صحة حديث (ستكون بعدي أثرة)
صحة الحديث
اتّفق الشيخان البخاري ومسلم على صحّة حديث (ستكون بعدي أثرة)، عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (إنَّها سَتَكُونُ بَعْدِي أثَرَةٌ وأُمُورٌ تُنْكِرُونَها، قالوا: يا رَسولَ اللهِ، كيفَ تَأْمُرُ مَن أدْرَكَ مِنَّا ذلكَ؟ قالَ: تُؤَدُّونَ الحَقَّ الذي علَيْكُم، وتَسْأَلُونَ اللَّهَ الذي لَكُمْ).
شرح الحديث
مفردات الحديث
- أثَرَةٌ: أنانيّة، وهي: تفضيل الإنسان نفسه على غيره، وحبّه لنفسه فقط.
- أدْرَكَ: أدْرَكَ الشيء: بلغَ وقتَهُ.
- تُؤَدُّونَ الحَقَّ: توصلونه لأصحابه.
المعنى الإجمالي للحديث
يدلّ الحديث النبويّ السابق على أنّ صلاح الرعية لا يمكن أن يتحقّق إلاّ بوجود حاكمٍ لهم يدير أمورهم وشؤونهم بما هو خيرٌ لهم، وفي الحديث يخبر النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بأمورٍ ستقع في المستقبل، وذلك ممّا يدلّ على صدق نبوته ورسالته، ومن تلك الأمور ما سيقع من الأمور المنكرة من أخذ أموال العباد بغير وجه حقٍ والاستئثار بها، إلى غيرها من أمور، ويخبر النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في الحديث بوجوب طاعة أولياء الأمور وإخراج المال في حقّه، وغيرها ممّا يستوجب طاعتهم، أمّا حقوقهم التي مُنعوا منها فعليهم سؤال الله -تعالى- أن يصلحهم ويهديهم.
ما يُستفاد من الحديث
دلّ الحديث النبويّ على جملةٍ من الفوائد والمعاني والدلالات، يُذكر منها:
- بيان صدق نبوّة النبيّ محمدٍ -صلّى الله عليه وسلّم- بإخباره أموراً مستقبليةً.
- وجوب طاعة وليّ الأمر وأداء العباد الواجبات المفروضة عليهم.
- أهمية اللجوء إلى الله -تعالى- وسؤاله ولتضرّع إليه عند الفتن.
أحاديث في طاعة ولي الأمر
وردت العديد من الأحاديث التي تدلّ على وجوب طاعة ولي الأمر، يُذكر منها:
- ورد عن العرباض بن سارية -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (أُوصيكُمْ بِتقْوَى اللهِ، والسَّمعِ والطاعةِ، وإنْ أُمِّرَ عليكم عبدٌ حبَشِيٌ، فإنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنكمْ بَعدِي فسَيَرَى اخْتلافًا كثيرًا، فعليكُمْ بِسُنَّتِي وسنَّةِ الخُلفاءِ المهديِّينَ الرَّاشِدينَ، تَمسَّكُوا بِها، وعَضُّوا عليْها بالنَّواجِذِ، وإيّاكُمْ ومُحدثاتِ الأُمورِ؛ فإنَّ كلَّ مُحدَثةٍ بِدعةٌ، وكلَّ بِدعةٍ ضلالَةٌ).
- أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن عوف بن مالك الأشجعي -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (خِيارُ أئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ ويُحِبُّونَكُمْ، ويُصَلُّونَ علَيْكُم وتُصَلُّونَ عليهم، وشِرارُ أئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ ويُبْغِضُونَكُمْ، وتَلْعَنُونَهُمْ ويَلْعَنُونَكُمْ، قيلَ: يا رَسولَ اللهِ، أفَلا نُنابِذُهُمْ بالسَّيْفِ؟ فقالَ: لا، ما أقامُوا فِيكُمُ الصَّلاةَ، وإذا رَأَيْتُمْ مِن وُلاتِكُمْ شيئًا تَكْرَهُونَهُ، فاكْرَهُوا عَمَلَهُ، ولا تَنْزِعُوا يَدًا مِن طاعَةٍ).
- أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (دَعَانَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَبَايَعْنَاهُ، فَكانَ فِيما أَخَذَ عَلَيْنَا: أَنْ بَايَعَنَا علَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ في مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا، وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا، وَأَثَرَةٍ عَلَيْنَا، وَأَنْ لا نُنَازِعَ الأمْرَ أَهْلَهُ، قالَ: إلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنَ اللهِ فيه بُرْهَانٌ).