سلبيات وايجابيات الفلسفة البراجماتية
الفلسفة البراجماتية
البراجماتية هي حركة فلسفية تضمّ من يزعمون أن الأيديولوجيا أو الاقتراح يكون صحيحًا طالما أنه يعمل بشكل مُرضٍ وعملي، ويجب رفض كل الأفكار غير العملية، ونشأت الفلسفة البراجماتية في الولايات المتحدة خلال الربع الأخير من القرن التاسع عشر، وأثّرت هذه الفلسفة كثيرًا على الكثير من الفلاسفة مثل مفكّري القانون والسياسة والتعليم وعلم الاجتماع والنقد الأدبي وعلم النفس.
استخدم مصطلح البراغماتية أول مرة في عنوان لويليام جيمس "المفاهيم الفلسفية والنتائج العملية"، لكنّه يُقرُّ أنّ نشأة المصطلح كانت قبل ثلاثة عقود، على يد سي إس بيرس، وكان يعني بالبراجماتية أنها اسم لكل ما هو قبيح بما يكفي ليكون في مأمن من الخاطفين، والشخصية الثالثة من مؤسسي المذهب البراجماتي هو جون ديوي.
أثّرت كتابات ديوي على الفكر الأمريكي طيلة نصف قرن، وبعده بدأت البراجماتية بفقدان بريقها، ثمّ ظهرت حركات تجديدة للأفكار الكلاسيكية على يد البراجماتيين الجدد، ومنهم: هيلاري بوتنام، ونيكولاس ريشر، ويورجن هابرماس، وسوزان هاك، وروبرت براندوم، وكورنيل غرب، ويقومون باستكشاف الموضوعات والأفكار وتخصيصها بما يتناسب مع الفلسفة البراجماتية.
إيجابيات وسلبيات الفلسفة البراجماتية
وفيما يأتي تفصيل لإيجابيات وسلبيات الفلسفة البراجماتية:
إيجابيات البراجماتية
فيما يلي إيجابيات الفلسفة البراجماتية:
- امتازت الفلسفة البراجماتية عن غيرها من الفلسفات بأنها تهتمّ بالتجريب ( المبدأ التجريبي ) لإدراك الوعي الواقعي وتتبع النتائج.
- للفلسفة البراجماتية جهود مشهودة في تحدي العجز ودفع عجلة تطور الفكر، والاتجاه للمستقبل من دون البقاء في متاهات الماضي.
- الفلسفة البراجماتية أوقدت جذوة الشجاعة للقيام بأشياء جديدة تكون نتائجها مفيدة جدًا.
سلبيات البراجماتية
لا تخلو أي فلسفة من سلبيات ومآخذ، ومن سلبيات الفلسفة البراجماتية ما يأتي:
- اللاأخلاقية: برغم أنّ البراجماتية تتقيّد ببعض الفضائل مثل الانضباط والأمانة ومراعاة المواعيد والدقة، إلا أن هذه الفضائل ليس الهدف منها الفضيلة ذاتها، بل هدف الالتزام بها مدى فائدتها عند التعامل مع الآخرين، وهذا يظهر في أساليب الدعاية والإعلام الرأسمالية؛ مثلًا برغم أنّ الخمور والإعلانات المنحلّة غير أخلاقية إلا أنها مقبولة جدًّا عند البراجماتية؛ لأنّها نافعة ماديًّا أكثر من الإعلام الملتزم.
- الانحرافات السلوكية: أكثر ما يظهر في أنها تفتح الباب على مصراعيه للمنافسة، بأي وسيلة ممكنة؛ مما يُشجّع العنف والإجرام والانحراف إلى طرق تُلهي عن الواقع بحجّة أن المتعة والرخاء أكثر فائدة، مثل السماح بالمخدرات والمهلوسات والألعاب الإلكترونية العنيفة، كما أنّ البراجماتية منذ ظهورها كانت سببًا لكل الحروب، ولا يوجد رادع فيها ما دامت نافعة من وجهة نظر الفيلسوف.
- التدخل في الدين: تتدخّل البراجماتية بالدين أيضًا؛ فهو بحسب وجهة نظرها لا أهمية له إذا كانت العبادات لا تُعطي قيمة مادية للحياة، وتعتبر أصول الأديان ونشأتها دون أهمية.
مبادئ الفلسفة البراجماتية
فيما يلي أهم المبادئ التي تقوم عليها الفلسفة البراجماتية:
- لا توجد قيم نهائية: المبدأ الرئيسي للفلسفة البراجماتية أن الإنسان يخلق قيمة الخاصة خلال مسار نشاطه، ولا توجد قيم ثابتة يمكنه اتباعها خلال مساره القادم، وحتى الحقائق الثابتة عند الجميع تعتبرها البراجماتية منتجات من صنع الإنسان، وكل ما يحقق هدف الإنسان ورغباته ويطور حياته يُعدُّ مشروعًا، والمهم أن تكون النتائج مُرضية وليست الوسائل.
- التركيز على التجريب: تولي البراجماتية قيمة عالية للتجريب، وتعني اختبار كل شيء من خلال اكتشاف آثارها العملية النهائية، وإذا كانت الآثار مرغوبة فإنها مقبولة، بينما إن لم تكن كذلك، فإنها غير مقبولة أبدًا، والجميل في هذا المبدأ التشجيع على التجريب فقط.
- الإيمان بالفلسفة العملية: تعتقد البراجماتية أن الفلسفة ليست مجرد حكمة من الماضي، وتعتقد أن الفلسفة الحقيقية هي التي تساعد في حل مشاكل الحياة العملية، والتأثير في سلوك الإنسان.
- التنمية البشرية حسب البيئة: تعتقد البراجماتية أن نمو شخصية الإنسان يحدث بسبب التفاعل مع بيئته ومحاولة التكيف معها، وأثناء عملية تكيّفه، لا يتبنى الإنسان نفسه مع بيئته فحسب، بل يحاول تشكيل البيئة وفقًا لاحتياجاته وغرضه ورغباته.
- الثورة على التقاليد: البراجماتية تعتقد أن الواقع في طور التكوين، والحقيقة هي كل ما يحقق هدف المرء ويطور حياته؛ وهذه ثورة ضد التقليدية والاستبداد.
- التأكيد على أهمية القوة البشرية: تؤكد البراجماتية على قوة الفرد إلى حد كبير، وبفضل هذه القوة يمكن للإنسان أن يخلق بيئة مفيدة تساعده على تنميته ورفاهية المجتمع.
- الإيمان بالمرونة: تعتقد البراجماتية أنه لا يوجد شيء ثابت ونهائي في هذا العالم، وكل شيء ينمو ويتغير ويتطور؛ أي أنّ كل العالم يتغير وبالتالي فإن حياة الإنسان تتغير أيضًا.
- الواقع ما زال في طور التكوين: المستقبل عند البراجماتيين أكثر نفعًا وإشراقًا مقارنةً بالحاضر؛ لأنّ العالم في تطوّر وتغيُّر مستمرّ، وهذا يساعد على تلبية جميع احتياجات ومتطلبات البشر مُستقبلًا.
- التأكيد على أهمية النشاط: تركز الفلسفة البراجماتية على النشاط الفعليّ بدلًا من الأفكار؛ لأن الأفكار باعتقادهم ناتجة من النشاط، وأكبر مساهمة للبراجماتية أنها أدخلت مبدأ التعليم بالممارسة.