سرطان الغدة الدرقية
سرطان الغدة الدرقية
سرطان الغدة الدرقية (بالإنجليزية: Thyroid cancer) يتمثل بنمو خلايا سرطانية خبيثة في أنسجة الغدّة الدرقية ، والتي تقع في الجزء الأمامي من الرقبة، وتشبه الفراشة في شكلها، وتكمن أهمية الغدة الدرقية في دورها بالتحكم بمعدل نبضات القلب ، ودرجة حرارة الجسم، وعمليات الأيض المُتمثلة في تحويل الطعام إلى طاقة، وكذلك السيطرة على مستويات الكالسيوم في الدّم؛ حيث تستخدم الغدّة الدرقية عنصر اليود ( بالإنجليزية: Iodine) لإنتاج العديد من الهرمونات،، وتنقسم الخلايا المُكوّنة للغدّة الدرقية إلى نوعين رئيسيين من الخلايا، وهما:
- الخلايا الجُريبيّة أو الخلايا المساميّة: ( بالإنجليزية: Follicular cells)، وهي الخلايا المسؤولة عن تصنيع هرمونات الغدّة الدرقية باستخدام اليود، ومن الجدير بالذّكر أنّ مستويات هذه الهرمونات في الدّم تُنظم بواسطة الهرمون المحفز للغدّة الدرقية (بالإنجليزية: Thyroid-stimulating hormone)، والذي تُفرزه الغدة النخامية الموجودة أسفل الدماغ.
- خلايا سي: ( بالإنجليزية:Parafollicular cells)، وهي الخلايا المسؤولة عن تصنيع هرمون الكالسيتونين (بالإنجليزية: Calcitonin) المسؤول بدوره عن آلية استخدام الجسم للكالسيوم.
وفي الحقيقة، فإنّ العديد من أنواع السرطان المختلفة قد تنمو من كل نوعٍ من هذه الخلايا، الأمر الذي يلعب دوراً أساسياً في تحديد مدى خطورة نوع السرطان، واختيار العلاج الأنسب له، وفي هذا السياق يُشار إلى أنّ نمو وظهور كتلةٍ في الغدة الدرقية لا يعني أنّها ورماً سرطانياً؛ إذ إنّ معظم هذه الأورم حميدة، والقليل منها سرطانية، ولحسن الحظ، فإنّ معظم أنواع سرطان الغدّة الدرقية من الممكن علاجها، حيث تكون الجراحة غالباً هي الخيار العلاجي المُستخدم، ومن الجدير بالذكر أيضاً أنّه من النادر جداً أن يتسبّب سرطان الغدّة الدرقية بوفاة الشخص المُصاب.
أنواع سرطان الغدة الدرقية
تنقسم سرطانات الغدّة الدرقية إلى ثلاثة أنواع رئيسية، وهي سرطان الغدة الدرقية التمايزي (بالإنجليزية :Differentiated thyroid carcinoma)، والسرطانة الدرقية النخاعية (بالإنجليزية: Medullary Thyroid Carcinoma)، والسرطانة الدرقية الكشمية (بالإنجليزية: Anaplastic Thyroid Carcinoma)، فيما يأتي بيانٌ لهذه الانواع بشيءٍ من التفصيل:
سرطان الغدّة الدرقية التمايزي
يُعدّ سرطان الغدة الدرقية التمايزي النوع الأكثر شيوعاً من بين السرطانات التي تُصيب الغُدة الدرقية، ويمتاز بأنّه بطيء النمو، وغالباً ما يظهر لدى الفرد البالغ المُصاب به على شكل كُتلةٍ في الغدة الدرقية لا تُسبب أيّ اعراض، وينقسم هذا النوع من سرطان الغدة الدرقية إلى نوعين فرعيين، يُمكن بيانهما على النحو الآتي:
- سرطان الغدة الدرقية الحليمي: (بالإنجليزية: Papillary thyroid Carcinoma)، وهو سرطان الغدة الدرقية الأكثر شيوعاً من بين أنواع السرطان التمايزي وسرطانات الغُدة الأُخرى، خاصةً بين النساء في سنّ الإنجاب، ومن الجدير بالذكر أنّه على الرغم من نمو خلاياه بشكلٍ بطيءٍ جداً، إلا إنّه غالباً ما ينتشر إلى الغدد الليمفاوية المجاورة الموجودة في الرقبة.
- سرطان الغدة الدرقية المسامي: أو سرطان الغدة الدرقية الجريبيّ (بالإنجليزية: Follicular thyroid cancer)، ويُعدّ هذا النوع من السرطان ثاني أكثر أنواع سرطان الغدة الدرقية انتشاراً، تحديداً في الدول التي يفتقر النظام الغذائي المُتّبع فيها إلى الكميات الكافية من اليود، ويتشابه سرطان الغدة الدرقية المسامي مع سرطان الغدة الدرقية الحليمي، بأنّ كلاهما له نفس الشكل والعلاج تقريباً، لكنّ الفرق بأنّ سرطان الغدّة الدرقية المسامي لا ينتشر إلى الغدد الليمفاوية المجاورة في العادة، لكن أحياناً قد ينتشر إلى أجزاءٍ أخرى من الجسم، مثل: الرئتين والعظام.
السرطانة الدرقية النخاعية
يُعدّ سرطان الغُدة الدرقية النخاعي من سرطانات الغدة الدرقية نادرة الحدوث، ويُصيب خلايا سي، وهي الخلايا التي كما ذكرنا سابقاً مسؤولةٌ عن إنتاج هرمون الكالسيتونين ، الذي يلعب دوراً في تكوين العظام والتحكم في مستوى الكالسيوم بالدم، وبالتالي فإنّ مستويات هرمون الكاسيتونين بالدّم يُستخدم كعلامةٍ دلالية للإصابة بسرطانة الدرقية النخاعية، وكعلامةٍ على احتمالية عودته مجدداً بعد الشفاء منه، وتجدر الإشارة إلى أنّ عامل الخطر الرئيسي الذي يزيد من فرص الإصابة بالسرطانة الدرقية النخاعية هو العامل الجيني؛ أيّ حدوث طفرةٍ جينية تؤدي إلى الإصابة به، ويُمكن لهذه الطفرة أن تنتقل من جيل لآخر في العائلة ذاتها، الأمر الذي يزيد من فرصة إصابة الأبناء أيضاً بهذا السرطان،، وفي بعض حالات الإصابة بسرطان الغدة النخاعية ينتشر إلى أجزاءٍ أُخرى من الجسم مثل؛ الدّماغ، والرئتين ، والكبد، والعظام.
السرطانة الدرقية الكشمية
تُعدّ السرطانة الدرقية الكشمية أو سرطان الغدة الدرقية غير التمايزي النوع الأقل انتشاراً والأكثر خطورةً من بين أنواع سرطانات الغدة الدرقية الأُخرى،، وتُعزى سبب تسميته بغير التمايزي إلى حقيقة أنّ خلاياه لا تبدو في الشكل والسلوك كخلايا الغدة الدرقية الطبيعية، ولابّد من الإشارة إلى أنّ السرطانة الدرقية الكشمية يتميز بنموه وانتشاره بشكلٍ سريعٍ إلى الرقبة وأجزاءٍ أُخرى من الجسم؛ لذلك فإنّ علاجه أكثر صعوبة مقارنة بأنواع سرطان الغدة الدرقية السابقة.
أنواع أخرى
تُعد الأورام الليمفاوية ( بالإنجليزية: Thyroid lymphomas) والأورام اللحمية الدرقية (بالإنجليزية: Thyroid sarcomas) وغيرها من سرطانات الغدة الدرقية النادرة؛ حيث تشُكل ما لا يتجاوز 4% من الحالات المُصابة بسرطانات الغدة الدرقية.
أعراض سرطان الغدة الدرقية
في الحقيقة، إنّ من الشائع أنّ لا يشعر المُصاب بسرطان الغُدة الدرقية بأيّة أعراضٍ أو بالقليل منها، فعادةً ما يُكتشف أمر إصابته بسرطان الغدة الدرقية بالصُدفة أثناء إجراء الفحص البدني العام، وينبغي توضيح أنّ وجود أي أعراضٍ أو علاماتٍ مُشابهة لتلك الناجمة عن سرطان الغدة الدرقية قد تُعزى لحالاتٍ طبيةٍ أُخرى غير السرطان، وفيما يأتي بيانٌ لأبرز أعراض وعلامات سرطان الغدة الدرقية:
- ظهور كتلةٍ في الجزء الأمامي من الرقبة.
- بحة الصوت.
- صعوبة التنفس.
- صعوبة البلع.
- توّرم وانتفاخ الغدد الموجودة في الرقبة.
- السُّعال المستمر غير المرتبط بنزلات البرد.
- ألم في الحلق أو الرقبة.
أسباب سرطان الغدة الدرقية
على الرغم من أنّه قد لا يُمكن تحديد السبب الفعلي الكامن وراء الإصابة بسرطان الغُدّة الدرقيّة دائماً، إلاّ أنّه توجد بعض العوامل التي تزيد من إحتمالية الإصابة به،، وفي هذا السياق ينبغي التوضيح بأنّ وجود عوامل خطر لدى للفرد لا يعني بأنّه حتماً سيصاب بسرطان الغدة الدرقية كذلك عدم وجود هذه العوامل لا يعني أنّ الفرد غير مُعرضٍ للإصابة به، وفيما يأتي بيانٌ لأبرز عوامل خطر الإصابة بسرطان الغدة الدرقية:
- الجنس والعمر: فقد وُجد أنّ الإناث أكثر عرضة للإصابة بسرطان الغدة الدرقية من الرجال، ويُعزى السبب في ذلك هرمون الإستروجين ودوره في زيادة تكاثر الخلايا السرطانية في الغدة الدرقية مقارنةً بالهرمون الذكري، كذلك تعدد أشكال مستقبلات الإستروجين لدى الإناث، ومن الجدير بالذكر أنّ سرطان الغدة الدرقية قد يُصيب الفرد في أيّ عمر، لكن معظم الحالات التي تم تشخيص إصابتها به كانت تتراوح أعمارها ما بين 40-50 عاماً لدى الإناث، و 60-70 عاماً لدى الذكور..
- التعرض للإشعاع: يزداد خطر الإصابة بسرطان الغدة الدرقية لدى الأشخاص الذين قد تعرضوا في مرحلة الطفولة لمستوياتٍ عاليةٍ من الإشعاع خاصة منطقة الرأس والرقبة؛ إذ من الممكن أن تظهر الإصابة بعد 40 عاماً من تعرّض الطفل للإشعاع، كالإشعاع النووي أو للإشعاع العلاجي كما هو الحال في علاج سرطان اللمفوما الإشعاعي، ومن المهم الإشارة إلى أنّ احتمالية الإصابة بسرطان الغدة الدرقية تكون أقل في حال تعرّض الفرد في مرحلة البلوغ للأشعة مقارنةً بتعرضه في مرحلة الطفولة.
- العامل الوراثي والجيني: كما ذكرنا سابقاً فإنّ وجود تاريخٍ عائلي من الإصابة بسرطان الغدة الدرقي من الممكن أن يزيد من خطر إصابة الفرد بهذا النوع من السرطان، كذلك فإنّ العديد من الاضطرابات الجينية والمشاكل الصحيّة الوراثية مرتبطة بزيادة خطر الإصابة بسرطان الغدة الدرقية. وفيما يتعلق بسرطان الغدة الدرقية النّخاعي (بالإنجليزية: Medullary thyroid cancer) فيجدُر عند تشخيص إصابة الفرد به إخضاع باقي الأفراد للفحوصات اللازمة للكشف عن هذا النوع من السرطانات، نظرًا لارتباطه بالعوامل الجينية والوراثية، وعادةً ما يتمّ علاج هذا السرطان بالجراحة واستئصال الدرقية.
- نقص مستوى عنصر اليود: يُعدّ اليود من العناصر المهمة التي تحتاجها الغدّة الدرقية لإنتاج هرموناتها، لكنّ الجسم غير قادرٍ على صنعه؛ لذلك يُعتبر اليود جزءاً أساسياً من النظام الغذائي،؛ إذ إنّ نقص مستويات اليود في الجسم قد تزيد من فُرص الإصابة ببعض أنواع سرطانات الغدّة الدرقية، كما أنّ نقصه قد يرتبط بزيادة خطر الإصابة بسرطان الغدة الدرقية الناجم عن التعرّض للإشعاع، ولحسن الحظ فإن بعض الدول تُضيف اليود إلى ملح الطعام وغيره لتفادي هذه المشكلة.
تشخيص سرطان الغدة الدرقية
كما ذكرنا سابقاً فإنّ وجود كتلةٍ أو عُقيداتٍ في الغدة الدرقية لا يكون سرطانياً في الغالب، لكن في حال ملاحظة أي كتلةٍ في الرقبة ينبغي مراجعة الطبيب لإجراء الفحوصات الللازمة للكشف عن المشكلة والتأكد من ذلك، ومن الطرق المُستخدمة في تشخيص سرطان الغدة الدرقية نذكر ما يأتي:
- الفحص البدني: عادةً ما يقوم الطبيب بالكشف عن أيّة تغييراتٍ جسديةٍ ظاهرةٍ على الغدّة الدرقية والاستفسار عن أيّة عوامل لدى الشخص من الممكن أن تزيد من فرص إصابته بسرطان الغدّة الدرقية.
- اختبارات الدم: تكشف فحوصات الدم عن ما إذا كانت الغدّة الدرقية تؤدي وظائفها على أكمل وجه.
- الخزعة: حيث يتطلب أخذ الخزعة من الغدّة الدرقية دقةً عاليةً جداً؛ حيث يستخدم الطبيب التصوير بالموجات الفوق صوتية لتوجيه الإبرة التي من خلالها يتم أخذ عينة من نسيج الغدة الدرقية، وبعد ذلك يتم تفحّصها في المختبر لمعرفة ما إذا كانت خلايا سرطانية أم لا.
- الفحص الجيني: والذي يُجرى لمعرفة ما إذا كانت التغيرات الجينية لها دورٌ في زيادة خطر الإصابة بسرطان الغدة الدرقية.
- اختبارات التصوير: حيث يُمكن أن يستخدم الطبيب التصوير المقطعي المحوسب (بالإنجليزية: Computerized tomography scans) وغيره من الاختبارات التصويرية للتأكد من انتشار سرطان الغدة الدرقية إلى أجزاءٍ أُخرى مجاورة.
علاج سرطان الغدة الدرقية
يعتمد علاج سرطان الغّدة الدرقية على نوع ومرحلة السرطان، وعلى عمر المريض وصحته بشكلٍ عام، وفي هذا السياق يُشار إلى أنّ سرطان الغدّة الدرقية يُعدّ من أكثر أنواع السرطان القابلة للعلاج في حال تم الكشف عنه في مراحله المبكرة، وحتى في مراحله المتقدمة فإنّ فرص علاجه كبيرة، ويُعزى السبب في ذلك إلى وجود العديد من العلاجات الفعّالة التي تزيد من فرص الشفاء التام منه، حيث تتضمن هذه العلاجات ما يأتي:
- الاستئصال الجراحي ، وهو الخيار العلاجي الأكثر استخداماً للتخلص من سرطان الغدة الدرقية.
- استخدام اليود المشّع (بالإنجليزية: Radioactive Iodine Ablation).
- علاجات أُخرى: نذكر من العلاجات الأُخرى الأقل استخداماً لعلاج سرطان الغدة الدرقية ما يأتي:
- العلاج بالأشعة .
- العلاج الكيميائي (بالإنجليزية: Chemotherapy).
- العلاج الموجّه (بالإنجليزية: Targeted therapy).
ومن الجدير بالذكر أنّه بعد علاج سرطان الغدّة الدرقية، ينبغي الحرص على المتابعة مع الطبيب المختص، والخضوع للفحوصات التي يوصي بها، لضمان علاج السرطان بشكل تام وعدم عودته مجدداً، ويعود السبب في ذلك إلى احتمالية انتشار بعض الخلايا السرطانية إلى الأعضاء المجاورة قبل إزالة الغُدة، لكن لحسن الحظ فإنّه من الممكن إعادة علاجه مُجدداً، وعادةً ما يُجري الطبيب المُختص الفحوصات بشكلٍ دوريٍّ للتحقق من وجود أيّ علامات تُشير إلى عودة السرطان الغدة الدرقية مرةً أُخرى.
ولمعرفة المزيد عن علاج سرطان الغدة الدرقية يمكن قراءة المقال الآتي: ( كيفية علاج سرطان الغدة الدرقية ).