حكم الجواري في الإسلام
حكم الجواري في الإسلام
كان الاسترقاق قبل الإسلام مشروعاً حتى في دين النبيّ إبراهيم -عليه السلام- حتّى إنّ هاجر هي جاريةٌ كانت عند إبراهيم -عليه السّلام- فولد منها إسماعيل الذي جاء من نسله محمّدٌ -صلّى الله عليه وسلّم-، ولم يُحرّم الإسلام الاسترقاق وملك الجواري بعد ذلك، لكنّه حرّم أن يكون مشاعاً، فتكون الجارية مملوكةً لأكثر من رجلٍ يطؤها ويستمتع بها، كما أنّ الإسلام جعل للجارية الكثير من الحقوق الواجبة على مالكها.
ويجدر التنبيه إلى أنّ الإسلام ليس هو الذي وضع نظام الجواري والرّقيق؛ بل كان نظام الجواري سائدًا في المجتمع قبل مجيء الإسلام، وكان موجودًا في جميع الشرائع السماويّة؛ فكان عند اليهود، والنّصارى، والملحدين، وعبدة الأصنام، وغيرهم.
قال الشيخ عبد الله البسام: "فالإسلام لم يختص بالرقِّ، بل كان منتشراً في جميع أقطار الأرض، فهو عند الفرس، والروم، والبابليين، واليونان وأقرَّه أساطينهم من أمثال أفلاطون، وأرسطو"، ولمّا جاء الإسلام أبقاها على الإباحة، وجعل نظامًا يهدف إلى الإحسان لهذه الفئة، وأوجد سُبلًا لإلغائها.
متى انتهى عصر الجواري في الإسلام؟
أبقى الإسلام نظام الجواري سائدًا ومعمولًا به، ثم تدرّج في إلغائه، إلّا أنّ عصر الجواري لم ينتهِ في الإسلام، وإنما انتهى من التغيرات التي حدثت في الحكم، ومن الواقع المفروض من قبل الهيئات الدوليّة والمنظمّات العالميّة.
الحكمة من تدرج الإسلام في القضاء على ثقافة الجواري
حرص الإسلام على حفظ الأنفس، والأموال، والأعراض، ولله -تعالى- الأمر في هذه الشريعة الحِكم البالغة التي لا يعلمها غيره، وقد شرع العديد من الأفعال التي تتناسب مع ذلك، ومثال ذلك الجهاد الذي شرعه الله -تعالى- لدفع الظلم الذي يقع على المسلمين، وفيما يأتي بيان أهمّ الحكم في تدرّج الإسلام بالقضاء على ثقافة الجواري:
- جعل الأسرى بين أيدي المسلمين رقيقًا؛ لهدايتهم وإرشادهم إلى الدّين القويم، وكسبهم في صفوف المسلمين.
- يبدأ الرقيق الحياة في العهد الإسلامي، ليكونوا أهلًا لنيل الحرية، وذلك بالطرق التي شرعها الله -تعالى- من العتق أو المكاتبة.
- كان الاسترقاق سببًا في دعوة النّاس إلى الحق، كما أنّ أصل الجواري قد جاء من جهاد الكافرين، فعمل الإسلام على استصلاحهم وهدايتهم في ذلك الوقت لحاجة المسلمين إلى مجتمع كبير متماسك، وجعل لهم نظامًا وحقوقًا.
- لم يرد الإسلام صنع مشكلة بوجود عبيد وجواري لا معيل لهم، وهو ما سيحصل لو كان تحريم الرقّ مرّة واحدة، مما يشكل أزمة في المجتمع.
كيفية قضاء الإسلام على الرقّ
تدرّج الإسلام في القضاء على الرّق وكان ذلك على مراحل متعدّدة من خلال أحكام يسنّها الإسلام في كل مرحلة، وهي كما يأتي:
- إن الإسلام قد دعا إلى الإحسان إلى الرّقيق، وجعل عتقهم سببًا للعتق من النّار، وكتب الأجر الكبير لمن يعتق عبدًا، وأمر بالعطف عليهم والرّفق بهم.
- إن الإسلام قد جعل عتق الرّقيق واجبًا في كثيرٍ من الكفارات، وجعل الظلم الذي قد يقع على العبد من سيّده سببًا في عتقه، وجعل العتق مكفرًا للذّنوب، وماحيًا للآثام.
- إن الإسلام عمل على تضييق مورد الرّق، فلا يكون الإنسان رقيقًا إلّا في حالة أسره من جيش الكافرين بعد قتالهم، وعدا ذلك فكل إنسان له حرية ولا يصحّ استرقاقه أبداً كما كان السائد في الجاهلية.
مُلخص المقال: كان نظام الرقيق موجود قبل مجيء الإسلام، ولم يختصّ بهذا الأمر دينٌ معيّن، ولا قوم معيّنون، وإنما كان في جميع الديانات والأعراق، وقد تدرّج الإسلام في إلغاء هذا الأمر لحكمة يعلمها الله -تعالى-، وقد يكون الظاهر من ذلك هو حثّ هذه الفئات إلى الدخول في الإسلام
وقد تدّرج الإسلام في إلغاء نظام الجواري على مراحل؛ فأمر بالإحسان إليهم، وجعل ذلك من مكفرات الذنوب، وأوجب عتقهم في كثير من الكفارات، وجعل عتقهم من مكفرات الذنوب، وعمل كذلك على تضيّيق مورد الرقيق، حتى أُلغي هذا النظام تمامًا مع مرور الوقت، ومع الأحكام التي فرضتها المنظمات الدوليّة.