حال أبي بكر مع قيام الليل في رمضان
حال أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- في حرصه على النوافل
كما لا يستطيع الغربال حجب ضوء الشمس لا يستطيع مسلم أن ينكر فضل أبي بكر -رضي الله عنه وأرضاه-، فالقارئ لسيرته يرى أنها صفحة مشرقة، لما قد حوى في شخصيته من اللين والقوة والإخلاص والجهاد والدعوة لكل الأخلاق السامية.
كان أبو بكر الصديق - رضي الله عنه- حريص على قيام الليل والنافلة فقد ثبت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم قال لأبي بكر: (متى توتر؟ قال: أوتر من أول الليل، وقال لعمر: متى توتر؟ قال: آخر الليل، فقال لأبي بكر: أخذ هذا بًالحزم، وقال لعمر: أخذ هذا بًالقوة).
مما يعني أن أبا بكر كان يخاف ويحتاط أن تضيع عليه صلاة الوتر، وهي من النوافل فيخاف إن نام أن تضيع عليه فلا يقوم الليل ولا يصلي الوتر نافلة؛ لذلك كان يأخذ بالحزم أي بالحذر والاحتياط، فيصليها قبل النوم وفي أول الليل.
حال أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- في صلاة التراويح
الكيفية التي كان يؤدي فيها
بقي أبو بكر -رضي الله عنه- يحث على صلاة التراويح ويحبب بها، دون أن يفرضها على الناس ويأمر بها، فيؤديها جماعة كما هو الحال الآن، وإنما بقي يصليها كما في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
وكان الحبيب -عليه الصلاة والسلام- يحبب الناس في قيام ليالي رمضان جماعة، ويتغافل عن بعض ليالي رمضان في إقامة صلاة القيام جماعة بالمسجد، حتى لا تكتب على الناس ويحسبها المؤمنون فريضة.
وقد ثبت: (أنَّ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- اتَّخَذَ حُجْرَةً في المَسْجِدِ مِن حَصِيرٍ، فَصَلَّى رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- فِيهَا لَيَالِيَ حتَّى اجْتَمع إلَيْهِ نَاسٌ، ثُمَّ فَقَدُوا صَوْتَهُ لَيْلَةً، فَظَنُّوا أنَّه قدْ نَامَ، فَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَتَنَحْنَحُ لِيَخْرُجَ إليهِم، فَقالَ: ما زَالَ بكُمُ الذي رَأَيْتُ مِن صَنِيعِكُمْ، حتَّى خَشِيتُ أنْ يُكْتَبَ علَيْكُم، ولو كُتِبَ علَيْكُم ما قُمْتُمْ به، فَصَلُّوا أيُّها النَّاسُ في بُيُوتِكُمْ، فإنَّ أفْضَلَ صَلَاةِ المَرْءِ في بَيْتِهِ إلَّا الصَّلَاةَ المَكْتُوبَةَ).
الحكمة من عدم إلزام الناس بصلاة الوتر جماعة
والسبب في عدم أمر أبي بكر -رضي الله عنه- بجعل صلاة التراويح جماعة ما يأتي:
- اعتقاده بأن صلاة القيام في الثلث الأخير من الليل أفضل من الصلاة في الثلث الأول جماعة بإمام واحد؛ وذلك لما للصلاة في الثلث الأخير من ميزة؛ إذ ثبت بالأثر عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن الله -عز وجل- يتنزل في الثلث الأخير من اليل إلى السماء الدنيا: (يَنزِلُ رَبُّنا كُلَّ لَيلةٍ إلى سماءِ الدُّنيا حين يبقى ثُلُثُ اللَّيلِ الآخِرُ، فيقولُ: مَن يدعوني فأستجيبَ له؟ مَن يسأَلُني فأُعطِيَهُ؟ مَن يستغفِرُني فأغفِرَ له؟).
- عدم انتباه أبي بكر -رضي الله عنه- لهذه المسألة؛ لانشغاله بمستجدات الخلافة وحروب الردة وغيرها.