شرح حديث (من صلى الفجر)
شرح حديث (من صلى الفجر)
الصلاة عمود الدِّين ، ونبراسٌ للمتقين، وحياةٌ للمؤمنين؛ إذ بالصلاة يُقبل المخلوق على الخالق، تاركاً وراءه ملذات الدنيا وشهواتها، مقبلًا إلى الله بقلب سليم صحيح غير سقيم، وهي جَلاء للروح، وصفاءٌ للعقل، وصحة للبدن، كما أنها أول ما يُحاسب به المرء يوم الدِّين، فبعدها إما جحيم أو نعيم.
كيف لا وهي آخر ما كان من وصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو على فراش الموت، كيف لا وهي الركن المتين للدِّين الإسلامي، بعد أن فُرضت على نبي الله محمد -عليه الصلاة والسَّلام- وهو في حادثة المعراج ، ففضائل الصلاة عديدةٌ مديدة، جاء في الحديث عن صلاة الفجر: (مَن صلَّى العشاءَ في جماعةٍ، كانَ كقيامِ نِصفِ ليلةٍ، ومَن صلَّى الفجرَ في جماعةٍ كانَ كقيامِ ليلةٍ).
وفي هذا الحديث حثٌّ من النبي -صلى الله عليه وسلم- للمواضبة على صلاة الفجر في جماعة؛ وذلك لأن العبد إذا صلَّاها في جماعة في المسجد كأنما قام الليل كُلَّه، وأيضًا لأنها صلاة مشهودة أي تشهدها الملائكة.
وقد قال -عليه الصلاة والسلام-: (يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ باللَّيْلِ، وَمَلَائِكَةٌ بالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ في صَلَاةِ الفَجْرِ، وَصَلَاةِ العَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ وَهو أَعْلَمُ بهِمْ: كيفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فيَقولونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ).
إذاً فالملائكة تنظر إليك وأنت تصلي صلاة الصبح والظهر والعصر، وملائكة آخرون يرونك وأنت تصلي صلاة العصر والمغرب، والعشاء والصبح، فيصعد هؤلاء وينزل هؤلاء، ويشهدون لك عند الله -عز وجل- بأنك تصلي.
شرح حديث (من صلى الصُّبح)
ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (مَن صَلَّى صَلَاةَ الصُّبْحِ فَهو في ذِمَّةِ اللهِ، فلا يَطْلُبَنَّكُمُ اللَّهُ مِن ذِمَّتِهِ بشيءٍ، فإنَّه مَن يَطْلُبْهُ مِن ذِمَّتِهِ بشيءٍ يُدْرِكْهُ، ثُمَّ يَكُبَّهُ علَى وَجْهِهِ في نَارِ جَهَنَّمَ).
ومعنى قوله -عليه الصلاة والسلام-: (مَن صَلَّى صَلَاةَ الصُّبْحِ فَهو في ذِمَّةِ اللهِ)؛ أي من يؤديها في وقتها حاضرًا في المسجد مع الجماعة؛ فهو في ذمة الله أي في حماية الله ورعايته وأمانُه، فلا يخشى أحدًا في ذلك اليوم لأنه قد استجار بالله -تعالى-، لذلك يجب أن لا يتعرض له أحد بأذى.
ومن آذى رجلاً كان قد صلى الفجر في جماعة؛ فإنَّ الله -تعالى- يطلبه بحقه، وهذا وعيد من الله -تعالى- لمن يتعرض للمصلين، وأيضًا في الحديث ترغيب لحضور صلاة الفجر في جماعة .
شرح حديث (من صلى البردين)
وردَ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (مَن صَلَّى البَرْدَيْنِ دَخَلَ الجَنَّةَ)، ويُقصد بالبردين على كلام أكثر أهل العلم: الفجر والعصر؛ وسُمَّيتا بالبردين لأنَّ الشمسَ تبرد بعد الزوال؛ أي في وقت العصر والفجر هو أبرد ما يكون من الليل.
ومن حافظ على هاتين الصلاتين على وقتهما في المسجد أدخله الله الجنَّة، فهما أفضل الصلوات لقوله -تعالى-: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) ، إذ اختلف المفسرون في معنى الصلاة الوسطى ؛ هل هي الفجر أم العصر؟، وإن دلَّ ذلك على شيء دلَّ على عِظم أجرهما.