استخدام الحبال الصوتية أو كثرة استعمالهم.
- مشاكل الأعصاب: قد تؤثر بعض الحالات المرضية والطبية في الأعصاب المسؤولة عن التحكّم في الحبال الصوتية، كما قد تتأذى الأعصاب نتيجة إجراء العمليات الجراحية، أو التعرّض للالتهاب الحنجرة المزمن.
- التغيّرات الهرمونية: قد تؤثر الاختلالات والتغيّرات التي تحدث في هرمون الغدة الدرقية ، والهرمونات الأنثوية والذكرية، وهرمونات النموّ في الحبال الصوتية وتؤدي إلى اضطرابات الصوت.
- إساءة استخدام الصوت: تحدث إساءة استخدام الصوت عندما يتحدّث الفرد بطريقة تضغط على الحبال الصوتية نتيجة التوتّر والعصبية أثناء الحديث.
- مشاكل أخرى: يمكن أن تحدث اضطرابات الصوت نتيجة وجود مشاكل في الحنك مثل؛ الحنك المشقوق، أو نتيجة فقدان أو ضعف السمع.
اضطرابات الوظيفة العضلية الفموية الوجهية
تتمثّل اضطرابات الوظيفة العضلية الفموية الوجهية (بالإنجليزيّة: Orofacial Myofunctional Disorders) بوجود مشاكل في عضلات ووظائف الفم والوجه، وعادةً ما تتضمن هذه الاضطرابات وجود وضعية غير طبيعية للشفاه أو الفك أو اللسان أثناء السكون أو البلع أو الكلام، ويكمن السبب وراء اضطرابات الوظيفة العضلية الفموية الوجهية في أحد الأمور التالية:
- عادة مصّ الإصبع أو الإبهام المزمنة.
- استعمال لهايات الأطفال لفترات طويلة.
- عادة عضّ الخد أو قضم الأظافر.
- إحكام إطباق الأسنان بشدّة، أو طحن وصرير الأسنان معاً خلال إغلاق الفكين.
- ضيق مجرى الهواء الأنفي نتيجة تضخّم اللوزتين، أو اللحميات الأنفية، أو الحساسية.
- حالة ربط اللسان التس تتمثّل بوجود غشاء يربط اللسان بقاعدة الفم.
- الأسباب الوراثية.
متلازمة الكروموسوم X الهش
تُعدّ متلازمة الكروموسوم X الهش (بالإنجليزيّة: Fragile X syndrome) إحدى الحالات الطبية المتوارثة بين الأجيال في العائلة الواحدة، وتؤدي إلى مجموعة من المشاكل النمائية لدى الأطفال ومنها؛ صعوبة التعلّم، والضعف المعرفي، وعادةً ما تؤثر هذه المتلازمة في الذكور بطريقة شديدة أكثر منها في الإناث؛ حيث أنّ الأعراض التي تظهر على الإناث تكون خفيفة مقارنةً في الأعراض التي تظهر على الذكور، كما تُعتبر متلازمة الكروموسوم X الهش السبب الاكثر شيوعاً لإصابات الأولاد الذكور بالإعاقات العقلية والتوحد ، وفي الحقيقة فإنّ معظم الذكور المصابين بمتلازمة الكروموسوم X الهش لديهم إعاقة عقلية بدرجة خفيفة إلى متوسطة، بينما تُعاني ثُلث الإناث المصابات بمتلازمة الكروموسوم X الهش من إعاقة عقلية بدرجة خفيفة إلى متوسطة، وعادةً ما تبدأ أعراض التأخر المعرفي والنمائي لدى الأطفال المصابين بالمتلازمة في السنة الثانية من العمر عن طريق تأخر تطوّر الكلام واللغة، وتتضمن الأعراض؛ تكرار الكلمات والعبارات، والفوضوية في الكلام، وعدم القدرة على تنظيم الكلام، واستخدام اللغة بطريقة صحيحة، كما قد يُعاني الأطفال من القلق والنشاط المُفرط مثل حالة التململ بعصبية أو السلوكات المندفعة والمتهوّرة، ويكمن السبب وراء حدوث هذه المتلازمة في وجود طفرة جينية في الجين FMRI، وفي حال انتقال الكروموسوم X المتغيّر جينياً إلى الطفل من أحد أبويه فسيكون حينها ناقلاً للمرض، وهذا يجعله أكثر عرضةً لخطر الإصابة بمتلازمة الكروموسوم X الهش.
عوامل تزيد من اضطراب الكلام عند الأطفال
توجد مجموعة من العوامل التي قد تزيد من احتمالية معاناة الطفل من اضطراب الكلام، ومن أهمّها؛ أن يكون الطفل ذكرًا، وولادة الطفل الخديج أو المُبتسر ويُقصد به أن يُولد الطفل قبل الموعد الطبيعي المحدّد للولادة ، وانخفاض وزن الطفل عند الولادة، ووجود تاريخ طبي لدى العائلة بمشكلة اضطراب الكلام، ومعاناة الطفل من مشاكل تؤثر في الأذن، أو الأنف، أو الحنجرة، ومن الجدير بالذكر أنّ وجود اضطرابات في الجين المسؤول عن تطوير اللغة عند الإنسان والمعروف بالجين FOXP2 يزيد من احتمالية الإصابة بتعذّر الأداء النطقي في مرحلة الطفولة، وغيرها من الاضطرابات المرتبطة بالكلام واللغة، وفي الحقيقة ما زال الباحثون يدرُسون كيف تؤثر التغيّرات الشاذة والتشوهات في الجين FOXP2 على التنسيق الحركي وعمليات معالجة الكلام واللغة في دماغ الفرد، وبشكل عام يُعتقد بأنّ الجين FOXP2 قد يُساهم في كيفية تطوير ونموّ بعض الأعصاب والمسارات العصبية الموجودة في الدماغ .
الوقاية من اضطراب الكلام عند الأطفال
لم يجد الخبراء طريقة حتى الآن لمنع حدوث اضطرابات الكلام عند الأطفال، ولكن يُعتبر اكتشاف المشكلة في وقت مبكّر واتخاذ الإجراءات اللازمة بشكل سريع من أهم خطوات التغلّب على المشكلة، وذلك من خلال مساعدة الطفل على النموّ والتطوّر بشكل جيّد، والتعامل مع الأمور المتعلقة بالمدرسة، وتحسين نوعية حياة الطفل، وفي الحقيقة يمكن اتباع بعض النصائح التي قد تساهم في الوقاية من حدوث اضطراب الكلام عند الأطفال أو الكشف المبكّر عنه على الأقل، ومن أهمّها؛ الحرص على عدم تناول الأدوية والعقاقير خلال فترة الحمل، والاستمرار في التحدث مع الطفل في مختلف الأوقات بالإضافة إلى مشاركته القراءة، وإجراء الفحوصات اللازمة للتأكد من سلامة الأذن وحاسة السمع عند الطفل بانتظام، والعمل على تعلّم كيفية تطوّر اللغة والكلام عند الأطفال، والتأكد من ارتداء الطفل للخوذة ووضع حزام الأمان عند اللزوم لتفادي التعرّض إلى إصابات في الدماغ.
هناك بعض الحالات التي يعاني فيها الطفل من تأخّر الكلام نتيجة وجود ضعف في السمع، وفي هذه الحالة يتم الاستعانة بسماعات الأذن أو غرسات القوقعة لمساعدة الطفل على سماع كلام الأفراد المحيطين به، وبالتالي التعرّف على الأصوات والكلمات، وحينها يمكن للطفل تطوير اللغة والكلام لديه بالتدريج ليصل إلى مستوى أقرانه، وفي بعض الحالات يكون الطفل قادراً على سماع الاصوات وفهم الكلام المنطوق ولكنّه لا يتحدّث، ففي هذه الحالة يُنصح بتشجيع الطفل على الكلام عن طريق الحديث المستمرّ عمّا يدور حول الطفل والوصف الدائم لكل الأشياء المحيطة به، مثل؛ عملية غسل الصحون، وريّ النباتات، وتقديم الطعام، وفي الحالات التي يتكلّم فيها الطفل يجب على الأبوين تعزيز وتاكيد ما يقوله مع إعطاءه الملاحظات اللازمة، وفي الحالات التي يتلعثم فيها الطفل أثناء الحديث فيُنصح الأبوان بمنح الطفل الوقت الكافي للتحدث، والعمل على عدم مقاطعته قدر الإمكان، وعند وجود أي قلق بخصوص التلعثم فيمكن فحص الطفل من قبل أخصائي علم أمراض النطق واللغة.