شرح قصيدة القرار لنزار قباني
شرح قصيدة القرار لنزار قباني
شرح المقطع الأول
- إني عشقتك.. واتخذت قراري
- فلمن أقدم -يا ترى- أعذاري
- لا سلطةً في الحب.. تعلو سلطتي
- فالرأي رأيي.. والخيار خياري
- هذي أحاسيسي.. فلا تتدخلي
- أرجوك، بين البحر والبحار..
- ظلي على أرض الحياد.. فإنني
- سأزيد إصراراً على إصرار
- ماذا أخاف؟ أنا الشرائع كلها
- وأنا المحيط.. وأنت من أنهاري
- وأنا النساء، جعلتهن خواتماً
- بأصابعي.. وكواكباً بمداري
- خليك صامتةً.. ولا تتكلمي
- فأنا أدير مع النساء حواري
- وأنا الذي أعطي مراسيم الهوى
- للواقفات أمام باب مزاري
- وأنا أرتب دولتي.. وخرائطي
- وأنا الذي أختار لون بحاري
- وأنا أقرر من سيدخل جنتي
- وأنا أقرر من سيدخل ناري
- أنا في الهوى متحكمٌ.. متسلطٌ
- في كل عشق نكهة استعمار
- فاستسلمي لإرادتي ومشيئتي
- واستقبلي بطفولةٍ أمطاري..
- إن كان عندي ما أقول.. فإنني
- سأقوله للواحد القهار...
- عيناك وحدهما هما شرعيتي
- مراكبي، وصديقتا أسفاري
- إن كان لي وطنٌ.. فوجهك موطني
- أو كان لي دارٌ.. فحبك داري
- من ذا يحاسبني عليك.. وأنت لي
- هبة السماء.. ونعمة الأقدار؟
- من ذا يحاسبني على ما في دمي
- من لؤلؤٍ.. وزمردٍ.. ومحار؟
- أيناقشون الديك في ألوانه؟
- وشقائق النعمان في نوار؟
- يا أنت.. يا سلطانتي، ومليكتي
- يا كوكبي البحري.. يا عشتاري
- إني أحبك.. دون أي تحفظٍ
- وأعيش فيك ولادتي.. ودماري
- إني اقترفتك.. عامداً متعمداً
- إن كنت عاراً.. يا لروعة عاري
- ماذا أخاف؟ ومن أخاف؟ أنا الذي
- نام الزمان على صدى أوتاري
- وأنا مفاتيح القصيدة في يدي
- من قبل بشارٍ.. ومن مهيار
- وأنا جعلت الشعر خبزاً ساخناً
- وجعلته ثمراً على الأشجار
- سافرت في بحر النساء.. ولم أزل
- -من يومها- مقطوعةً أخباري :-من يومها- مقطوعةً أخباري..
إنّ الناظر لأبيات هذا المقطع يجد أنّ الشاعر يتحدث عن علاقة حب اختار أن يخوضها بنفسه، فنراه يخاطب المحبوبة، ويعلن لها أنّه عشقها ولن يقدم الأعذار على هذا الحب، وعلى هذه العلاقة الغرامية الجديدة، حتى أنّه يطلب من المحبوبة عدم التدخل، ويرفض نصيحتها بالتمهل، فالشاعر يعلن أنّه يحبها ولن يسمع أية كلمة تصده عن هذا الحب.
ومن ثم نراه يطالبها بعدم الخوف عليه، فالشاعر هنا يتغنى بعلاقاته الكثيرة، وبأنّه خالط النساء، وصار يفهم عقليتهن، ويستطيع التعامل معهنَ، إلى درجة أنّه يصف النساء بالخاتم في أصبعه الصغير، فالشاعر يتفاخر بنفسه، وبقدرته على إيقاع النساء بحبه، فهو مثل البحر الذي يركبن فيه، وهو مثل السلطان الذي يمنح وده لهن.
وبعد افتخاره بنفسه وبقدرته على الغرام، نجده يطالب المحبوبة بالاستسلام لحبه، وأن تخضع لإرادته مثل بقية النساء، فلا مفرّ من سلطان حبه، لكنه يتخلص من هذا الافتخار والروح النرجسية، إلى التغزل بها فنجده يعلن لها عن ضياع عقله بها، وأنّها ستصير محبوبته الوحيدة، فقد وجد أخيرًا الفتاة التي سيسلم لها قلبه وعقله.
شرح المقطع الثاني
- يا غابةً تمشي على أقدامها
- وترشني بقرنفلٍ وبهار
- شفتاك تشتعلان مثل فضيحةٍ
- والناهدان بحالة استنفار
- وعلاقتي بهما تظل حميمةً
- كعلاقة الثوار بالثوار..
- فتشرفي بهواي كل دقيقةٍ
- وتباركي بجداولي وبذاري
- أنا جيدٌ جداً.. إذا أحببتني
- فتعلمي أن تفهمي أطواري..
- من ذا يقاضيني؟ وأنت قضيتي
- ورفيق أحلامي، وضوء نهاري
- من ذا يهددني؟ وأنت حضارتي
- وثقافتي، وكتابتي، ومناري..
- إني استقلت من القبائل كلها
- وتركت خلفي خيمتي وغباري
- هم يرفضون طفولتي.. ونبوءتي
- وأنا رفضت مدائن الفخار..
- كل القبائل لا تريد نساءها
- أن يكتشفن الحب في أشعاري..
- كل السلاطين الذين عرفتهم..
- قطعوا يدي، وصادروا أشعاري
- لكنني قاتلتهم.. وقتلتهم
- ومررت بالتاريخ كالإعصار..
- أسقطت بالكلمات ألف خليفة..
- وحفرت بالكلمات ألف جدار
- أصغيرتي.. إن السفينة أبحرت
- فتكومي كحمامةٍ بجواري
- ما عاد ينفعك البكاء ولا الأسى
- لقد عشقتك.. واتخذت قراري
أما هذا المقطع نجد فيه أنّ الشاعر ينتقل من غزل المشاعر إلى غزل الجسد الحسّي، فنراه يُغرق في وصف جسدها، ففي البداية يصفها بالغابة التي تمشي على قدمين، وهذا الوصف فيه مفارقة، فالغابة كثيفة الأشجار، وقد تكون فضاءً معاديًا إذ يمكن أن يضيع فيها الإنسان أو أن يقتله أحد حيواناتها، لكن استعماله لهذه الوصف لعله للدلالة على الخصب.
ومن ثم نجده يعلن عن عنفه في الشعر، فهو متمكن منه إلى درجة أنّ كل من يحاربه يسقط أمام شعره وكلماته، فالشاعر يريد أن يُشعر حبيبته بخطورة لسانه، وأنّه قادرٌ على أن يزحزح حكامًا به، فهو يريدها أن تستلم له سريعًا وتقع في حبه، فهو الحل الأسلم في نظره، فلا مهرب لها إلا بإعطاء الشاعر رغبته.
الأفكار الرئيسة في القصيدة
احتوت هذه القصيدة بعض الأفكار التي منها تشكلت هذه الأبيات، وهي كما يأتي:
- يعلن الشاعر حبه للمحبوبة، وعشقه لها.
- يصرح الشاعر بعلاقته الغرامية الكثيرة مع النساء.
- يكشف الشاعر عن كون شعره أداته الوحيدة.
- ينصح الشاعر المحبوبة بقبول حبه، ومبادلته الغرام.
- يرفض الشاعر أي رأيٍ آخر في هذا العلاقة.
الصور الفنية في القصيدة
في هذه القصيدة غير قليل من الصور الفنية، منها ما يأتي:
- شبه الشاعر نفسه في البيت العاشر بالبحر، وشبه حبيبته بنهر يصب فيه، إذ يقول: وأنا المحيط.. وأنت من أنهاري
- شبه الشاعر في البيت الحادي عشر النساء بالخاتم في أصبعه، إذ يقول: وأنا النساء، جعلتهن خواتمًا.
- شبه الشاعر النساء في البيت الثاني عشر النساء بكواكبٍ في مداره، إذ يقول: وكواكباً بمداري.
- شبه الشاعر نفسه في البيت الخامس عشر بالسلطان، إذ يقول: أ نا أرتب دولتي.. وخرائطي.
- شبه الشاعر في البيت التاسع والعشرين وجه حبيبته بوطنه، إذ يقول: إ ن كان لي وطنٌ.. فوجهك موطني.
- شبه الشاعر في البيت الثامن والثلاثين حبيبته بعشتار. إذ يقول: يا كوكبي البحري.. يا عشتاري.
- شبه الشاعر في البيت الواحد والخمسين حبيبته بالغابة التي تسير، إذ يقول : يا غابةً تمشي على أقدامها.
معاني الكلمات في القصيدة
إنّ المتأمل في هذه القصيدة يجد أنّها تنتمي إلى شعر التفعيلة، وأنّ ألفاظها كانت سهلة واضحة، إلا أنه تم استعمال بعض المفردات التي تحتاج لتفسير، وهي كما يلي:
المفردة | المعنى |
الشرائع | مفردها شريعة وهي الطرق والأساليب |
مراسيم | مفردها مرسوم، وهو القرار المكتوب |
شقائق النعمان | نوع من أنواع الورود في الشام |
عشتار | إله من آلهة الإغريق واليونان والسومريين |