شروط الزواج الإسلامي
الزواج
يُعرّف الزواج بأنّه: عقدٌ بين رجلٍ وامرأةٍ، يُقصد به استمتاع كلٍّ منهما بالآخر، وتكوين أسرةٍ صالحةٍ، وبالتالي تكوين مجتمعٍ صالحٍ وسليمٍ، وهو من الأحكام الشرعية المهمّة، والتي أولتها الشريعة الإسلامية اهتماماً كبيراً؛ وذلك لأهمية هذا العقد ومكانته، فالزواج من سنن المرسلين ، ونعمةٌ من الله امتنّ بها على عباده، لتحقّق لهم السكينة، والمودة والرحمة، فقد قال الله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).
حكم الزواج
ذكر العلماء أنّ حكم الزواج يختلف بحسب اختلاف الشخص، وحالته، واستعداده لهذه المسؤولية وتحمّلها، فقالوا إنّ له خمسةٌ أقسامٍ في ذلك، وفيما يأتي بيانها:
- القسم الأول: وجوب الزواج، ويكون كذلك في حقّ من يخاف على نفسه الفتنة ، أو الوقوع في محرّمٍ إن لم يتزوّج، فيلزمه الزواج تحصيناً لنفسه، وإعفافاً لها عن الحرام.
- القسم الثاني: استحباب الزواج، ويكون كذلك في حقّ من توجد عنده شهوة النكاح، مع عدم خوفه على نفسه من الوقوع في الحرام، واعتبر العلماء أنّ تحصيل الزواج في هذه الحالة من أولى النوافل.
- القسم الثالث: إباحة النكاح، ويكون كذلك في حال عدم وجود الشهوة، والميل للزواج، مثل حالة كبير السّن، ونحوه.
- القسم الرابع: حُرمة النكاح، ويكون كذلك في حقّ المسلم الذي يقطن في دار كفارٍ حربيّين؛ وذلك لأنّه لن يأمن على زوجته وذريته من خطر الكفار عليهم.
- القسم الخامس: كراهية النكاح، ويكون كذلك في حقّ من يخاف ظلم زوجته ، وعدم إعطائها حقوقها المستحقّة لها، ويُكره كذلك في حقّ من لا شهوة عنده، وتنتفي الكراهة برضا المرأة، ونحوها من الحالات التي ذكرها العلماء.
أركان الزواج
أركان الزواج هي الأمور لا يقوم النكاح إلّا بوجودها، وهي ثلاثة أركانٍ، وفيما يأتي بيانٌ لها:
- الركن الأول: وجود الزوجين الخاليين من أيّ مانعٍ من موانع صحة الزواج.
- الركن الثاني: حصول الإيجاب ، وهو اللفظ الذي يصدر من ولي الزوجة، أو عمّن يقوم مقامه، فيقول: زوجتك ابنتي فلانة، أو غيرها من الألفاظ التي تدلّ على الإيجاب.
- الركن الثالث: حصول القبول، وهو اللفظ الذي يصدر من الزوج، أو من يقوم مقامه، فيقول: قبلت هذا الزواج.
شروط الزواج
للزواج في الشريعة الإسلامية شروطٌ لا بدّ من توفرها، وفيما يأتي بيانٌ لها:
- تحديد كلٍّ من الزوجين، فلا بدّ من تعيين الزوجين سواءً بذكرهما بالاسم، أو الإشارة إليهما، أو ذكر أيّ وصفٍ يدلّ عليهما، أو غيره، وبالتالي فلا يصحّ أن يقول وليّ الزوجة: زوجتك ابنتي، إن كان عنده عدّة بناتٍ، أو أن يقول زوجتها ابنك، وله عدّة أبناءٍ، بل لا بدّ من تحديد كلٍّ من الطرفين.
- وجود وليّ المرأة، فلا يجوز للمرأة أن تزوّج نفسها بدون ولي، فإن فعلت فزواجها باطل، والسبب في ذلك؛ أنّ تزويج المرأة نفسها قد يؤدّي إلى فتح باب المعصية، والوقوع في الزنا ، ولأنّ المرأة محدودة النظر في اختيار الأصلح والأفضل لها من الرجال، حيث قال الله تعالى: (وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّـهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّـهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ).
- تحقق رضا كلٍّ من الزوجين بالآخر، فلا يصحّ إكراه أيّ أحدٍ منهما على قبول الآخر، قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (لا تُنكحُ الأيِّمُ حتى تُستأمرَ، ولا تُنكحُ البكرُ حتى تُستأذنَ، قيل: وكيف إذْنُها؟ قال: أنْ تسكتَ).
- الإشهاد على عقد النكاح ، فلا يصحّ عقد الزواج إلّا بحضور شاهدين عدليين، قال الإمام الترمذي في ذلك: (العمل عليه عند أهل العلم من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم، ومن بعدهم من التابعين، وغيرهم، قالوا: لا نكاح إلّا بشهود، ولم يختلف في ذلك من مضى منهم، إلّا قوم من المتأخرين من أهل العلم).
- خلوّ كلٍّ من الزوجين من أيّ مانعٍ من موانع الزواج، مثل: وجود نسبٍ بينهما، أو وجود سببٍ مانعٍ؛ مثل: الرضاعة والمصاهرة، أو اختلاف دين كلٍّ منهما، كأن يكون الزوج مسلماً والزوجة وثنيةً، أو تكون الزوجة مسلمةً وهو غير مسلم، ويُستثنى من سبب الاختلاف في الدين ، زواج المسلم بالكتابية العفيفة، فقد أباح الشرع ذلك.
أهداف الزواج
اقتضت حكمة الله تعالى، وإرادته الإلهية، والفطرة التي فُطر النّاس عليها، بضرورة اجتماع واتصال كلٍّ من الرجل والمرأة مع بعضهما، ممّا يؤدي إلى وجود ذرية تتناسل وتعمّر الأرض بعبادة الله، وخلافته فيها، وكان الزواج هو الوسيلة لتحقيق ذلك، وفيما يأتي بيانٌ لأهم مقاصده وأهدافه في الإسلام:
- إشباع الغريزة الجنسية عند كلٍّ من الزوجين، وإعفاف النفس، وحفظ العِرض، على نحو يحقّق السكن والاطمئنان للقلب والعقل، يقول الشيخ شلتوت رحمه الله: (وما الزواج في واقعه إلّا ظاهرة من ظواهر التنظيم لفطرة أودعت في الإنسان كما أودعت في غيره من أنواع الحيوان، ولولا الزواج الذي هو تنظيم لتلك الفطرة المشتركة بين الإنسان والحيوان، لتساوى الإنسان مع غيره من أنواع الحيوان، في سبيل تلبية هذه الفطرة عن طريق الفوضى والشيوع، وعندئذٍ لا يكون الإنسان ذلك المخلوق الذي سوّاه الله، ونفخ به من خلقه، ثمّ منحه العقل والتفكير، وفضّله على كثيرٍ من خلقه، واستخلفه في أرضه).
- الحفاظ على النسل، وعلى الأنساب من الاختلاط .
- تهيئة بيئةٍ تصلح لإنشاء جيلٍ سويٍّ، وبالتالي الوصول إلى مجتمع خالٍ من التحلّل والفساد .
- تحقيق المودة والرحمة ، والسكن والطمأنينة بين كلا الزوجين، وذريتهما.