شرح الحديث (أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا)
شرح الحديث (أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا)
ثبت في الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال حديث يدل على المنزلة العالية ل حسن الخلق في حياة العبد المسلم وهو قوله: (أكملُ المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خُلقًا، وخيارُكم خيارُكم لنسائهم).
أكمل المؤمنين إيماناً
وفي النظر إلى نص الحديث يتبيّن أنّ الإيمان يزداد وينقص؛ لأنّ الناس يتفاوتون في الإيمان، فليس الإيمان على درجةٍ واحدة لكل النّاس وهذا مذهب أهل السنة والجماعة في هذا الأمر، وفي هذا الجزء من الحديث يُثبت للشخص صفة الإيمان، لكنّ تمامه واكتماله لا يكون إلا بحُسن الخُلق، وهي تتمة الحديث كما سنُبيّن.
ولا بُدّ من التنويه على صاحب وصف أكمل المؤمنين إيماناً هو رسول الله -صلى الله عليه وسلَّم- فقد قال الله في مدح خُلقه الكريم: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ).
أحسنهم خُلقاً
أما في قوله -صلى الله عليه وسلم-: (أحسنهم خُلقاً)، فهي دلالة على منزلة الأخلاق الحسنة وأهميتها في حياة المؤمن، وأن المُتحلي بها يتمتع بمنزلة رفيعة من الإيمان لا يصلها أي أحد؛ وذلك لأنه يُعامل الناس بمعاملة طيّبة وخلقٍ حسن، ويُعامل الناس كما يُحب هو أن يتعامل معه الناس، فيُحب للناس كما يُحبُّ لنفسه.
وهذه من خصال الإيمان للحديث الذي رواه البخاري في صحيحه قال -صلى الله عليه وسلم-: (لَا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ، حتَّى أكُونَ أحَبَّ إلَيْهِ مِن والِدِهِ ووَلَدِهِ والنَّاسِ أجْمَعِينَ)،وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حديثٍ آخر يوضح أجر صاحب الخلق الحسن: (إن المؤمنَ لَيُدْرِكُ بحُسْنِ خُلُقِه درجةَ الصائمِ القائمِ).
خياركم خياركم لنسائهم
بعد أنّ ذكر الحديث حُسن الخلق عامةً ومع جميع الناس، خصّص بعدها التعامل مع الأهل والزوجة خصوصاً؛ وذلك لأنّ الخلق يتضح مع أهل البيت أكثر من غيرهم لعدم حاجته معهم إلى التصنُّع طول الوقت، فتظهر الأخلاق على حقيقتها مع طول العشرة.
وقد وصّى الله -عز وجل- بحسن معاملة الزوجات في قوله: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)،إذ إنّ المعاملة بالمعروف مع الزوجة من سمات أهل الإيمان، وهو ليس ضعفاً أو قلة رجولة أن يُعامل الرجل زوجته بالحسنى وبطيب الكلام، بل هي علامة تمكن الإيمان في قلبه.
وعلى الرجل أن يتخلّق ب خلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع زوجاته، وأن يقرأ في سيرته كيف كان يُعامل زوجاته ويصبر عليهن، فيكون جواداً كريماً، يتغافل عن الزلات البسيطة، ويعوّد نفسه على الصبر والأناة.
وأن يتساهل معها في كل أمر إلا إن كان في هذا معصية، فيحرص على استقامة زوجته وطاعتها لله، فليس عيباً أن يتنازل الرجل عن بعض حقوقه أو بعض الزلات اليسيرة حتى تسير الحياة بأمان وبلا مشكلات أو هموم.