حق الطفل في التعليم
الطِّفل
إنّ تعريف الطفل حسب ما تضمّنته اتفاقيّة حقوق الطفل هو أيّ إنسان لم يصل الثامنة عشر من العمر بشكل عام، ولم يبلغ سِنّ الرُّشد قبل هذا العمر بموجب القانون المُطبَّق في بلده -مكان إقامته- بشكل خاصّ، وقد خُصَّ الطّفل بعدّة حقوق، من أهمّها حقّه في التعليم، فما الذي يشمله هذا الحقّ؟
مفهوم حقوق الطِّفل
إنّ الطفل إنسان قبل أن يكون طفلاً، ولهذا فإنّ ما ينطبق على أيّ إنسان ينطبق عليه، إلّا أنّ مجموعة كبيرة من الدول وصل عددها حتّى الآن إلى 200 دولةً، اتّفقت في عام 1989م على أنّه لا بُدّ من وضع اتّفاقيّة خاصّة بحقوق الطفل، صادرة عن الأمم المتّحدة ، نظراً لأنّ الأطفال يختلفون عن البالغين بأنّهم بحاجة إلى رعاية خاصّة؛ كونهم غير قادرين على رعاية أنفسهم دون عون، وهم بحاجة إلى تلبية احتياجاتهم الأساسيّة التي لا يقدرون على تلبيتها على العكس من البالغين. وقد تضمّنت الاتّفاقيّة مجموعةً من الالتزامات المُتكاملة التي تختصّ بالطفل؛ لتُلائم عمره العقليّ، والبدنيّ، والعاطفيّ، ولينشأ في بيئة صحيّة وسليمة.
حق الطِّفل في التعليم
يُعدّ التعليم عمليّةً تبدأ مع ولادة الإنسان، ولا تنتهي إلّا بانقضاء عمره؛ ولذلك فإنّ أهميّتها تعدّت كونها أمراً خاضعاً للنقاش، فأصبحت من المُسلَّمات في القوانين أو الاتّفاقيّات العالميّة، ومن الفروض في الأديان السماويّة ؛ فقد ميَّز الله تعالى الإنسان عن سائر المخلوقات ووهبه العقل؛ لكي يتفكّر ويتأمّل ويعي ما حوله، ولم يقتصر الأمر على هذا، بل أمره بالعلم أمراً صريحاً، وارتقى بذلك إلى أن أصبح مقياساً لتفضيل البشر بعضهم على بعض.
وهكذا، فإنّ التعليم للطفل هو حقّ أساسيّ من حقوقه كإنسان؛ إذ يبدأ في التعلّم منذ لحظة ولادته، وذلك عن طريق إحاطته برعاية خاصّة، ومنحه الاهتمام من ذوَيْه اللذين يساعدانه على إنماء عقله؛ لتكون هذه المرحلة حجر أساس في انتقاله إلى مراحل أُخرى، تُعدّ المدرسة أهمّها، فيبدأ بالاستعداد لدخولها، ليمضي في استكشاف العالم من حوله، والتعلم من محيطه عن طريق دمجه مع الأطفال الآخرين واللعب معهم، كما يتعلّم أبجديّات الكتابة والرسم والفنون، فيؤثّر ذلك على نموّ قدراته العقليّة نمواً سريعاً، واكتساب المهارات التي تؤسّس لبناء شخصيّته .
والتعليم عمليّة تراكميّة، تعتمد كلّ مرحلة فيها على سابقتها، ولذلك يجب أن يكون أساس التعليم قويّاً حتى تكون النتائج التعليميّة فعّالةً، وذلك من خلال مجموعة من الاستحقاقات التي يشملها هذا الحقّ، منها:
- الحق في التعليم الابتدائي الإلزامي والمجانيّ.
- الحق في التعليم الثانوني المُتاح للجميع.
- المُساواة في تلقّي المعلومة دون أيّ تمييز.
- حقّ الآباء في اختيار مدارس أولادهم بما يتّفق مع معتقداتهم.
- أن يكون التعليم ذا نوعيّة جيّدة، قادراً على تخريج جيل جديد من الطلاب المُثقّفين.
- الحقّ في التعليم المُميَّز، مثل: التعليم الإلكترونيّ ، أو التشارُكيّ، وغيرهما من الأساليب الحديثة التي تتماشى مع العصر الذي يعيشه أطفال هذا الجيل؛ وذلك لأنّ التعليم ليس لنيل الشهادات فقط، ولا يقتصر تأثيره على الدرجة العلميّة وحدها، إنّما يشمل حقوقاً أعلى مستوىً من الحقّ المُجرَّد، فعندما تكون أساليب التعليم مميَّزةً وحديثةً، فإنّها تكفل خلق جيل من المبتكرين والمبدعين.
البيئة التربويّة حاضنة للعمليّة التعليمية
من حقّ الطفل أن يحظى ببيئة تربويّة تلائمه، وقبل أن تكون البيئة التعليميّة ذات مستوى راقٍ، فإن التربية الصحيحة هي مفتاح التعليم القويم، وفي البيئة التربويّة السليمة يتمّ استخدام أحدث النظريات والوسائل التربويّة للنّهوض بمستويات الأطفال وطبقاتهم الاجتماعيّة كافّةً؛ فالمعلم الناجح لا يقتصر دوره على تزويد طلابه بالمعلومات، بل يبذل جهده في فهم احتياجات تلاميذه وحلّ مشاكلهم؛ ليتمكّن من تحقيق التوازن بين العمليّة التعليميّة والتربوية، وهذا لا يعني أن تُلقى المهمّة كلّها على عاتق المدرسة وحدها، بل إنّ للأسرة دوراً كبيراً من خلال السماح لهم بإبداء آرائهم في عمليّة تغيير المناهج الدراسية وتقويمها بما يرونه مناسباً، وتشجيعهم على ذلك، وهذا له أهميّة كبيرة للارتقاء بشخصيّة أطفالهم نحو الأفضل؛ فالأب المُتفهّم يستطيع أن يدعم طفله ويعطيه ثقةً بنفسه، تجعله ينطلق في الحياة إلى أقصى درجة دون خوف أو تردد، وهكذا فإن المدرسة والأسرة عندما تجتمعان تُحقّقان توافقاً نفسياً واجتماعياً للطفل، ويمنحانه حقّه في التعليم.