ضبط النفس عن الشهوات
معنى ضبط النفس عن الشهوات
يُقصَد بضبط النَّفس عن الشهوات: قدرة النَّفس على التّحكُّم بقوَّة الشَّهوة والمحافظة على التوسط والاعتدال فيها، حيث لا تميل إلى الإفراط والفجور حتى الشَّراهة، ولا إلى التفريط حتى الجمود، بل تكتفي النَّفس وتقتصر على القدر الذي يقيم الجسد ويحفظ عليه صحَّته، على أن يكون ذلك بما يرضي الله -تعالى- ووِفق أحكامه وشرعه، وتجدر الإشارة إلى أنّه لا يقتصَر ضبط النَّفس وتوازنها في القوَّة الشهوية فحسب بل في كافّة الملذَّات والرغبات، لذا قال الله -تعالى-: (وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى)، والهوى: هو كلُّ ما قد تميل إليه النَّفس من الحرام والمعاصي والمآثم التي تغضب الله -تعالى- منها ولا يرضى عنها، والله -سبحانه- جعل أجر وثواب من تمكّن من ضبط نفسه وزجرها عن ذلك الجنّة والفوز بها لقوله -تعالى-: (فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى).
وسائل ضبط النَّفس عن الشهوات
هناك العديد من الوسائل التي تُعين على ضبط النَّفس عن الشهوات، منها ما يأتي:
- الدعاء: بحيث يحرص المسلم على الإكثار من دعاء الله -تعالى- بأن يُبعده عن السوء والفحشاء، ويُجنِّبه ذلك كما فعل نبيّ الله يوسف -عليه السلام- عندما عُرِضَت عليه الفاحشة، حيث دعا الله -تعالى-: (وَإِلّا تَصرِف عَنّي كَيدَهُنَّ أَصبُ إِلَيهِنَّ وَأَكُن مِنَ الجاهِلينَ* فَاستَجابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنهُ كَيدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّميعُ العَليمُ).
- غرس العفّة في نفوس الأبناء: حيث يحرص المسلم على زرع الفضيلة ومكارم الاخلاق في نفوس أبنائه منذ نعومة أظفارهم؛ فيَنشأ جيلٌ ونشْءٌ صالحٌ متمسّكٌ بأحكام وتعاليم دينه.
- سدّ الذرائع المؤدية إلى الفساد: بحيث يحرص المسلم على مجانبة كل ما يُسهم في الوقوع في الرذيلة والفساد، ومن ذلك ما يأتي:
- مجانبة الخلوة بالمرأة الاجنبية: فلا يجوز الاقتراب ممّا كان فيه مظنّةٌ للفتنة والوقوع فيها، ومن ذلك الخلوة بالمرأة الأجنبية والنظر إليها إلّا إذا كان ذلك لمصلحةٍ وحاجةٍ؛ كنظر الخاطب والطبيب، وقد دلَّ على ذلك قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (لا يخلُوَنَّ رجلٌ بامرأةٍ؛ فإنَّ الشيطانَ ثالثُهُما).
- مجانبة التبرّج: وقد دلَّ على ذلك قول الله -تعالى-: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى).
- غضّ البصر: فإطلاقه أدعى لإطلاق الشهوة في القلب والاندفاع وراءها، لا سيما وأنَّ العين مرآةٌ للقلب فيكون حفظ بصرها سبباً في حفظ القلب وشهوته، قال الله -تعالى-: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ)، وقال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (كُتِبَ علَى ابْنِ آدَمَ نَصِيبُهُ مِنَ الزِّنَا، مُدْرِكٌ ذلكَ لا مَحَالَةَ، فَالْعَيْنَانِ زِنَاهُما النَّظَرُ).
- مجانبة الدخول قبل الاستئذان: وقد دلَّ على ذلك قول الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا)، وقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّما جُعِلَ الِاسْتِئْذَانُ مِن أجْلِ البَصَرِ).
- مجانبة ترك الحدود، وإقامتها: فالحرص على إقامة الحدود وأوامر الله -تعالى- واجتناب نواهيه كفيلٌ بردْع النفوس عن مخالفة أوامر الله -تعالى- وأحكامه.
- مجانبة عدم التفريق في المضاجع: بحيث يحرص المسلم على كلِّ ما كان من شأنه أن يبثّ العفّة والاحتشام في نفوس أبنائه، ومن ذلك التفريق بينهم في المضاجع عند بلوغ عامهم العاشر، وقد دلَّ على ذلك قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (مُرُوا أبناءَكم بالصَّلاةِ وهم أبناءُ سَبعِ سِنينَ، واضرِبوهم عليها لعَشرٍ، وفَرِّقوا بينهم في المضاجِعِ).
- تقوى الله -تعالى- ومخافته: وذلك بأن يُلزِم المسلم نفسه بطاعة الله -تعالى- واتّباع أوامره واجتناب نواهيه في السرّ والعلن على حدٍّ سواء، لقول الله -تعالى-: (عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ)، وقوله -تعالى-: (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ)، حيث أشار عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- في تفسير لفظ (خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ) إلى الرَّجل الذي يغضّ طرفه عن النساء إذا نظر إليه أصحابه.
- الزواج: بحيث يُرغِّب المسلم نفسه بالإقبال على الزواج والحلال ومجانبة الحرام، فلم ينهَ الله -تعالى- النَّفس عن شيءٍ إلّا وأغناها عنه بمباحٍ وحلالٍ، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَنِ اسْتَطَاعَ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فإنَّه أغَضُّ لِلْبَصَرِ، وأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ).
- استحضار الثواب المُعدّ لمَن ضبط نفسه عن الشهوات: فيحرص المسلم على استحضار وتذكّر الثواب والأجر الذي أعدّه الله -تعالى- لِمَن اتّبع أمره، وضَبَط نفسه عن الشهوات، حيث قال الله -تعالى-: (إِنّا لا نُضيعُ أَجرَ مَن أَحسَنَ عَمَلًا)، إلّا أنّ ذلك لا ينفي استحضار وتذكّر جزاء مَن اتّبع هواه وشهوته، حيث قال الله -تعالى-: (وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
- الصبر والصلاة: فالصبر هو القدرة على ضبط النفس والتّحكم بها؛ وذلك بسيطرة العقل على الهوى والشهوة فتستقيم النَّفس وتتهذّب، وأمّا الصَّلاة فتُبعد المسلم عن السوء والرذيلة، حيث أنّ وقوف العبد بين يدي الله -تعالى- واستحضار عظمته والسجود والركوع له كفيلٌ بتربية النَّفس وتقويمها على الالتزام بأوامره واجتناب نواهيه، وقد دلَّ على ذلك قول الله -تعالى-: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ).
- وتجدر الإشارة إلى توضيح أمرين: أوّلهما أنّ الصبر والصّلاة يشتركان في كونهما وسيلتين من شأنهما دفع النَّفس للتغلب على شهواتها، والحفاظ على القلب سليماً، وذلك لقول الله -تعالى-: (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ* وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ)، وثانيهما أنّ الصّبر والصّلاة لا يقدر على الاستعانة بهما إلّا صاحب النَّفس القوية، وذلك لقوله -تعالى-: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ).
ثمرات ضبط النَّفس عن الشهوات
هناك العديد من الثمرات والفوائد المتحقّقة بضبط النَّفس عن الشهوات، ومنها ما يأتي:
- الفلاح في الدنيا والآخرة: حيث إنّ حفظ المؤمنين والمؤمنات لِفروجهم عن كل ما حرّمه الله -تعالى- ونهى عنه كالزنا واللواط والاقتصار على ما أحلّه الله -تعالى- لهم من إتيان الأزواج فقط من أسباب فلاحهم في الدنيا والآخرة، وقد دلّ على ذلك قول الله -تعالى-: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ* الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ* وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ* وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ* وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ).
- الامتثال لأمر الله -تعالى- وطاعته: فقد أمر الله -تعالى- نساء المؤمنين بالسِّتر والحِشمة وارتداء الحجاب الذي يخلو من مظاهر الزينة والتبرّج، حيث قال الله -تعالى-: (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ).
- ولا شكّ بأنّ المؤمنات في عهد رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قد ضربْن أروع النماذج في الخضوع والامتثال لأمر الله -تعالى-، ومن ذلك ما ثبت عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: (يَرحَمُ اللَّهُ نساءَ المُهاجراتِ الأُوَلَ، لمَّا أنزلَ اللَّهُ: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ شقَّقنَ أكنف مروطَهُنَّ فاختمرنَ بِها).
- مجانبة طريق الهالكين: وقد دلّ على ذلك قول الله -تعالى-: (وَاللَّـهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا).
- نيل المغفرة والأجر العظيم: فقد أشار الله -تعالى- إلى أسباب مغفرة الذنوب ونيل الأجر العظيم والتي منها حفظ الفرج عن الحرام، لقوله -تعالى-: (وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّـهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّـهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا).
- نيل الجنّة والفوز بها: حيث جعل الله -تعالى- أجر مَن ضبط نفسه عن الشهوات الفوز بالجنة ونعيمها، وقد دلّ على ذلك قوله -تعالى-: (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى* فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى)، وليس ذلك فحسب بل جعله الله -تعالى- أحد أوَّل ثلاثةٍ يدخلون الجنة، لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (عُرِضَ عليَّ أوَّلُ ثلاثةٍ يَدخُلُونَ الجنَّةَ شَهِيدٌ وعَفِيفً مُتَعَفِّفٌ). وقد عدّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- مَن يخالف هواه مُجاهداً، لقوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (والمُجاهِدُ مَن جاهَدَ هواهُ).
- نيل عون الله -تعالى-: فقد تكفّل الله -تعالى- بإعانة كل مَن أراد الزواج بغية العفّة، وقد دلّ على ذلك قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ثلاثةٌ حقٌّ على اللهِ عزَّ وجلَّ عونُهم) أحدهم: (والنَّاكحُ الذي يريدُ العفافَ).
- عنوان الصلاح وشعاره: فقد قال الله -تعالى-: (فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّـهُ)، ويراد بلفظ (حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ) أي يحفظن أنفسهنّ ومالهنّ في غيبة أزواجهنّ. وكذلك عنوان رجاحة العقل وعزّة النفس ونزاهتها، وهداة النَّفس والبال واطمئنانهما.
- حفظ المجتمع من الفساد: فانتشار العفّة وإشاعتها في المجتمع تجعله مجتمعا صالحاً خالياً من الرذيلة والفواحش.
- الاستظلال بظلّ الرّحمن يوم القيامة: فقد أكرم الله -تعالى- مَن يضبط نفسه عن الشهوات ويحرص على التمسّك والالتزام بتعاليم دينه وشرعه أن يكون أحد السبعة الذين يُظلّهم يوم القيامة يوم لا ظلّ إلّا ظلّه، وقد دلّ على ذلك قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ يَومَ القِيَامَةِ في ظِلِّهِ، يَومَ لا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ) أحدهم (وَشَابٌّ نَشَأَ في عِبَادَةِ اللَّهِ).
- النجاة من الضيق وتفريج الكربات: وقد دلّ على ذلك ما فعله أحد أصحاب الغار الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة بالتوسّل إلى الله -تعالى- أن يُفرج عنه بعمله الصالح الذي كان عفّته بعد تمكّنه من ابنة عمّه خشية منه -سبحانه-،قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (بيْنَما ثَلاثَةُ نَفَرٍ يَتَماشَوْنَ أخَذَهُمُ المَطَرُ، فَمالُوا إلى غارٍ في الجَبَلِ، فانْحَطَّتْ علَى فَمِ غارِهِمْ صَخْرَةٌ مِنَ الجَبَلِ فأطْبَقَتْ عليهم، فقالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: انْظُرُوا أعْمالًا عَمِلْتُمُوها لِلَّهِ صالِحَةً) إلى قوله: (وقالَ الثَّانِي: اللَّهُمَّ إنَّه كانَتْ لي ابْنَةُ عَمٍّ أُحِبُّها كَأَشَدِّ ما يُحِبُّ الرِّجالُ النِّساءَ، فَطَلَبْتُ إلَيْها نَفْسَها، فأبَتْ حتَّى آتِيَها بمِئَةِ دِينارٍ، فَسَعَيْتُ حتَّى جَمَعْتُ مِئَةَ دِينارٍ فَلَقِيتُها بها، فَلَمَّا قَعَدْتُ بيْنَ رِجْلَيْها قالَتْ: يا عَبْدَ اللَّهِ اتَّقِ اللَّهَ، ولا تَفْتَحِ الخاتَمَ، فَقُمْتُ عَنْها، اللَّهُمَّ فإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنِّي قدْ فَعَلْتُ ذلكَ ابْتِغاءَ وجْهِكَ فافْرُجْ لنا مِنْها. فَفَرَجَ لهمْ فُرْجَةً).
- عفّة الجوارح وحفظها: فضبط النَّفس وحفظها عن الشهوات سببٌ في عفّة الجوارح وحفظها، ومن ذلك عفّة القلب؛ التي تكون بحفظه وسلامته من الحسد، لقول الله -تعالى-: (وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّـهُ بِهِ بَعْضَكُمْ)، ومن سوء الظنّ كذلك لقول الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ)، وعفّة اللسان التي تكون بحفظه عن الغيبة والنميمة والسخرية، وعفّة البصر التي تكون بحفظه عن المحارم وزينة الدنيا وملذّاتها، وعفّة السمع التي تكون بحفظه عن سماع كل قبيحٍ وسيء.
- وسيلة للزواج وعفّة النفس: وقد دلّ على ذلك قول الله -تعالى-: (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّـهُ مِن فَضْلِهِ)، حيث أمر الله -تعالى- مَن لم يكن له زوجة يقضي حاجته منها أن يضبط نفسه ويصرف تفكيره إلى ملكوت السماوات والارض حتى يمنّ عليه ويغنيه، وقوله -تعالى-: (وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ)، وقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ومَن يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ)، فيظهر من الحديث السابق أنّ الجزاء لا يكون إلّا من جنس العمل فمَن ضبط نفسه عن الشهوات وطلب العفّة يوفقه الله -تعالى- لها، ومَن كان على خلاف ذلك فيرسل نظره وقلبه إلى ما حرمه الله -تعالى- فسيبقى أسيراً لشهوته متّبعاً للرذائل.