خراسان في العصر الأموي
دخول الإسلام إلى خراسان وأثره فيها
بدأت الفتوحات في خراسان منذ عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه واستمرت في العهد الأموي، وقد دخل غالب أهل خراسان في الإسلام طوعاً بعد أن كانت من مدن فارس، ووقعت حماية خراسان من هجمات المشرق على كاهل الأمويين وولاتهم وقد مهد هذا لسيادة الإسلام فيها، فانتشرت اللغة العربية والقرآن الكريم.
حصل الامتزاج بين أهل خراسان والقبائل العربية التي نزلت خراسان، فتزوجوا منهم وظهر جيلٌ جديدٌ كان منه العلماء الأفذاذ، كما سعى الخلفاء لتنشيط الحياة الاقتصادية فيها فأصلحوا الأراضي وبنوا الخانات وشجعوا التجارة، وبهذا دخلت ولايةٌ جديدةٌ في الإسلام تحسنت الحياة فيها وكانت الأموال التي تفيض عن حاجة الولاية ترسل لبيت مال المسلمين في دمشق.
انتشار القبائل العربية في خراسان
كانت القبائل العربية هي المادة الأساسية في جنود الفتح، حيث كان المشاركون في الفتح هم من مختلف القبائل العربية التي خرجت للجهاد، وبعد الفتح نزلت هذه القبائل في شتى أنحاء خراسان وكانت من قبائل العربية المضرية والقحطانية، وانتشروا فيها ونزلوا في مُختلف التضاريس، وساعدوا على نشر العربية والشريعة الإسلامية فيها.
كانت أكثر القبائل العربية التي شاركت في الفتح هم ممّن نزلوا البصرة، وبعد دخولهم خراسان اتبعوا التقسيم الإداري الذي كان مُتبعاً في البصرة والذي وضعه زياد بن أبيه حيث قسم القبائل العربية إلى أخماس، كلّ خمس فيه قبيلةٌ أو عدد من القبائل، يقوم عليهم شخصٌ من إشرافهم تعينه الدولة ويكون له صلاحياتٌ واسعةٌ انطلاقاً من مكانته السياسية والاجتماعية.
لكن أخماس خراسان كانت عسكريةً أكثر منها سكنية، وكانت تنزل في أماكن مُتفرقةٍ ولا تذعن لأمر قائدها، ولا ترى له طاعةً، وهو ما ساهم في رجوع العصبيات القبلية التي كانت في العصر الجاهلي وقد زادت حدتها كما كانت في العصر الجاهلي، وكان الجيش الذي قضى على الدولة الأموية قد خرج من خراسان نتيجة هذا.
استشعار العصبيات القبلية في خراسان
دخلت العصبيات القبلية إلى خراسان منذ الوهلة الأولى، حيث كانت القبائل ترى أمراء الفاتحين يخصون أقوامهم بالعطايا، ما جعل القبائل تدخل في معارك حاميةٍ لم يهدأ أوارها عادت فيها العصبية الجاهلية منذ موت يزيد، وكانت هذه المعارك تدور بين المضرية واليمنية، واستطاع عبد الله ابن خازم السّلمي القيسي جمع الكلمة له ودخل بعد ذلك تحت حكم الزبير.
بعد موته عادت إلى طاعة بني أمية ، ولما تولى الحجاج الولاية عين عليها المهلب بن أبي صفرة وهو من قبائل الأزد اليمنية، وبهذا عادت الكلمة للقبائل اليمنية، ثمّ ولى بعد ذلك قتيبة بن مسلم الباهلي فعادت الكلمة للقبائل المضرية الذي ثار على الحجاج، ولكن مضر تخلت عنه وكذلك تخلت عنه قيس، إلا نفراً من قبيلته وبهذا قام الحجاج بالقضاء عليه.
هكذا ظلّ الأمراء يتعاقبون عليها، منهم من كانت عصبيته أزدية يمنية، ومنهم من كانت عصبيته قيسية مضرية، وقد ظلت الحروب بينهم مُستمرة، لا تهدأ إلا في لحظات الفتح ثمّ تعود لتظهر من جديد، وهكذا حتّى خرج أبو مسلم الخراساني الذي سار بجيشه للقضاء على دولة بني أمية من خراسان.