شفاعة الرسول يوم القيامة
شفاعة الرسول يوم القيامة
يحظى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بمقام محمود، ومكانة رفيعة، ومنزلة جليلة يوم القيامة إذ اختصه الله من بين المرسلين جميعاً بالشفاعة؛ قال الله -تعالى- عنه: (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى).
واستدلالاً بما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- من أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- يُقال له يوم القيامة: (سَلْ تُعْطَهْ، اشْفَعْ تُشَفَّعْ).
أنواع شفاعة الرسول يوم القيامة
شفاعة الرسول في الخَلق كلّهم
يشفع الرسول -عليه الصلاة والسلام- في الخلائق كلّها يوم القيامة عند الله -سبحانه وتعالى-؛ وهي الشفاعة التي يُطلَق عليها اسم (الشفاعة العُظمى)؛ وذلك حينما يقف الناس يوم القيامة مَوقفاً عصيباً؛ مُنتظِرين الحساب، فيتوسّلون بالأنبياء -عليهم السلام-؛ كي يُعجّل الله -سبحانه وتعالى- الحساب والقضاء بينهم.
فيتوسّلون بآدم، ثمّ بنوح، ثمّ بإبراهيم، ثمّ بموسى ، ثمّ بعيسى، إلى أن ينتهي بهم الأمر إلى رسول الله؛ فهو صاحب الشفاعة العُظمى يوم القيامة بين الأنبياء، فيشفع حينها لأهل الموقف جميعاً؛ وذلك المقصود بقَوْله -تعالى-: (وَمِنَ اللَّيلِ فَتَهَجَّد بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسى أَن يَبعَثَكَ رَبُّكَ مَقامًا مَحمودًا).
شفاعة الرسول في أمّته
يشفع رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في أمّته بشكلٍ خاصٍّ، وتكون على أشكالٍ بيانها آتياً:
- الشفاعة لمَن تساوَت حسناتُه وسيّئاته
وهؤلاء هم أهل الأعراف الذين يشفع لهم رسول الله بدخول الجنّة، فيأذن الله -تعالى- للنبيّ -عليه الصلاة والسلام- كما ورد في الحديث الذي أخرجه مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: (أدْخِلِ الجَنَّةَ مِن أُمَّتِكَ مَن لا حِسابَ عليه مِنَ البابِ الأيْمَنِ مِن أبْوابِ الجَنَّةِ).
- الشفاعة لأهل الجنّة بدخولها بعد انتهاء الحساب
إذ لا يُسمَح ولا يُؤذَن لهم بالدخول إلى أن يشفعَ لهم رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، إذ أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (أنا أوَّلُ شَفِيعٍ في الجَنَّةِ، لَمْ يُصَدَّقْ نَبِيٌّ مِنَ الأنْبِياءِ ما صُدِّقْتُ، وإنَّ مِنَ الأنْبِياءِ نَبِيًّا ما يُصَدِّقُهُ مِن أُمَّتِهِ إلَّا رَجُلٌ واحِدٌ).
- شفاعة الرسول -عليه الصلاة السلام- لأمّته بأن تُرفَع درجاتهم في الجنّة
وذلك فَضْلاً وزيادةً، وقد اتّفق على ذلك العلماء.
- الشفاعة لأقوامٍ يدخلون الجنّة بغير حسابٍ
وهي من أنواع الشفاعة عند القاضي عياض، وغيره؛ استدلالاً بما أخرجه الإمام مسلم عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما- أنّه قِيل للنبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (هذِه أُمَّتُكَ ومعهُمْ سَبْعُونَ ألْفًا يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بغيرِ حِسابٍ ولا عَذابٍ).
- شفاعة الرسول -عليه الصلاة والسلام- فيمَن دخل النار من المسلمين
وذلك بأن يُخرجهم الله منها، ولا تتحقّق تلك الشفاعة إلّا لأهل التوحيد.
- شفاعة النبيّ -عليه الصلاة والسلام- لأهل الكبائر من أمّته مِمَّن دخل النار
قال -عليه الصلاة والسلام-: (شَفاعتي لأهلِ الكبائرِ مِن أمَّتي).
- شفاعة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- لعمّه أبي طالب بأن يُخفّف الله -تعالى- العذاب عنه
قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (هو في ضَحْضَاحٍ مِن نَارٍ، ولَوْلَا أنَا لَكانَ في الدَّرَكِ الأسْفَلِ مِنَ النَّارِ).
أسباب استحقاق شفاعة الرسول يوم القيامة
ينال المسلم شفاعة النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بالحرص على الإتيان بعّدة أعمالٍ، منها:
- توحيد الله -سبحانه وتعالى-
قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (أسْعَدُ النَّاسِ بشَفَاعَتي يَومَ القِيَامَةِ، مَن قالَ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ).
- الدعاء بعد الأذان، وسؤال الوسيلة والمَقام المَحمود لرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-
إذ أخرج الإمام البخاريّ في صحيحه عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (مَن قالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّداءَ: اللَّهُمَّ رَبَّ هذِه الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، والصَّلاةِ القائِمَةِ، آتِ مُحَمَّدًا الوَسِيلَةَ والفَضِيلَةَ، وابْعَثْهُ مَقامًا مَحْمُودًا الذي وعَدْتَهُ، حَلَّتْ له شَفاعَتي يَومَ القِيامَةِ رَواهُ حَمْزَةُ بنُ عبدِ اللَّهِ، عن أبِيهِ، عَنِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ).
- كثرة الصلاة على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-.