شعر عن الدنيا القاسية
قصيدة النَفسُ تَبكي عَلى الدُنيا
يقول علي بن أبي طالب :
النَفسُ تَبكي عَلى الدُنيا وَقَد عَلِمَت
- إِنَّ السَلامَةَ فيها تَركُ ما فيها
لا دارَ لِلمَرءِ بَعدَ المَوتِ يَسكُنُها
- إِلّا الَّتي كانَ قَبلَ المَوتِ بانيها
فَإِن بَناها بِخَيرٍ طابَ مَسكَنُها
- وَإِن بَناها بَشَرٍّ خابَ بانيها
أَينَ المُلوكُ الَّتي كانَت مُسَلطَنَةً
- حَتّى سَقاها بِكَأسِ المَوتِ ساقيها
أَموالُنا لِذَوي الميراثِ نَجمَعُها
- وَدورُنا لِخرابِ الدَهرِ نَبنيها
كَم مِن مَدائِنَ في الآفاقِ قَد بُنِيَت
- أمسَت خَراباً وَدانَ المَوتُ دانيها
لِكُلِّ نَفسٍ وَإِن كانَت عَلى وَجَلٍ
- مِنَ المَنيَّةِ آمالٌ تُقَوّيها
فَالمَرءُ يَبسُطُها وَالدَهرُ يَقبُضُها
- وَالنَفسُ تَنشُرُها وَالمَوتُ يَطويها
إنّ المكارم أخلاق أخلاقٌ مطهرةٌ
- الدين أولها والعقل ثانيها
والعلم ثالثها والحلم رابعها
- والجود خامسها والفضل سادسها
والبر سابعها والشكر ثامنها
- و الصبر تاسعها واللين باقيها
والنفس تعلم أنى لا أصادقها
- ولست ارشدُ إلا حين اعصيها
واعمل لدار ٍغداً رضوانُ خازنها
- والجار احمد والرحمن ناشيها
قصورها ذهب والمسك طينتها
- والزعفران حشيشٌ نابتٌ فيها
أنهارها لبنٌ محضٌ ومن عسل
- والخمر يجري رحيقاً في مجاريها
والطير تجري على الأغصان عاكفةً
- تسبحُ الله جهرًا في مغانيها
من يشتري الدار في الفردوس يعمرها
- بركعةٍ في ظلام الليل يحييها
قصيدة دع الأيام
يقول الشّافعي :
دَعِ الأَيَّامَ تَفْعَلُ مَا تَشَاءُ
- وَطِبْ نَفْساً إِذَا حَكَمَ القَضَاءُ
وَلا تَجْزَعْ لِحَادِثَةِ اللَّيَالِي
- فَمَا لِحَوَادِثِ الدُّنْيَا بَقَاءُ
وَكُنْ رَجُلاً عَلَى الأَهْوَالِ جَلْداً
- وَشِيمَتُكَ السَّمَاحَةُ وَالوَفَاءُ
وَإِنْ كَثُرَتْ عُيُوبُكَ فِي البَرَايَا
- وَسَرّكَ أَنْ يَكُونَ لَهَا غِطَاءُ
تَسَتَّرْ بِالسَّخَاءِ فَكُلُّ عَيْبٍ
- يُغَطِّيهِ كَمَا قِيلَ السَّخَاءُ
وَلا تُرِ لِلأَعَادِي قَطُّ ذُلاً
- فَإِنَّ شَمَاتَةَ الأَعْدَاءِ بَلاءُ
وَلا تَرْجُ السَّمَاحَةَ مِنْ بَخِيلٍ
- فَمَا فِي النَّارِ لِلظَّمْآنِ مَاءُ
وَرِزْقُكَ لَيْسَ يُنْقِصُهُ التَأَنِّي
- وَلَيْسَ يَزِيدُ فِي الرِّزْقِ العَنَاءُ
وَلا حُزْنٌ يَدُومُ وَلا سُرُورٌ
- وَلا بُؤْسٌ عَلَيْكَ وَلا رَخَاءُ
إِذَا مَا كُنْتَ ذَا قَلْبٍ قَنُوعٍ
- فَأَنْتَ وَمَالِكُ الدُّنْيَا سَوَاءُ
وَمَنْ نَزَلَتْ بِسَاحَتِهِ المَنَايَا
- فَلا أَرْضٌ تَقِيهِ وَلا سَمَاءُ
وَأَرْضُ اللهِ وَاسِعَةٌ وَلكِنْ
- إِذَا نَزَلَ القَضَا ضَاقَ الفَضَاءُ
دَعِ الأَيَّامَ تَغْدِرُ كُلَّ حِينٍ
- فَمَا يُغْنِي عَنِ المَوْتِ الدَّوَاءُ
قصيدة ماذا تريد من الدنيا
يقول أبي مسلم العماني:
ماذا تريد من الدّنيا تُعنّيها
- أما ترى كيف تفنيها عواديها
غدّارة ما وفت عهداً وإن وعدت
- خانت وإن سالمت فالحرب توريها
ما خالصتك وإن لانت ملامسها
- ولا اطمأنّ إلى صدقٍ مصافيها
سحرٌ ومكرٌ وأحزانٌ نضارتها
- فاحذر إذا خالست مكراً وتمويها
وانفر فديتك عنها إنّها فتن
- وإن دعتك وإن زانت دعاويها
كذّابة في دعاويها منافقة
- والشّاهدات على قولي معانيها
تُريك حُسناً وتحت الحسن مهلكة
- يا عشقيها أما بانت مساويها
نسعى إليها على علم بسيرتها
- ونستقرّ وإن ساءت مساعيها
أمٌّ عقوقٌ وبئس الأمّ تحضننا
- على غذاء سموم من أفاعيها
بئس القرار ولا ننفكّ نألفها
- ما أعجب النّفس تهوى من يعاديها
تنافس النّاس فيها وهي ساحرة
- بهم وهمهم أن يهلكوا فيها
يجنون منها على مقدار شهوتهم
- وما جنوه ذعاف من مجانيها
من الذي لم ترعه من طوارقها
- وأيّ نفس من البلوى تفاديها
كلّ البريّة موتور بما فتكت
- لا ثأر يؤخذ لا أنصار تكفيها
قصيدة شربت مرارات الحياة
يقول الشاعر أحمد زكي أبو شادي :
شربت مرارات الحياة ومن يذق
- شرابي يرَ السلوان في جوّه الفني
كأني من الرّهبان أزهد ناسك
- فإن كنت لا أغنى فإني مَن يُغني
وكم طُفت بالشّهد الشّهي على الوَرى
- ومن عجبٍ أسقى الجحود مع المن
فيا نعمة الدنيا عفاءً فإنني
- لأحقرُ ما وزّعت حولي من الغْبن
خذلت ولائي واستبحت مواهبي
- وإني على فقري إليكَلمستغني