شرح حديث عن الغضب (لاتغضب)
نص حديث لا تغضب
نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الغضب؛ لما فيه من المفاسد والأضرار على الفرد والمجتمع، فقد ثبت في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: (أنَّ رَجُلًا قالَ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أوْصِنِي، قالَ: لا تَغْضَبْ. فَرَدَّدَ مِرَارًا، قالَ: لا تَغْضَبْ).
شرح حديث لا تغضب
يتضمن هذا الحديث أفكاراً عديدة، ومنها ما يأتي:
- معنى "لا تغضب":
- قيل في معناه إنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن وقوع الغضب من الإنسان ابتداء، وهذا فيه شيء من الصعوبة؛ لأنّ الغضب قد يكون جِبِلّة في الإنسان.
- قيل في معناه: إنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن تنفيذ مقتضى الغضب من الانتقام والاعتداء، وعلى المسلم أن يضبط نفسه عند حدوث الغضب، ويعمل على كظم غيظه .
- أهمية هذه الوصية وسبب كونها وجيزة
هذا الحديث يتضمّن وصيةً عظيمة وجيزة جامعة لخصال الخير كله، طلبها هذا الصحابي الجليل من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليحفظها ويعيها، وليعمل بمقتضاها، إذ لو كانت وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- كثيرة الكلمات فلعلّ هذا الصحابي لن يستطيع أن يعيها ويحفظها حينها، ولذلك جاءت هذه الوصية وجيزة مختصرة.
- سبب تكرار جملة: "لا تغضب" في الحديث
كرّر النبي -صلى الله عليه وسلم- عبارة "لا تغضب"؛ للتأكيد على أنّ الغضب جماع الشر، وأنّ التحرز منه جماع الخير، فقد ثبت في رواية أخرى للحديث: (قال رجلٌ: يا رسولَ اللهِ، أوصِني: قال: لا تغضَبْ، قال: ففكَّرْتُ حينَ قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ما قال، فإذا الغضبُ يجمَعُ الشَّرَّ كلَّه).
ما حثّ عليه الشرع للتخلّص من الغضب
بيّنت الشريعة الإسلامية طرقاً كثيرة للتخلص من الغضب، ومن هذه الطرق ما يأتي:
- مجاهدة الإنسان غضبه
وعدم الانسياق وراء توابع غضبه، قال الله -تعالى-: (وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ)، وقال الله -تعالى-: (الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّـهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).
- التعوّذ بالله من الشيطان الرجيم عند الغضب
حيث ثبت في حديث سليمان بن صرد -رضي الله عنه- أنّه قال: (اسْتَبَّ رَجُلَانِ عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ونَحْنُ عِنْدَهُ جُلُوسٌ، وأَحَدُهُما يَسُبُّ صَاحِبَهُ، مُغْضَبًا قَدِ احْمَرَّ وجْهُهُ، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنِّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً، لو قالَهَا لَذَهَبَ عنْه ما يَجِدُ، لو قالَ: أعُوذُ باللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ فَقالوا لِلرَّجُلِ: ألَا تَسْمَعُ ما يقولُ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ قالَ: إنِّي لَسْتُ بمَجْنُونٍ).
- تغيير هيئة وحال الشخص عند الغضب
أي إنْ كان واقفاً يجلس، وإن كان جالساً يضطجع، فقد ثبت في حديث أبي ذر الغفاري -رضي الله عنه- أنّه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا غضب أحدُكم وهو قائمٌ فلْيَجْلِسْ ، فإن ذهب عنه الغضبُ وإلا فليضطجِعْ).
- الصمت عند الغضب
لما ثبت في حديث عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما- أنّه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا غَضِبَ أحدُكم فلْيسكتْ).
- الوضوء والاغتسال عند الغضب
لحديث عطيَّةَ السعدي حيث قال: قال رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: (إنَّ الغَضَبَ من الشَّيطانِ، وإنَّ الشَّيطانَ خُلِقَ من النَّارِ، وإنَّما تُطفَأُ النَّارُ بالماءِ، فإذا غَضِبَ أحَدُكم فلْيَتوضَّأْ).