حركة الكواكب حول الشمس
حركة الكواكب حول الشمس
بيّن الاعتقاد الذي كان سائدًا لدى العديد من الثقافات القديمة، وخاصّة في فترة العصور الوسطى أنّ الأرض ثابتة في المركز، بينما تدور النجوم، والكواكب حولها، وقد استمرّ هذا الاعتقاد حتى فترة عصر النهضة التي بدأ خلالها علماء الفلك بإعادة النظر في نظرية مركزية الأرض، إذ قاموا بذلك بعد رصدهم للكواكب، ومراقبة حركتها المعقّدة في السماء، فحاولوا عندها تفسير هذه الحركة، ممّا أدّى إلى اكتشاف قوانين الميكانيكا المداريّة.
ماذا يطلق على حركة الكواكب حول الشمس؟
يُطلق على حركة الكواكب حول الشمس (النظام الشمسي) اسم نموذج مركزية الشمس، ما يعني أنه نموذج تمثل الشمس محوره وجميع الكواكب التسعة تدور حولها، بينما يُطلق على المسار الذي تتبعه الكواكب في أثناء الدوران اسم المدار (بالإنجليزية:Orbit).
سبب دوران الكواكب حول الشمس في مدارات ثابتة
يدور حول الشمس تسعة كواكب، ويُطلق على حركة دورانها تلك اسم الدوران (بالإنجليزية :Revolution)، أما عن السبب الأساسي الكامن وراء دوران الكواكب حول الشمس فهو جاذبية الأخيرة التي تبقيها في مداراتها، فلو كانت الشمس غير موجودة لتحركت الكواكب في خط مستقيم إلى ما لانهاية، لكن جاذبية الشمس تُغيّر مسارها باستمرار لإجبارها على التحرك حولها في شكل أشبه ما يكون بالدائرة.
سبب دوران الكواكب حول الشمس من الغرب إلى الشرق
بالرغم من أنه لا يوجد سبب علمي واضح مُتفق عليه حول آلية دوران الكواكب حول الشمس، والتي تبدأ من الغرب وتنتهي في الشرق، فإنّه يُعتقد أن هذه الحركة نشأت في مرحلة تكوين النظام الشمسي قبل نحو 4.6 مليار سنة، واستمرت إلى نحو 0.5 مليار سنة، فكما هو معروف نشأت الكواكب من التهام الأجسام والصخور الفضائية، لذا يعد أفضل تفسير لسبب دوران الكواكب هو ميل محاورها نظرًا لتعرضها للكثير من الاصطدامات في أثناء تكونها وتشكلها.
وبالرغم من أن جميع الكواكب تدور من الغرب إلى الشرق حول الشمس، فإنّ كل من كوكب الزهرة وأورانوس يدوران من الشرق إلى الغرب، ويمكن تفسير هذا الدوران الاستثنائي بسبب تعرضهما لاصطدامات قوية من أجسام فضائية أدت بدورها إلى قلب دورانهما بشكل دائم، كما يمكن أن يُعزى السبب وراء دوران كوكب الزهرة (على وجه الخصوص)، إلى تأثير مد وجزر قوة الجاذبية الشمسية.
مقدار سرعة دوران الكواكب حول الشمس
تدور الكواكب حول الشمس بسرعات مختلفة، وتتغير السرعة المدارية لكل كوكب وفقًا لبعده عن الشمس، فكلما اقترب من الشمس زادت قوة جذب الشمس له، وبالتالي زادت سرعة حركته والعكس صحيح، ونوضح مقدار سرعة دوران كل كوكب من كواكب النظام الشمس حول الشمس في الجدول الآتي:
الكوكب | سرعة دوران الكوكب حول الشمس |
عطارد | 47.87 كم/ث أي نحو 88 يومًا |
الزهرة | 35.02 كم/ث أي نحو 225 يومًا |
الأرض | 29.78 كم/ث أي نحو 365 يومًا |
المريخ | 24.077 كم/ث أي نحو 687 يومًا |
المشتري | 13.07 كم/ث أي نحو 12 عامًا |
زحل | 9.69 كم/ث أي نحو 29 عامًا |
أورانوس | 6.81 كم/ث أي نحو 84 عامًا |
نيبتون | 5.43 كم/ث أي نحو 164 عامًا |
بلوتو | 4.74 كم/ث أي نحو 248 عامًا |
القوانين الحاكمة لحركة الكواكب حول الشمس
قوانين كيبلر للحركة الكوكبية
توصّل يوهانس كيبلر (بالإنجليزية: Johannes Kepler) إلى ثلاثة قوانين تصف حركة الكواكب في السماء، وذلك بالاعتماد على البيانات الدقيقة التي جمعها الفلكيّ تيخو براهي (بالإنجليزية: Tycho Brahe) دون استخدام التليسكوب، ويُمكن تلخيص هذه القوانين في الآتي:
- قانون المدارات: (بالإنجليزيّة: Law of Orbits)، ينصّ على أنّ جميع الكواكب تدور في مدارات إهليجية حول مركزٍ ثابتٍ، وهو الشّمس.
- قانون المساحات: (بالإنجليزيّة: Law of Areas)، ينصّ على أنّ الخطّ الواصل من مركز أيّ كوكب إلى الشّمس يقطع مساحات متساوية في أزمنة متساوية.
- قانون الزمن: (بالإنجليزيّة: Law of Periods)، ينصّ على أنّ مربع الفترة المدارية لأيّ كوكب يتناسب طرديًا مع مكعب نصف المحور الرئيسيّ لمداره، ويجدر بالذكر أنّ هذه القوانين الثلاثة كانت قد اشتُقّت لتفسير حركة الكواكب في مداراتها حول الشّمس، إلّا أنّها عُمِّمت بعد ذلك لتنطبق على حركة الأقمار في مداراتها.
قوانين نيوتن للحركة
فسّر إسحاق نيوتن (بالإنجليزية: Isaac Newton) في قوانينه مبادئ الحركة بشكل عام، وبالاعتماد على قوانين كيبلر استنتج أنّ حركة جميع الأجسام، سواء كانت كبيرة جدًا كحركة القمر حول الأرض، أو صغيرة كسقوط تفاحة عن الشجرة تتّبع المبادئ الأساسيّة نفسها، وقد نشر نيوتن قوانينه في الحركة في عام 1687م بإيجاز، ويُمكن تلخيصها في الآتي:
- قانون نيوتن الأول: ينصّ على أنّ الجسم الساكن يبقى ساكنًا ما لم تؤثّر عليه قوة خارجية تُحرّكه، والجسم المتحرّك بسرعة ثابتة في خطّ مستقيم يبقى على هذه الحالة، ما لم تؤثّر عليه قوة خارجية فتغيّر الحالة الحركية له، ويُسمّى هذا القانون أيضًا بقانون القصور الذاتي.
- قانون نيوتن الثاني: ينصّ على أنّه إذا أثّرت قوة على جسم ما، فإنّها تكسبه تسارعًا يتناسب طرديًا مع هذه القوّة، وعكسيًا مع كتلته.
- قانون نيوتن الثالث: ينصّ على أنّ لكلّ فعل رد فعل يساويه في الشدّة، ويعاكسه في الاتّجاه.
قانون الجذب العام لنيوتن
قدّم نيوتن قانون الجاذبية العام (بالإنجليزية: Newton's Law of Universal Gravitation) كمثال على قوانين الحركة التي سبق أن قدّمها، إذ توصّل إسحاق نيوتن إلى أنّ كلّ جسم في الكون يمتلك قوة جذب تسحب الأجسام الأخرى نحو مركزه، وتعتمد قوة الجاذبية على كتلة الجسم نفسه، فكلّما زادت كتلته زادت قوة جاذبيته، فمثلًا نجد أنّ قوة الجاذبية للشّمس أكبر من قوة الجاذبية للأرض، كما أنّ قوة الجاذبية للأرض أكبر من قوة الجاذبية لأي جسمٍ آخر صغير، هذا وتتأثّر قوة الجاذبية أيضًا بالمسافة بشكلٍ عكسي، إذ تقلّ قوة الجاذبية كلّما زادت المسافة بين الجسمين، ممّا يُفسّر سبب عدم قدرة الشّمس على جذب الأجسام البعيدة عنها.
قدّمت كلّ من قوانين نيوتن في الحركة، وقانون الجاذبية تفسيرًا واضحًا لحركة الأرض السنويّة حول الشمس، ففي حين أنّ الأرض تتحرّك أساسًا إلى الأمام بشكلٍ مستقيم عبر هذا الكون، إلّا أنّه بسبب قوة جذب الشمس لها بشكل دائم تتغيّر حركة الأرض المستقيمة، وتنحرف عن مسارها، لتتحرّك باتّجاه الشمس، وفي مدارٍ إهليجي.
نظرية النسبية الخاصّة
استمرّ تطبيق قوانين نيوتن في الحركة، والجاذبية لما يُقارب 220 عاماً، ثمّ جاءت نظرية النسبية الخاصة (بالإنجليزية: special relativity) التي قدّمها ألبرت أينشتاين (بالإنجليزية: Albert Einstein) في عام 1905م، فقد اعتمد نيوتن في قوانينه على افتراض أنّ كلّاً من الوقت، والكتلة، والمسافة تُعدّ عوامل ثابتة بغض النظر عن المكان الذي تُؤخذ منه القياسات، أمّا النظرية النسبية لأينشتاين فاعتمدت على افتراض أنّ مكان المراقب، أو النقطة المرجعية تلعب دورًا مهمًّا في التأثير على الزمان، والكتلة، والمسافة.
ويتحرّك جميع الأشخاص الذين يعيشون على الأرض وفقًا لإطار مرجعي واحد، في حين أنّ الإطار المرجعي لروّاد الفضاء الموجودين في المركبة الفضائية سيكون مختلفًا، ويجدر بالذّكر أنّه عند الوجود ضمن نفس الإطار المرجعي، فإنّه يُمكن عندها تطبيق قوانين نيوتن، إلّا أنّ المشكلة تظهر في الحالة التي يتمّ فيها ملاحظة الأشياء من إطارين مرجعيين مختلفين عن بعضهما، وفي هذه الحالة تُعتمد نظرية النسبية الخاصّة لوصف الحركة بشكلٍ دقيق، هذا ولا يُمكن اعتبار النظرية النسبية بديلًا عن قوانين نيوتن في الحركة، والجاذبية، بل إنّها مكمّلة له، إذ إنّ لكلٌّ منها حالاته الخاصّة.
مسارات الكواكب حول الشّمس
تتحرّك كواكب المجموعة الشمسية في مداراتٍ معيّنة حول الشّمس، ونذكر وصف لحركة هذه الكواكب فيما يأتي:
- كوكب عطارد
يُعدّ كوكب عطارد أقرب كواكب المجموعة الشمسية إلى الشّمس، إذ يبلغ متوسط المسافة بينه، وبين الشمس ما يُقارب 57.9 مليون كم، ويدور عطارد حول الشمس بمدار إهليجيّ، وبسرعة أكبر من سرعة دوران باقي الكواكب، فهو يقطع ما يُقارب 48كم/ث، ويحتاج عطارد إلى 88 يومًا أرضيًا ليُكمل دورة واحدة حول الشمس، لذلك تُعادل سنة كوكب عطارد نحو 87.97 يومًا أرضيًا.
- كوكب الزهرة
يبلغ متوسط المسافة بين كوكب الزهرة، والشّمس 108.2 مليون كم، ويحتاج الزهرة إلى ما يُقارب 225 يومًا أرضيًا ليُكمل دورة واحدة حول الشمس، إذ يبلغ متوسط السرعة المدارية له نحو 35كم/ث، في حين تصل مدّة دورانه حول محوره إلى 243 يومًا.
- كوكب الأرض
يبلغ متوسط المسافة بين كوكب الأرض، والشمس 149.6 مليون كم، ويحتاج الأرض إلى نحو 365.26 يومًا أرضيًا ليُكمل دورة واحدة حول الشمس، إذ يبلغ متوسط السرعة المدارية له ما يُقارب 29.79 كم/ث، في حين يدور حول نفسه في مدّة تبلغ 23.93 ساعة.
- كوكب المريخ
يبلغ متوسط المسافة بين كوكب المريخ، والشّمس نحو 228.0 مليون كم، ويحتاج المريخ إلى ما يُقارب 687 يومًا أرضيًا ليُتمّ دورة واحدة حول الشّمس، إذ يبلغ متوسط سرعته المدارية 24.14 كم/ث، بينما يحتاج إلى يوم، و37 دقيقة لينهي دورانه حول محوره.
- كوكب المشتري
يبلغ متوسط المسافة بين كوكب المشتري، والشّمس 778.3 مليون كم، ويحتاج المشتري إلى 11.86 سنة أرضية ليكمل دورة واحدة حول الشمس، إذ يبلغ متوسط السرعة المدارية له 13.06 كم/ثانية، في حين يحتاج إلى 9.92 ساعة ليكمل دورة واحدة له حول محوره.
- كوكب زحل
يبلغ متوسط المسافة بين كوكب زحل، والشمس 1.4 مليار كم، ويدور زُحل حول الشمس مرة واحدة كلّ 29.46 عامًا أرضيًا، إذ يبلغ متوسط السرعة المدارية له 9.64 كم/ث، بينما يدور حول محوره في مدّة تبلغ 10.66 ساعة.
- كوكب أورانوس
يبلغ متوسط المسافة بين كوكب أورانوس، والشمس 2.871 مليار كم، ويحتاج أورانوس إلى 84.01 سنة أرضية ليُتمّ دورة واحدة له حول الشمس، وبمتوسط سرعة مدارية تساوي 6.81 كم/ث، في حين يدور حول نفسه في مدّة تبلغ 17.24 ساعة.
- كوكب نبتون
يبلغ متوسط المسافة بين كوكب نبتون، والشمس 4.497 مليار كم، ويحتاج نبتون مدّة تصل إلى 165 سنة أرضية ليُكمل دورة واحدة له حول الشمس، إذ تبلغ سرعته المدارية نحو 5.43 كم/ث، بينما يدور حول نفسه مرة كلّ 16.11 ساعة.
كثيرةٌ هي أنظمة الكواكب في الكون، بحيث تدور حول نجم مضيف، ويطلق على نظامنا اسم النظام الشمسي، نسبة إلى الشمس التي هي النجم المضيف، ويدور حولها تسعة كواكب مرتبطة بها عن طريق قوة جاذبيتها لها، ويتحرك كل كوكب في مداره الخاص وبسرعة مختلفة عن الكواكب الأخرى، نظرًا لاختلاف بعده عن الشمس، فكلما كانت المسافة بين الكوكب والشمس أقل زادت سرعة دورانه والعكس صحيح، تجدر الإشارة إلى أنه تتوافر العديد من القوانين التي تفسر حركة الكواكب وتحكمها مثل قوانين كيبلر وقوانين نيوتن.