سفيان الثوري
سفيان الثوري
هو أبو عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق بن حبيب الثوري، من قبيلة ثور من مضر، طلب العلم صغيراً، وأفنى عمره في طلبه، ولقد تلقّى رعايةً وتربيةً صالحةً منذ بداية عمره، فكانت أمّه تغزل فتكفيه المال حتى يتفرّغ لطلب العلم، وكانت تدعمه بوصاياها وحكمتها، فقالت له يوماً: (يا بني إذا كتبت عشرة أحرفٍ فانظر هل ترى في نفسك زيادةً في خشيتك وحلمك ووقارك؟ فإن لم تر ذلك؛ فاعلم أنّها تضرك ولا تنفعك)، فكان هذا البيت الذي نشأ فيه وتعلّم، تنقّل سفيان في حياته لطلب العلم، والاستفتاء منذ صغره بين مكة والمدينة واليمن وبيت المقدس حتى بلغ عدد شيوخه ستمئة شيخٍ.
صفات سفيان الثوري
كثيرةٌ هي صفات سفيان الثوري رحمه الله، يُذكر منها ما يأتي:
- التواضع؛ يحدّث أحدهم أنّه لمّا قدم سفيان الرملة أو بيت المقدس أرسلوا إليه ليأتيهم ليحدّثهم بعلمه، وذلك اختباراً له لتواضعه، فأتاهم وأخبرهم بما شاؤوا من حديثٍ، متواضعاً لهم.
- تقديره لعلم الحديث، إذ ذُكر أنّ سفيان الثوري -رحمه الله- قبل أن كتب الحديث تعبّد عشرين سنةً.
- كان عالماً وعابداً ، حتّى قيل فيه: (سفيان الثوري عالم الأمة وعابدها)، وقيل أيضاً: (سفيان الثوري أمير المؤمنين في الحديث).
- شديد الخوف من الله تعالى، حيث قال فيه بعض من صاحبه في لياليه: (ما عاشرت في الناس رجلاً أرقّ من سفيان الثوري، وكنت أراقبه في الليلة بعد الليلة ينهض مرعوباً، ينادي: النار النار، شغلني ذكر النار عن النوم والشهوات).
- الصبر في المحن، فقد ابتُلي بمحنةٍ زمن الخليفة أبي جعفر المنصور، وتلاها محنته مع الخليفة المهديّ بعد وفاة أبي جعفر، ولقد كان أبو جعفر المنصور قد طلبه للقضاء، لكنّ سفيان الثوريّ لم يرغب بذلك، ففرّ من البلاد، فمكث أبو جعفر يطلبه ويبحث عنه، ويرسل خلفه الجنود، ويضع لمن يحضره الجوائز الماليّة، لكنّ أبا جعفر لم يلتقِ بسفيان الثوري حتى مات، وأتى من بعده الخليفة المهديّ فكان على خطى سابقه، فكانت تلك من المحن التي لاقاها سفيان في حياته.
وفاة سفيان الثوري
لما حضرت الوفاة سفيان جزع وخاف، فهدّأه من كان عنده إذ إنّه مقبلٌ على ربه تعالى، فسكن وهدأ، وأوصى أن يصلّي عليه عبد الرحمن بن عبد الملك، فصلّى عليه، وخرج بجنازته إلى الناس فجأةً، فشهده الخلق، ونزل في قبره عبد الرحمن بن عبد الملك، وخالد بن حارث وغيرهما، وكانت وفاته في البصرة، سنة مئة وإحدى وستين للهجرة.