خصائص شهر رمضان
الصيام أهم خصائص شهر رمضان
يُعدُّ الصِّيام من أهمِّ خصائص شهر رمضان ؛ حيث جعل الله -تعالى- صيامهُ فريضةً على كُلِّ مُسلمٍ ومُسلمةٍ، كما كتبه على الأُمم قبلنا، لِقولهِ -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، وقد كان صيامهُ في البداية على التَّخيير بين الصِّيام والفدية، ولكنَّه بعد ذلك أصبح فريضةً لازمة دون تخيير، لِقولهِ -تعالى-: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).
ويتحقَّق دُخول رمضان بطريقتين؛ إمَّا برؤية الهلال رؤيةً مُحقَّقة، أو بشهادة شاهدٍ واحِدِِ، وإن كان هُناك غيم في السَّماء يمنع من رؤية الهِلال؛ فيجب في هذه الحالة إكمالُ عدَّة شعبان ثلاثين يوماً، لِقول النبيِّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (صوموا لرُؤيتِهِ، وأفطِروا لرؤيتِهِ، فإن غُمَّ عليكُم فاقدُروا ثَلاثينَ).
وقد خصَّ الله -تعالى- الصِّيام بفرحتين يفرحهما الصَّائم، الأولى عند فطره؛ بإتمامه عبادة الصِّيام وإزالة الجوع، والثانية يوم القيامة؛ لِما يلقاهُ من أجر الصِّيام، كما أنَّ الصيام في رمضان سببٌ لغُفران الذُّنوب، وفتح أبواب الجنَّة ، وإغلاق أبواب النَّار، وتَسَلْسُل الشَّياطين فيه، لِقول النبيِّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (إذا كانَ رَمَضانُ فُتِّحَتْ أبْوابُ الرَّحْمَةِ، وغُلِّقَتْ أبْوابُ جَهَنَّمَ، وسُلْسِلَتِ الشَّياطِينُ).
خصائص شهر رمضان
مضاعفة ثواب الأعمال في رمضان
يُضاعف الله -تعالى- الأجر والثَّواب في شهر رمضان، ومن الأعمال التي جاءت الأدلَّة بمُضاعفة الأجر فيها ما يأتي:
- الصَّدقة؛ لِفعل النبيِّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أجْوَدَ النَّاسِ بالخَيْرِ، وكانَ أجْوَدُ ما يَكونُ في رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ)، وجاء عن الإمام ابن حجر قوله: "إن الجود أعمُّ وأعظم من الصَّدقة، حيثُ إنَّه إعطاء ما ينبغي لمن ينبغي".
- العُمرة؛ وتعدلُ أجر الحجِّ، لِقول النبيِّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (مرةٌ في رمضانَ؛ تعدِلُ حجَّةً معي)، وهي من أفضل الأعمال التي يُمكن للمُسلم فعلها في رمضان، لما في ذلك من عظيم الأجر والثَّواب، فهي تعدِلُ أجر الحجِّ، وجاء في بعض الرِّوايات أنِّها تعدلُ أجر الحجِّ مع النبيِّ -عليه الصلاةُ والسلام-.
- الصِّيام المُضاعَف إلى أجرين، وهو صيامُ رمضان في وقته، فقد قال العُلماء: إن الواجب في رمضان واجبان، فيأخُذ الصائم أجران، وهُما: أجر الصِّيام، وأجر فضيلة شهر رمضان المُبارك.
نزول القرآن وليلة القدر
تميَّز رمضان وخصَّه الله -تعالى- بليلة القدر، وهي اللَّيلة التي ينزل فيها من القُرآن إلى مثلها في السنة القادمة، لِقولهِ تعالى: (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ)، وهي اللَّيلة التي كان فيها النُّزول الأوَّل للقُرآن، وكان نُزولهُ جملةً واحدةً من اللوح المحفوظ إلى بيت العزَّة في السَّماء الدُّنيا، لِقولهِ -تعالى-: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ)، كما أنَّ العبادة في هذه الليلة خيرٌ من العبادة في ألف شهرٍ ممَّا سواها، لِقوله -تعالى-: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ).
ومن علامات هذه الليلة كما جاء عن ابن عباس -رضي الله عنه- عن النبيّ قال: (ليلةُ القدْرِ ليلةٌ سمِحَةٌ، طَلِقَةٌ، لا حارَّةٌ ولا بارِدَةٌ، تُصبِحُ الشمسُ صبيحتَها ضَعيفةً حمْراءَ)، وتكون في العشر الأواخر من شهر رمضان، وقيامُها يَغفر ما تقدَّم من الذُّنوب كما ورد في الأحاديث الصحيحة، وكان النبيُّ -عليه الصلاةُ والسلام- يعتكفُ العشر الأواخر من رمضان؛ لإدراكها وإدراك فضلها، وكان يأمر زوجاته بالقيام، ويُستحبُّ الإكثار من الدُّعاء فيها.
صلاة التَّراويح
اختصَّ الله -تعالى- شهر رمضان بالقيام، وفي صلاة التَّراويح تقديمٌ لرغبة الله -تعالى- على رغبات النَّفس وشهواتها، وملء القلب بالإيمان، والتَّلذُّذ بسماع القرآن، وإشغال النَّفس بالطاعات وما يرضي الله -تعالى-، وتعويد الجوارح على الطَّاعة، وهي من السُّنن المؤكَّدة، سواءً للرِّجال أو النِّساء، وثبتت بفعل النبيِّ -عليه الصلاةُ والسلام-، ويُسنُّ أداؤها جماعةً في رمضان، وسُمِّيت بالتَّراويح؛ لأنَّ النَّاس يستريحون بعد كُلِّ أربعِ ركعات بعد أن يُطيلوا القراءة فيها، ويبدأ وقتُها بعد صلاة العِشاء إلى طُلوع الفجر.
الَّليالي العشر الأواخر
كان النبيُّ -عليه الصلاةُ والسلام- يجتهدُ في العشر الأواخر من رمضان ما لا يجتهدُ في غيرها من رمضان، فقد كان يعتكفها في المسجد، وقد ورد عنه -صلى الله عليه وسلم- في حديثٍ عن عائشة -رضي الله عنها-: (كانَ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأوَاخِرَ مِن رَمَضَانَ حتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أزْوَاجُهُ مِن بَعْدِهِ)، وذلك لإدراك ليلة القدر، وقد أخفاها الله -تعالى- عن عباده؛ ليجتهدوا في العشر الأواخر بالعبادة، والذِّكر، والدُّعاء ، وليزدادوا قُرباً من ربِّهم، وقد كان النبيُّ -عليه الصلاةُ والسلام- يعتزل نسائه فيها، ويوقظهُنَّ للقيام، وينقطعُ عن الدُّنيا ومشاغلها، ويتفرَّغ للعبادة والطَّاعة؛ لأنَّ الاعتكاف من أنفع العبادات في إصلاح القلب، والتَّخلُّص من الهُموم.
فضائل تخصُّ شهر رمضان
إنّ لشهر رمضان العديد من الفضائل الخاصَّة به، ومنها ما يأتي:
- اختصاص فريضة الصِّيام فيه دون غيره من الشُّهور، كما أنَّ صيامهُ مُكفِّرٌ للذُّنوب، وفيه تُفتح أبواب الجنَّة، وتُغلق أبواب النَّار، وتُسلسل الشَّياطين، وقد تقدّم ذكر الحديث الدّال على ذلك.
- رائحة أفواه الصائمين أطيب من ريح المسك عند الله، لقول النبيّ: (لخُلوفُ فمِ الصائمِ أطيبُ عِندَ الله تعالى منْ ريحِ المِسكِ)، كما أنَّهُ شهرٌ يُعلّم الصَّبر، ويُذهب الحقد من القُلوب.
- جعلهُ الله -تعالى- شهر البركات، والمواساة، وسيد الشُّهور، ويُضاعف فيه أجر الصِّيام لمن فطّر فيه صائماً، لقول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (من فطَّر صائمًا كان له مثلُ أجره، غير أنه لا ينقصُ من أجر الصائمِ شيئًا).