شرح مفهوم الإيمان باليوم الآخر للأطفال
تعريف الإيمان باليوم الآخر للأطفال
يجدر بالذكر بداية إلى أنه لا بدّ لِمن يريد التحدّث مع الأطفال عن اليوم الآخر أن يُراعي أفهامهم، وأن يركّز على جانب الترغيب، ويناقشهم في ذلك بطريقة مبسّطة حتى يكون لذلك أبلغ الأثر في نفوسهم، ويمكن تعريف اليوم الآخر وبيان نبذة عنه فيما يأتي:
- اليوم الآخر هو يوم القيامة
وهو من وقت الحشر إلى ما لا نهاية، أو إلى أن يدخل أهل الجنة وأهل النار ، وسمّي اليوم الآخر لأنه آخر الأوقات المحدودة، أو لأنه متأخّر عن الدنيا، أو لأنه لا ليل بعده، أو لأنه آخر أيام الدنيا.
- الإيمان باليوم الآخر
هو التصديق الجازم بأنّ الله قد أعدّ وقتاً تنتهي فيه الحياة الدنيا، وهو وقت لا يعلم به إلا الله -تعالى-، ولم يخبر الناس به؛ حتى يكونوا دائما مستعدين بالأعمال الصالحة، فعلينا الإكثار من الأعمال الصالحة التي تقربنا من الله؛ كالصلاة والصيام وقراءة القرآن.
- الإيمان باليوم الآخر ركنٌ من أركان الإيمان، وعقيدة من عقائد الإسلام
إن الإيمان باليوم الآخر هو إيمان بالغيب ، أخبرنا الله -تعالى- به عن طريق رسله الكرام، فطريقه هو النقل الصحيح مما جاء في القرآن، قال الله -تعالى-: (إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا* وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا* وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا* يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا* بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا* يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ* فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ* وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ).
الحكمة من وجود يوم الآخرة
إنّ من أهمّ حِكَم وجود اليوم الآخر هو أنه رجوع كل الناس يوم القيامة للحساب والجزاء على ما قدّمه كلّ منهم في الدنيا، فلو لم يكن هناك يوم آخر لأصبح وجود الخلق عبثاً باطلاً، ولما كان هناك حكمة من خلق الله السماوات والأرض، وحاشا لله أن يخلق شيئاً بدون حكمةٍ أو سببٍ.
وفي الحديث: (لمَّا رجَعتُ إلى رسولِ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- مُهاجرةُ البحرِ، قالَ: ألا تحدِّثوني بأعاجيبِ ما رأيتُمْ بأرضِ الحبشَةِ؟ قالَ فِتيةٌ منهم: بلَى يا رسولَ الله، بينا نحنُ جلوسٌ مرَّت بنا عجوزٌ من عجائزِ رَهابينِهِم تحملُ علَى رأسِها قُلَّةً من ماءٍ، فمرَّت بفتًى منهم، فجعلَ إحدى يدَيهِ بينَ كتفيها، ثمَّ دفعَها فخرَّت علَى رُكْبتَيها، فانكسَرت قُلَّتُها).
(فلمَّا ارتفَعتِ التفتَت إليهِ فقالَت: سوفَ تعلَمُ يا غُدَرُ إذا وضعَ الله الكرسيَّ وجمعَ الأوَّلينَ والآخِرينَ وتَكَلَّمتِ الأيدي والأرجلُ بما كانوا يَكْسِبونَ، فسوفَ تعلَمُ كيفَ أمري وأمرُكَ عندَهُ غدًا، قالَ: يقولُ رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ-: صدَقَتْ، صدَقَتْ، كيفَ يقدِّسُ الله أمَّةً لا يؤخَذُ لضَعيفِهِم من شديدِهِم).
من ثمرات الإيمان باليوم الآخر
إن صدق الإيمان باليوم الآخر سببٌ لمراقبة الله -تعالى- في كل الأعمال، وهو دافع للإقبال على الطاعات والإخلاص فيها رغبةً في الآخرة، ودافع لعدم الانشغال المُفرط في أمور الدنيا التي لن تنفعه يوم القيامة، فيستثمر وقته بشكلٍ صحيحٍ ولا يصرفه إلا فيما يعود عليه بالنفع.
ولأهمية اليوم الآخر نجد رسولنا الكريم قد ربط أذهان الأمة بأشياء كثيرة؛ حتى لا تنسى اليوم الآخر والاستعداد له، ومنها أنه كان يربط القيام ببعض الأعمال الصالحة بالإيمان باليوم الآخر، بدليل قوله -صلى الله عليه وسلم-: (مَن كانَ يؤمنُ باللهِ واليوم الآخرِ فليُحْسِنْ إلى جارِه، ومن كان يؤمنُ باللهِ واليوم الآخرِ فليُكْرِمْ ضيفَه، ومن كان يؤمِنُ باللهِ واليوم الآخرِ فليقُل خَيرًا أو ليَصْمُتْ).
وعندما يكون الإيمان باليوم الآخر حاضراً في قلب كل مؤمن فإن هذا سيخلّصه من كل مشاعر الكراهية والتباغض ، وسيحلّ مكانها مشاعر الحب والألفة والتسامح، كما يمنع ذلك صاحبه من أن يظلم أحداً، وذلك لعلمه بأن الله سيحاسبه على ذلك، ويتذكر قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (اتَّقوا الظلم؛ فإنَّ الظلم ظلمات يوم القيامة).
كما أن الإيمان باليوم الآخر يخلق في نفس المؤمن الأمل بأنّ حقّه لن يضيع، وأنه سيجازى عن كل أعماله، فتراه يسعى نحو الأعمال الصالحة؛ ليلقى ربه بعمل صالح يقربه منه، راجياً به رحمته.