خصائص النظام البيئي
التسلسل الهرمي للنظام البيئي
تتفاعل الكائنات الحية وغير الحية فيما بينها بعلاقات يُوضّحها ما يُعرف باسم التسلسل الهرمي(بالإنجليزية: Ecological Hierarchy)، وهي نظرية استُخدمت بدايةً لتوضيح الكائنات الحية بشكل فردي وعلاقة كلّ منها مع بيئته، ولكن مع تطوير العلماء لها أصبح بإمكان المُتعلّمين والباحثين الوصول إلى وصف دقيق وواضح لجميع الكائنات والعلاقات التي تربط فيما بينها بصورة مفهومة، ويتدرّج التسلسل الهرمي ضمن 5 مستويات كما هو موضح أدناه:
- المستوى الأول: يُعنى بدراسة الكائنات فُرادى، وكيفية تفاعل كلّ منها مع بيئته، على سبيل المثال: توضيح العلاقة بين طول رقبة الزرافة وموطنها، إذ إنّ ذلك يمنحها القدرة على الحصول على الغذاء من الأشجار المرتفعة.
- المستوى الثاني: يُعنى بدراسة المجموعات الحيوية التي تعيش في منطقة جغرافية محددة، وتدرس علاقة هذه الكائنات مع بعضها البعض.
- المستوى الثالث: يُعنى بدراسة المجتمعات الحيوية والعلاقات بين الأنواع المختلفة، أيّ أنّه لا يقتصر على المجموعة من النوع الواحد فقط، كما يُركّز على العلاقة بين الفريسة والمفترس، ودراسة التطفل والمنافسة بين الأنواع.
- المستوى الرابع: يُعنى بدراسة الكائنات غير الحية في البيئة والمجتمع، وكيف تتفاعل الكائنات الحية مع العوامل غير الحيوية في النظام البيئي، حيث يجري تضمين البحيرات والغابات في هذا المستوى.
- المستوى الخامس: يعدّ أعلى مستوى ويُسمّى بالمحيط الحيوي، ويشمل جميع الأنظمة البيئية على وجه الأرض وكيفية تفاعلها معًا، فيضمّ المناخ، والجيولوجيا، والمحيطات، والتلوث البشري، وغيرها، بالإضافة إلى دراسة كيفية تأثيرها على الكائنات.
التنوع البيولوجي للنظام البيئي
يصف مصطلح التنوع البيولوجي (بالإنجليزية: Biodiversity) التنوّع الهائل بين الكائنات الحية على وجه الأرض والأنظمة البيئة، كعلم البيئة البحرية، والمائية، ومجتمعاتها، ولا يقتصر التنوّع البيولوجي على وصف المجموعات عمومًا، بل يصف التنوّع داخل المجموعات باختصاص أكثر.
يُعتبر التنوّع البيولوجي مرتبط بالإنسان باعتباره ركيزة أساسية لخدمته وتحقيق رفاهيته، ممّا يعني أنّه يضمّ جميع الكائنات التي يستفيد منها الإنسان على اختلاف مصادرها؛ كالهواء، والتربة الخصبة، والماء، والأراضي المُنتجة، والمناخ المناسب، والبحار.
يُعبّر مصطلح التنوّع البيولوجي عن جميع النظم البيئية التي تخضع لإدارة الإنسان والتي لا تخضع لإدارته أيضًا، ومن الأمثلة على النظم التي لا تخضع لإدارته: الأراضي البرية والمحميات الطبيعية، وأمّا تلك النظم التي تخضع لإدارته فتتمثّل بالمزارع، ومواقع تربية الأحياء المائية، والمراعي، والمنتزهات الحضرية، ويُشار إلى أنّ جميع الكائنات تُصنّف باستخدام التصنيف العددي والسمات الوظيفية لكلّ منها، ثم تُوضّح العلاقة بينها وتأثير هذه العلاقات على البيئة، ويُقاس التنوّع البيولوجي بالعديد من المقاييس، مثل: الأنواع المتواجدة في النظام البيئي.
استقرار النظام البيئي
تُعدّ التغييرات التي تطال البيئة وتُسبّب زعزعة النظام البيئي المتوازن كثيرةً، ومن التغييرات التي تُؤثّر في استقرار النظام البيئي (بالإنجليزية: Ecosystem stability)؛ تغيّر المناخ، والتغييرات التي يُحدثها الإنسان وتؤدي إلى انقراض بعض الحيوانات بمعدلات عالية ممّا يُسبّب فقدان التنوّع البيولوجي، الأمر الذي يُهدّد استقرار النظام البيئي، إذ إنّ أيّ خلل في النظام البيئي ينعكس على جميع الكائنات، فمثلاً: تقوم النباتات بإطلاق الأكسجين عن طريق عملية البناء الضوئي، لتُشكّل بذلك مصدراً لحياة عدد لا يُحصى من المُستهلكين، لذا فإن أيّ تغيير يطرأ على هذه النباتات سيُؤثّر سلبًا في إنتاج الأكسجين وفئة المستهلكين التي يخدمها.
بناءً على ما سبق فإنّ أيّ علاقة كاملة في هذا العالم تُعدّ نظاماً بيئياً بحد ذاتها، وللمحافظة على استقرارها وتوازنها الطبيعي تحتاج إلى مجموعة من العناصر الأساسية؛ كالطاقة والغذاء، وبطبيعة الحال إنّ استهلاك أيًا من هذه العناصر دون تنويع سيؤدي إلى اختفائها، وبالتالي انهيار النظام البيئي، ومن الجدير بالذكر أنّ أعداد الكائنات الحية التي يحتويها النظام البيئي المتوازن مختلفة، إذ تكون أعداد الفرائس دائمًا أكثر من أعداد المُفترسين؛ وذلك لضمان وجود غذاء كافٍ للمُفترسين.
يضمّ عالمنا الكثير من الأنظمة البيئية المختلفة التي يمتاز كلّ منها بخصائصه الفريدة، كتنوّع كائناتها، وأعدادها، وطريقة توزيعها؛ لذا يجري تصنيفها في المجموعات لتسهيل دراستها ومعرفة خصائصها المشتركة، ويُشار إلى أنّ هذه الأنظمة تكون مُستقرةً بشكل طبيعي، لكنّ حدوث أيّ خلل يُؤثّر في هذا الاستقرار سلبًا.
درجة تنظيم النظام البيئي
وجد العلماء عندما بدأوا في وضع التسلسل الهرمي طُرقاً بسيطةً وأخرى معقدةً لوصف العلاقات بين الكائنات الحية، وهذا ما يُسمّى بتنظيم النظام البيئي (بالإنجليزية: Ecosystem Regulation)، ويُشار إلى أنّ النظام البيئي قُسّم إلى عدّة مستويات شُرحت سابقاً، وفيما يأتي طريقة تنظيم النظام البيئي من خلال هذه المستويات:
- مستوى الأفراد والكائنات الحية: يُدرس فيه شكل الكائن، وعلم وظائف أعضائه، وسلوكه، وتوزيعه، بالإضافة إلى طريقة تكيّفه مع الظروف البيئية المختلفة وكلّ ما يستطيع فعله لوحده بشكلّ مستقل، هذا إلى جانب نظام حياته، وطريقة تكاثره، ومراحل نموه بدءًا من الفقس أو الولادة، ومرورًا بمرحلة النمو والنضج، ثمّ الشيخوخة والموت.
- مستوى السكان: يُدرس فيه المجموعة البيئية لمجموعة من الأفراد شريطة أن يكونوا من نفس النوع ويعيشون معًا في ذات الوقت وذات المنطقة الجغرافية، غير أنّ هذه المجموعة تختلف فيما بينها بصفات وراثية؛ ككثافة الشعر، وطوله، ولون العينين، والجلد، ومن الأمثلة على ذلك: مجموعة الفيلة، كما يختصّ هذا المستوى بدراسة العلاقة بين هذه المجموعات، وتصنيفها كعلاقة فريسة ومُفترس، أو طُفيل ومُضيف، أو علاقة تبادلية، أو تنافسية، وغيرها من العلاقات.
- مستوى المجتمع: يُدرس فيه جميع الكائنات التي تعيش في ذات الوقت وذات المنطقة الجغرافية، ومثال ذلك: تعيش مجموعات الأسماك، والسلمون، وسرطان البحر، والرنجة، في مكان محدّد، الأمر الذي يجعل منها مجتمعاً بيئياً ينتج منه تفاعل هذه الكائنات معًا.
- مستوى النظم البيئية: يُدرس فيه تفاعل المجتمع مع البيئة المادية، ويشمل تبادل الطاقة، وإعادة تدوير العناصر، ويتألّف من الكائنات الحية والكائنات غير الحية.
- مستوى المناطق الأحيائية: يُدرس فيه مجموعة النظم البيئية التي تشترك فيما بينها بعدد من الصفات والخصائص المتشابهة، وغالبًا ما تكون وحدات إقليمية كبيرة تحتوي على أنواع معينة من الكائنات وتتعرّض لمناخ متشابه.
- مستوى المحيط الحيوي: يُدرس فيه جميع النظم البيئية التي تواجدت على كوكب الأرض منذ نشأتها، ويُقسم المحيط الحيوي إلى 3 أقسام فرعية، وهي: الغلاف المائي كالمحيطات، والغلاف الصخري كالمعادن، والغلاف الجوي كالمناخ.
تفاعل الكائنات الحية في النظام البيئي
يُعدّ التصاق أسماك اللزاق والتي تُعرف أيضًا باسم لشكية بالأسماك كأسماك القرش من أبرز الأمثلة على تفاعل الكائنات الحية، إذ تلتصق بها لتتناول ما تبقى من طعامها، ويُذكر أنّ أسماك القرش لا تتأثّر من التصاق هذه الأسماك الصغيرة بها؛ لأنّها لا تنافسها على طعامها، بل تنتظر وتتغذى على البقايا، وهذا التفاعل يُعرف باسم تفاعل التعايش، وتجدر الإشارة إلى أنّ تفاعل الكائنات الحية في النظام البيئي يُقسم إلى 4 أنواع رئيسية، وهي كالآتي:
- تفاعل المنافسة: هو التفاعل الذي يتضرر فيه كلا الطرفين.
- تفاعل الافتراس: هو التفاعل الذي يستفيد فيه طرف على حساب الآخر.
- تفاعل التعايش: هو التفاعل الذي يستفيد فيه طرف دون أن يتضرر الطرف الآخر.
- التفاعل التبادلي: هو التفاعل الذي يستفيد فيه كلا الطرفين.
تنبع أهمية التفاعلات بين الكائنات الحية في النظام البيئي من أهمية النظام البيئي نفسه؛ ذلك أنّها تؤدي إلى تدفّق الطاقة الناتجة من هذه التفاعلات عبر الكائنات الحية لتستفيد منها عبر شبكة الغذاء، حيث تنتقل هذه الطاقة من جديد إلى البيئة غير الحية عندما تموت الكائنات الحية لتبدأ دورة حياة جديدة، ويُشار إلى أنّ تفاعل الكائنات الحية مع النظام البيئي يُعرف بالتكيّف.
اعتماد عوامل النظام البيئي على بعضها
يُمكن القول أنّ النظام البيئي هو مجموعة متكاملة من الكائنات التي تتفاعل معًا وتعتمد على بعضها البعض لخلق دورة حياة لكلّ كائن حي فيها، إذ إنّ كلّ عامل يعتمد على عامل آخر بصورة مباشرة أو غير مباشرة، فمثلًا: تتكيّف بعض الحيوانات والنباتات للعيش في مكان يحمل خصائص البيئة المعتدلة التي تتوافر فيها جميع الظروف الطبيعية، لكن عند حدوث تغيّر في النظام أو نقل هذا الكائن لأيّ نظام آخر سينتهي الأمر بموته، ويُذكر أنّه لا يُشترط أن يكون النظام البيئي عملاقًا فقد يكون صغيرًا جدًا.
يُعدّ نمو أشجار النخيل في البيئة الصحراوية من أبرز الأمثلة على هذه الخاصية، إذ ينمو في هذه البيئة نظرًا لحاجته لدرجات حرارة مرتفعة حتى ينمو ويزهر، بينما تنمو أشجار الغابات الاستوائية العملاقة على خط الاستواء؛ لأنّها ببساطة تحتاج إلى كميات كبيرة من الماء إلى جانب درجات حرارة مرتفعة حتى تنمو أشجارها بارتفاعات شاهقة.
احتواء النظام البيئي على أجزاء حية وغير حية
يضمّ النظام البيئي كائنات حية؛ كالحيوانات، والنباتات، والحشرات، والبكتيريا، وكائنات أخرى غير حية؛ كالصخور، والتربة، والماء، وأشعة الشمس، إذ تتكيّف جميعها معًا لتحافظ على بقائها واستمراريتها، فالكائنات الحية تنمو، وتتكاثر، وتتغذى، وتتفاعل، بينما تُعدّ الكائنات غير الحية بمثابة عوامل تُساعد الكائنات الحية على العيش، إذ تُمثّل حجر الأساس لتدفق الطاقة والمغذيات.
يُشار إلى أنّ الكائنات الحية تُصنّف ضمن عوائل ومجموعات، ويمتاز النظام البيئي الصحي المتوازن بأنّه مستقر، ومرن، ومُستدام، حيث تتفاعل جميع مكوناته معًا اعتمادًا على الوقت والفصول وربما يومًا بيوم.
تتفاعل جميع الكائنات الحية وغير الحية معاً بطرق وأشكال عديدة للبقاء على قيد الحياة، ويعكس هذا التفاعل مقدار توازن النظام البيئي وصحته، ويُشار إلى أنّ العلماء قسّموا النظم البيئية إلى تصنيفات عديدة، وتمكّنوا من تبسيط خصائصها لتشمل كلّ الكائنات الحية أو غير الحية، كما وضّحوا التفاعلات بينها وعلاقتها بالاستمرارية، بالإضافة إلى تفسيرهم سبب وجود كائن ما في بيئة معينة وتأقّلمه معها دونًا عن باقي الكائنات الأخرى.