شعر أبي تمام
السَّيْفُ أَصْدَقُ إِنْبَاءً مِنَ الكُتُبِ
السَّيْفُ أَصْدَقُ إِنْبَاءً مِنَ الكُتُبِ
- في حدهِ الحدُّ بينَ الجدِّ واللَّعبِ
بيضُ الصَّفائحِ لاَ سودُ الصَّحائفِ في
- متُونِهنَّ جلاءُ الشَّك والريَبِ
و العِلْمُ في شُهُبِ الأَرْمَاحِ لاَمِعَة ً
- بَيْنَ الخَمِيسَيْنِ لافي السَّبْعَة الشُّهُبِ
أَيْنَ الروايَة ُ بَلْ أَيْنَ النُّجُومُ وَمَا
- صَاغُوه مِنْ زُخْرُفٍ فيها ومنْ كَذِبِ
تخرُّصاً وأحاديثاً ملفَّقة ً
- لَيْسَتْ بِنَبْعٍ إِذَا عُدَّتْ ولا غَرَبِ
عجائباً زعموا الأيَّامَ مُجْفلة ً
- عَنْهُنَّ في صَفَرِ الأَصْفَار أَوْ رَجَبِ
وخَوَّفُوا الناسَ مِنْ دَهْيَاءَ مُظْلِمَةٍ
- إذا بدا الكوكبُ الغربيُّ ذو الذَّنبِ
وصيَّروا الأبرجَ العُلْيا مُرتَّبةً
- مَا كَانَ مُنْقَلِباً أَوْ غيْرَ مُنْقَلِبِ
يقضون بالأمر عنها وهي غافلة
- ما دار في فلك منها وفي قُطُبِ
لو بيَّنت قطّ أمراً قبل موقعه
- لم تُخْفِ ما حلَّ بالأوثان والصلُبِ
فَتْحُ الفُتوحِ تَعَالَى أَنْ يُحيطَ بِهِ
- نَظْمٌ مِن الشعْرِ أَوْ نَثْرٌ مِنَ الخُطَبِ
فتحٌ تفتَّحُ أبوابُ السَّماءِ لهُ
- وتبرزُ الأرضُ في أثوابها القُشُبِ
فحواك عين
فَحْواكَ عَيْنٌ على نَجْوَاكَ يا مَذِلُ
- حَتَّامَ لاَ يَتَقضَّى قَوْلُكَ الخَطِلُ!؟
وإنَّ أسمجَ من تشكو إليهِ هوىً
- من كانَ أحسنَ شيءٍ عندهُ العذلُ
ما أقبلتْ أوْجُهُ اللذّاتِ سافرة ً
- مذْ أدبرَتْ باللوى أيامُنا الأولُ
إن شئتَ ألا ترى صبراً لمصطبر
- فانظُرْعلى أَي حالٍ أصبَحَ الطَّلَلُ
كأَنَّما جَادَ مَغْناهُ، فَغَيَّرَه
- دُمُوعُنا، يومَ بانُوا، وَهْيَ تَنْهَمِلُ
وَلَوْتَرَاهُمْ وإيَّانا ومَوْقِفَنا
- في مـأتمِ البينِ لاستهلالنا زجلُ
من حرقة أطلقتها فرقة ٌ أسرتْ
- قلباً ومنْ غزلٍ في نحرِهِ عذلُ
وقَدْ طَوَى الشَّوْقَ في أَحشائنا بَقَرٌ
- عينٌ طوتهنَّ في أحشائِها الكللُ
فرَغْنَ لِلسحْر حَتَّى ظَلَّ كُلُّ شَجٍ
- حران في بعضه عن بعضه شغلُ
يخزي ركام النقا ما في مآزرها
- ويَفْضَحُ الكُحْلُ في أَجْفانِها الكَحَلُ
تَكَادُ تَنتَقِلُ الأَرواحُ لُو تُرِكَتْ
- من الجسومِ إليها حيث مكة ً الهملُ
هانتْ على كلِّ شيءٍ فهو يسفكها
- حتى المنازلُ والأحداجُ و الإبلُ
بالقائِمِ الثَّامِن المُسْتَخْلَفِ اطَّأدَتْ
- قواعدُ الملكِ ممتداً لها الطولُ
بيُمْنِ مُعْتَصِمٍ باللَّهِلا أَوَدٌ
- بالمُلْكِ مُذْضَمَّ قُطْرَيْهِ ولاخَلَلُ
يَهْنِي الرَّعِيَّة َ أَنَّ اللَّهَ مُقْتَدِراً
- أعطاهمُ بأبي إسحاقَ ما سألوا
لو كانَ في عاجلٍ من آجل بدلٌ
- لَكانَ في وَعْدِهِ منْ رِفْدِهِ بَدَلُ
تغايرَ الشعرُ فيه إذ سهرتُ له
- حتى ظننتُ قوافيهِ ستقتتلُ
لولا قبوليَ نصحَ العزمِ مرتحلاً
- لَرَاكَضاني إليهِ الرَّحْلُ والجَملُ
لَهُ رِيَاضُ نَدى ً لم يُكْبِ زَهْرَتَهَا
- خلفٌ ولم تتبخترْ بينها العللُ
مدى العفاة ِ فلم تحللْ بهِ قدمٌ
- إِذَ اخلَعَ اللّيْلُ النَّهارَ رَأَيْتَها
ما إنْ يُبَالي إذا حَلَّى خَلائِقَهُ
- بجُودِهِ أَيُّ قُطريْهِ حَوَى العَطَلُ
كأَنَّ أمْوَالَهُ والبَذْلُ يَمْحَقُها
- نهبٌ تعسفهُ التبذيرُ أو نفلُ
شَرسْتَ بَلْ لِنْتَ بَلْ قانَيْتَ ذَاكَ بِذا
- فأَنتَ لاَشكَّ فيكَ أَنتَ السَّهْلُ والجَبَلُ
يدي لمنْ شاءَ رهنٌ لمْ يذُقْ جُرعاً
- مِنْ راحَتَيْكَ دَرَى ماالصَّابُ والعَسَلُ
صَلَّى الإِلَهُ على العَبَّاسِ وانبجَسَتْ
- على ثَرىً حَلَّة ُ الوَكافَة ُ الهُطُلُ
ذَاكَ الذي كَانَ لَوْ أنَّ الأنامَ لَهُ
- نسلٌ لما راضهُم جبنٌ ولا بَخَلُ
أبو النجومِ التي ما ضنَّ ثاقبها
- أَن ْلم يَكَنْ بُرْجهُ ثَوْرٌ ولاحَمَلُ
من كلِّ مشتهرٍ في كلِّ معتركٍ
- لم يعرفِ المشتري فيه ولا زُحَلُ
يَحْمِيهِ لأَلاَؤُهُ أَولَوْذَعِيَّتُهُ
- من أنْ يُذال بمنْ أو مِمَّن الرَّجلُ
وَمَشْهَدٍ بينَ حُكْم الذُّل مُنْقَطِعٌ
- صاليهِ أو بحبالِ الموتِ متصلُ
ضَنْكٍ إِذاخَرِسَتْ أبطَالُه نَطَقَتْ
- فِيه الصَّوارِمُ والْخَطّية ُ الذُّبُلُ
لايَطمَعُ المَرْءُ أَنْ يَجْتَابَ غَمْرَتَه
- بالقَوْلِ مَا لَمْ يَكُنْ جِسْراً له العمَلُ
جليتَ والموتُ مبدٍ حرَّ صفحتِهِ
- وقدْ تفرعَنَ في أوصالِهِ الأجلُ
أبحْتُ أوعارَه بالضربِ وهو حمى ً
- للحَرْب يَثْبُتُ فيهِ الرَّوْعُ والوَهَلُ
يا موضعَ الشَّذنيَّة ِ الوجناءِ
يا موضعَ الشَّذنيَّة ِالوجناء
- ومُصارعَ الإدلاجِ والإسراءِ
أقري السلام مُعرَّفاً ومُحصَّباً
- من خالد المعروفِ والهيجاءِ
سَيْلٌ طَمَا لَوْ لَمْ يَذُدْهُ ذَائِدٌ
- لتبطَّحتْ أولاهُ بالبطحاءِ
وغدتْ بطون مِنى مُنى ً من سيبِه
- وغدتْ حرى ً منهُ ظهورُ حراءِ
وَتَعَرَّفَتْ عَرَفاتُ زَاخَرهُ ولمْ
- يُخْصَصْ كَداءٌ مِنْهُ بالإكداءِ
وَلَطَابَ مُرْتَبَعٌ بِطيبَة ٌ واكْتَسَتْ
- بُرْدَيْن: بُرْدَ ثَرى ً وبُرْدَ ثَرَاءِ
لا يحرمِ الحرمانِ خيراً إنهمْ
- حرموا بهِ نوءاً من الأنواءِ
يا سائلي عنْ خالدٍ وفعالهِ
- رِدْ فاغترفْ علماً بغيرِ رشاءِ
انظرْ وإيَّاكَ الهوى لا تُمْكننْ
- سلطانهُ من مُقْلَةٍ شوْساءِ
أحسِنْ بأيَّامِ العقيقِ وأطيبِ
أحسِنْ بأيَّامِ العقيقِ وأطيبِ
- والعَيْشِ في أَظْلاَلِهِنَّ المُعْجِبِ
وَمصيفِهِنَّ المُسْتَظِل بظِلهِ
- سِرْبُ المَهَا ورَبيعِهنَّ الصَّيبِ
أُصُلٌ كبُرْدِ العصْبِ نيطَ إلى ضُحى ً
- عَبِقٍ بريحانِ الرِّياضِ مُطيَّبِ
وظِلالِهِنَّ المُشْرِقاتِ بِخُرَّدٍ
- بِيضٍ كَواعِبَ غامِضَاتِ الأَكْعُبِ
وأغنَّ منْ دُعْجِ الظِّباءِ مُربَّبٍ
- بُدلْنَ مِنْهُ أَغَنَّ غَيْرَ مُرَبَّبِ
للهِ ليلتُنا وكانتْ ليلةً
- ذُخِرَتْ لَنا بَيْنَ اللوى فَالشُّرْبُبِ
قَالَتْ، وَقَدْ أَعْلَقْتُ كَفي كَفَّهَا:
- حلاًّ، ومَا كلُّ الحلال بطيِّبِ
فنَعِمْتُ مِنْ شَمْس إِذَا حُجبَتْ بَدَتْ
- مِنْ نُورِهَا فكأنَّها لم تُحْجَبِ
يا دَهرُ قَدكَ وَقَلَّما يُغني قَدي
يا دَهرُ قَدكَ وَقَلَّما يُغني قَدي
- وَأَراكَ عِشرَ الظِمءِ مُرَّ المَورِدِ
وَلَقَد أُحيطَ بِنا وَلَم نَكُ صورَةً
- بِكَ وَاِستُعِدَّ لَنا وَلَمّا نولَدِ
يا دَهرُ أَيَّةُ زَهرَةٍ لِلمَجدِ لَم
- تُجفِف وَأَيَّةُ أَيكَةٍ لَم تَخضُدِ
أَترَعتَ لِلعَنقاءِ في أَشعافِها
- كَأساً تَدَفَّقُ بِالذُعافِ الأَسوَدِ
قَد كانَ قَرمٌ كَاِسمِهِ قَرماً وَما
- وَلَدَت نِساءُ بَني أَبيهِ كَأَحمَدِ
نَجمًا هُدىً هَذاكَ نَجمُ الجَديِ إِن
- حارَ الدَليلُ وَذاكَ نَجمُ الفَرقَدِ
هَذا سِنانٌ زاغِبِيٌّ في الوَغى
- وَكَأَنَّما هَذا ذُبابُ مُهَنَّدِ
وَجَبينُ هَذا كَالشِهابِ جَلا الدُجى
- عَنهُ وَهَذا كَالشِهابِ الموقَدِ
وَلَنِعمَ دِرعا الحَيِّ في يَومَيهِما
- كانا وَنِعمَ الذُخرِ كانا لِلغَدِ
لَم يَشهَدا نَجوى وَلا حَشّا لَظى
- حَربٍ تُسَعَّرُ بِالقَنا المتَقَصِّدِ
إِلّا رَأَينا ذا عَلى تِلكَ الرَحا
- قُطباً وَذا مِصباحَ ذاكَ المَشهَدِ
رُزِئَت بَنو عَمرِو بنِ عامِرٍ الذُرى
- بِهِما وَصَوَّحَ نَبتُ واديها النَدي
أصب بحميا كأسها مقتل العذل
أَصِب بِحُمَيّا كَأسِها مَقتَلَ العَذلِ
- تَكُن عِوَضاً إِن عَنَّفوكَ مِنَ التَبلِ
وَكَأسٍ كَمَعسولِ الأَماني شَرِبتُها
- وَلَكِنَّها أَجلَت وَقَد شَرِبَت عَقلي
إِذا عوتِبَت بِالماءِ كانَ اِعتِذارُها
- لَهيباً كَوَقعِ النارِ في الحَطَبِ الجَزلِ
إِذا هِيَ دَبَّت في الفَتى خالَ جِسمَهُ
- لِما دَبَّ فيهِ قَريَةً مِن قُرى النَملِ
إِذا ذاقَها وَهيَ الحَياةُ رَأَيتَهُ
- يُعَبِّسُ تَعبيسَ المُقَدَّمِ لِلقَتلِ
إِذا اليَدُ نالَتها بِوِترٍ تَوَقَّرَت
- عَلى ضَعفِها ثُمَّ اِستَقادَت مِنَ الرِجلِ
وَيَصرَعُ ساقيها بِإِنصافِ شَربِها
- وَصَرعُهُمُ بِالجَورِ في صورَةِ العَدلِ
سَقى الرائِحُ الغادي المُهَجِّرُ بَلدَةً
- سَقَتنِيَ أَنفاسَ الصَبابَةِ وَالخَبلِ
سَحاباً إِذا أَلقَت عَلى خِلفِهِ الصَبا
- يَداً قالَتِ الدُنيا أَتى قاتِلُ المَحلِ
إِذا ما اِرتَدى بِالبَرقِ لَم يَزَلِ النَدى
- لَهُ تَبَعاً أَو يَرتَدي الرَوضُ بِالبَقلِ
إِذا اِنتَشَرَت أَعلامُهُ حَولَهُ اِنطَوَت
- بُطونُ الثَرى مِنهُ وَشيكاً عَلى حَملِ
تَرى الأَرضَ تَهتَزُّ اِرتِياحاً لِوَقعِهِ
- كَما اِرتاحَتِ البِكرُ الهَدِيُّ إِلى البَعلِ
فَجادَ دِمَشقاً كُلَّها جودَ أَهلِها
- بِأَنفُسِهِم عِندَ الكَريهَةِ وَالبَذلِ
سَقاهُم كَما أَسقاهُمُ في لَظى الوَغى
- بِبيضِ صَفيحِ الهِندِ وَالسُمُرِ الذُبلِ
فَلَم يُبقِ مِن أَرضِ البِقاعَينِ بُقعَةً
- وَجادَ قُرى الجَولانِ بِالمُسبِلِ الوَبلِ
بِنَفسِيَ أَرضُ الشامِ لا أَيمَنُ الحِمى
- وَلا أَيسَرُ الدَهنا وَلا وسَطُ الرَملِ
وَلَم أَرَ مِثلي مُستَهاماً بِمِثلِكُم
- لَهُ مِثلُ قَلبي فيهِ ما فيهِ لا يَغلي
عَدَتنِيَ عَنكُم مُكرَهاً غُربَةُ النَوى
- لَها طَربَةٌ في أَن تُمِرَّ وَلا تُحلي
إِذا لَحَظَت حَبلاً مِنَ الحَيِّ مُحصَداً
- رَمَتهُ فَلَم يَسلَم بِناقِضَةِ الفَتلِ
أَتَت بَعدَ هَجرٍ مِن حَبيبٍ فَحَرَّكَت
- صُبابَةَ ما أَبقى الصُدودُ مِنَ الوَصلِ
أَخَمسَةُ أَحوالٍ مَضَت لِمَغيبِهِ
- وَشَهرانِ بَل يَومانِ نِكلٌ مِنَ النِكلِ
تَوانى وَشيكُ النُجعِ عَنهُ وَوُكِّلَت
- بِهِ عَزَماتٌ أَوقَفَتهُ عَلى رِجلِ