دور الإنسان في ظاهرة الاحتباس الحراري
تعريف الاحتباس الحراري
يعرف أيضًا باسم الاحترار العالمي، ويمكن تعريفه على أنه ظاهرة عالمية تحدث عندما يزيد تركيز ثاني أكسيد الكربون والميثان، وملوثات الهواء الأخرى الناجمة عن المخلفات الصناعية، وعمليات الاحتراق الصادرة من محطات الوقود في الغلاف الجوي، وينتهج الاحتباس الحراري طريقة عمل البيوت الزجاجية، بحيث يمتص أشعة الشمس التي ترتد عن الأرض ويحبسها بدلًا من السماح بارتدادها إلى الفضاء مرةٍ أخرى.
ويأتي ثاني أكسيد الكربون وغاز الميثان على رأس قائمة الملوثات التي تحبس حرارة الأرض، كذلك يعتبر كل من أكسيد النيتروز، وبخار الماء، والغازات المفلورة الصناعية ملوثات وأسباب أخرى تزيد من احتمالية حدوث ظاهرة الاحتباس الحراري وارتفاع درجة حرارة الكوكب.
دور الإنسان في ظاهرة الاحتباس الحراري
يعتبر النشاط البشري عاملًا أساسيًا في حدوث ظاهرة الاحتباس الحراري، فيؤثر على درجات الحرارة والمناخ من خلال العبث بالتوازن الإشعاعي الذي يحكم الأرض على نطاقات زمنية ومكانية مختلفة، وعلى الرغم من أنه في بعض الحالات يكون التأثير الإشعاعي نتاجًا لمصادر طبيعية مثل البراكين، إلا أنه في الغالب يكون نتاجًا بشريًا بحت، حيث وجدت دراسات تقديرية أن إجمالي الزيادة الصافية في الإشعاعات بسبب الأنشطة البشرية منذ بداية الثورة الصناعية تقدّر بـ 1.6 واط لكل متر مربع.
بمعنى آخر، يحدث اختلال التوازن الإشعاعي في الغلاف الجوي عندما تزيد فيه نسبة الغازات الدفيئة الناجمة عن النشاطات البشرية، ومن أهم هذه الغازات:
- غاز ثاني أكسيد الكربون
وتزيد نسبة هذا الغاز بشكل أساسي في الغلاف الجوي من خلال حرق الوقود الأحفوري مثل النفط والفحم والغاز الطبيعي، كما أن نشاطات النقل والتدفئة وتوليد الطاقة الكهربائية وحرق الغابات كلها تمثّل مصادر بشرية لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.
وبينت دراسات إحصائية أن إجمالي كمية ثاني أكسيد الكربون المنبعث من النشاطات البشرية تقدّر بـ 7 مليارات طن سنويًا، بمعنى أن هذا التضخم الكبير من الحمل الكربوني يفوق قدرة الطبيعة على تنقيته وتعويضه.
- غاز الميثان
ويعد غاز الميثان ثاني أهم الغازات الدفيئة، وعلى الرغم من أنه يوجد بتركيزات أقل بكثير من ثاني أكسيد الكربون، إلا أنه يُصنف فعليًا بأنه أقوى منه بتأثيره على الغلاف الجوي، وذلك لأن التأثير الإشعاعي الناجم عن كل جزيء من الميثان أكبر من تأثير جزيئات ثاني أكسيد الكربون عليه.
وتعتبر زراعة الأرز، وتربية الماشية، وحرق الفحم والغاز الطبيعي، واحتراق الكتلة الحيوية ، وتحلل المواد العضوية في مدافن النفايات، كلها مصادر بشرية تزيد من تركيز الميثان في الغلاف الجوي مع مرور الوقت، وبشكل عام فإن إجمالي الانبعاثات السنوية للميثان الناجمة عن النشاطات البشرية تقدّر بحوالي 70% من النسبة الكلية.
مختصر القول، إن ظاهرة الاحتباس الحراري تزيد بوتيرة سريعة جدًا ونتائج واضحة جدًا من عامٍ إلى آخر، وذلك لأنه يصعب على البشر التنبؤ بكيفية التغيرات المحتملة على الغلاف الجوي الناجمة من تربية الماشية، وزراعة الأرز، واستخدام الطاقة، بالإضافة للنمو السكاني، وزيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
آثار الاحتباس الحراري على كوكب الأرض
في كل عام يكتشف العلماء عواقب جديدة للاحتباس الحراري، كما يكتشفون أدلة جديدة على تأثيره المدمر على كل من البشر والكوكب، وما زال العالم يعاني من آثاره حتى يومنا هذا، وستستمر هذه التأثيرات السلبية على حياتنا ما لم نعمل على الحد من أسبابه، وفيما يلي نذكر أبرز هذه الآثار:
- زيادة عدد الأيام الحارة في العام الواحد
اعتقدت الأرصاد الجوية العالمية أن عام 2015 كان العام الأكثر سخونة على الإطلاق، بعد أن تم تحطيم الرقم القياسي السابق لدرجات الحرارة في عام 2014.
وما لبثوا حتى سجل العالم رقمًا جديدًا في درجات الحرارة للسنة الثالثة على التوالي في عام 2016، وبهذا استنتجت دراسات الأرصاد الوتيرة المتصاعدة لدرجات الحرارة التي سببها الاحتباس الحراري.
- ارتفاع منسوب البحار والمحيطات
تؤدي ارتفاع درجات حرارة المحيطات إلى ذوبان الأنهار الجليدية في القطب الشمالي والجنوبي، بالإضافة إلى ذوبان القمم الجليدية في جميع أنحاء العالم، وبذلك فإن الكتلة المائية تتوسع وتؤدي إلى ارتفاع مستويات سطح البحار والمحيطات، وهذا يعتبر تهديداً حقيقياً للجزر المنخفضة و المدن الساحلية .
- انهيار الدورات والسلاسل الغذائية في البحار والمحيطات
عندما ترتفع درجة حرارة البحار والمحيطات وترتفع نسبة ثاني أكسيد الكربون فيها لتصبح أعلى من ما هي عليه في الهواء، فإن نسبة الأحماض فيها ترتفع أيضًا، وتحول طبيعة المياه فيها لتصبح أكثر حمضية، وبهذا فإنها تؤثر على طبيعة الشعاب المرجانية؛ فتبيضّ، كما تؤثر على حياة المحار والقشريات الصغيرة فيها والتي بدونها ستنهار سلاسل الغذاء البحرية .
- زيادة جفاف وتصحر الأراضي
يحدث الجفاف نتيجة لارتفاع درجات الحرارة في الغلاف الجوي فتعمل بشكل رئيسي على تبخير المياه الموجودة فيها وتصحرها، وبهذا فإن الاحتباس الحراري يعتبر عاملًا رئيسيًا في تدهور نتاج وخصوبة الأراضي والمحاصيل الزراعية.