داود الظاهري
اسمه ومولده
إمام من أئمة الفقه ، ومؤسس مذهب الظاهرية، ذاع صيته، وانتشر مذهبه، وله آراء خاصة في الفقه والعقيدة، وهو الإمام، البحر، العلامة، رئيس أهل الظاهر، أبو سليمان، داود بن علي بن خلف البغدادي الظاهري.
عرف داود الظاهري بالأصبهاني؛ وذلك لأن أمه أصبهانية، وكان أبوه حنفيّاً، كتب ثمانية عشر ألف ورقة، أصله من أصفهان، ومولده بالكوفة، ومنشؤه ببغداد، وُلد سنة مئتين وقيل سنة مئتين واثنتين من الهجرة، وتوفي الإمام دَاوُد الظاهري فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، سَنَةَ مئَتَيْن وسَبْعِيْنَ -رحمه الله رحمة واسعة-.
منزلته وثناء العلماء عليه
أثنى على الإمام داود الظاهري -رحمه الله- العلماء قديماً وحديثاً، ومن ذلك:
- قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: "صَنَّفَ الكُتُبَ، وَكَانَ إِمَاماً وَرِعاً نَاسِكاً زَاهِداً، وَفِي كُتُبِهِ حَدِيْثٌ كَثِيْرٌ، لَكِنَّ الرِّوَايَة عَنْهُ عَزِيْزَةٌ جِدّاً".
- قَالَ أَبُو عَمْرٍو المُسْتَمْلِي: "رَأَيْتُ دَاوُدَ بنَ عَلِيٍّ يَرُدُّ عَلَى إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، وَمَا رَأَيْتُ أَحَداً قَبْلَهُ وَلاَ بَعْدَهُ يَرُدُّ عَلَيْهِ، هَيْبَةً لَهُ".
- قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ المَحَامِلِيُّ: "رَأَيْتُ دَاوُدَ بنَ عَلِيٍّ يُصَلِّي، فَمَا رَأَيْتُ مُسْلِماً يُشْبِهُهُ فِي حُسْنِ تَوَاضُعِهِ".
- قَالَ أَبُو العَبَّاسِ ثَعْلَبٌ: "كَانَ دَاوُدُ بنُ عَلِيٍّ عَقْلُهُ أَكْبَرُ مِنْ عِلْمِهِ".
وأما منزلته، فداود قد تسلم رئاسة العلم ببغداد، وَكَانَ زَاهِداً مُتَقَلِّلاً، بل قيل: إِنَّهُ كَانَ يحضر في مَجْلِسِهِ أَربعمئة صاحبُ طيلسانٍ أخضر، وكان متعصباً للشافعي، وللمذهب الشافعي.
مذهب الظاهرية
نشأ المذهب الظاهري في القرن الثالث الهجري على يد داود بن علي الأصبهاني، وإليه نُسب، ونشره عن طريق مؤلفاته الكثيرة وغيرها؛ فصار لمذهبه بعد ذلك شوكة، واشتهر في البلدان الإسلامية كبقية المذاهب الكبرى .
ثم ضعف المذهب، وقل أتباعه حتى كاد أن يزول، فقاد الله -جل وعلا- له مؤسسه الثاني، ومجدد معالم المذهب وأصوله، محمد بن حزم الظاهري في الأندلس، فأحيا المذهب مرةً أخرى ونشره.
كان المذهب الظاهري محسوباً على أهل الحديث ؛ إذ إن داود الظاهري عاش في زمن انتشر فيه الاهتمام بالحديث، ويعد أحد رواة الحديث؛ فقد روى عن خلق كثير، منهم: يحيى بن معين، وإسحاق بن راهويه، ومن الجدير بالذكر أن تشكل المذهب الظاهري كان متزامنًا مع العصر الذهبي للسنة النبوية في القرن الثالث، وهو عصر الكتب المصنفة، ووضع قواعد التصحيح والتضعيف، والجرح والتعديل وغيرها.
أسس المذهب الظاهري
وسار ابن حزم الظاهري -رحمه الله تعالى- على خطى الإمام داود الظاهري؛ فقد كان له ميلٌ وتعظيمٌ للحديثِ وأهلِه، ووصفه الذهبي بأنه: "رأس في علوم الإسلام، متبحر في النقل" أي في نقل الآثار، وقد تأسس المذهب على أربعة أسس كما نص عليه ابن حزم، وهي:
- نصُّ القُرآن.
- نصُّ كلام رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-
الَّذي إنَّما هُو وحي من الله -تعالى-؛ ممَّا صحَّت روايته عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ونقله الثِّقات بالتَّواتر.
- إجماع علماء الأمَّة.
- وجود دليل منها لا يحتَمل إلاَّ وجهًا واحدًا
وقد بالغ الظاهرية في الاعتماد على حرفية ظواهر النصوص، دون الالتفات إلى المعاني والمناسبات والعلل؛ مما أدى بهم إلى الابتعاد عن القياس والتقليد والمصادر الأصولية الأخرى، بل جعلهم هذا يخالفون طريق أهل الحديث،ويأتون ببعض المسائل الشاذة التي قد يخالفون فيها إجماع الأمة أحياناً، وجعلوا لنفسهم طريقة في تصحيح الحديث وتضعيفه؛ تختلف عن طريقة المحدثين، فصححوا الضعيف وضعفوا الصحيح، وهذا إنما أَصَّله ابن حزم -رحمه الله-.
كتبه
ترك الإمام داود الظاهري كثيراً من المصنفات، منها:
- الإيضاح.
- الإفصاح.
- الدعوى والبينات.
- الأصول.
- الحيض.
- الطهارة.
- الأذان.
- الصلاة.
- القبلة.
- المواقيت.
- السهو.
- الاستسقاء.
- افتتاح الصلاة.
- ما يفسد به الصلاة.
- الجمعة.
- صلاة الخوف.
- صلاة الخسوف.
- صلاة العيدين.
- الإمامة. وغيرها كثير.
شيوخه وتلاميذه
للإمام داود الظاهري الكثير من الشيوخ؛ منهم:
- سليمان بن حرب.
- عمرو بن مرزوق.
- القعنبي.
- محمد بن كثير العبدي.
- مُسَدَّد بن مُسَرهَد.
- إسحاق بن راهويه.
- أبو ثور الكلبي.
- القواريري.
- يحيى بن معين، وغيرهم.
ومن تلامذته:
- ابنه أبو بكر محمد بن داود.
- زكريا الساجي.
- يوسف بن يعقوب الداوودي.
- عباس بن أحمد المُذَكِّر، وغيرهم.
خلافه العقدي
خالف الإمام داود الظاهري أهل السنة والجماعة في مسائل من الاعتقاد؛ منها قوله عَنِ القُرَآنِ: "أمَّا الَّذِي فِي اللَّوْحِ المَحْفُوْظِ: فَغَيْرُ مَخْلُوْقٍ، وَأَمَّا الَّذِي هُوَ بَيْنَ النَّاسِ فَمَخْلُوْقٌ"، وأنكر عليه ذلك عدد من الأئمة، ورفض الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله- أن يدخل عليه.