جزاء الإحسان
تعريف الإحسان
يُعرف الإحسان بأنّه عبادة العبد لربّه كأنّه يراه؛ حيث تكون العبادة متضمِّنةً استشعار قرب الله تعالى ومراقبته له، فيشعر العبد أثناء طاعته كأنّ الله يراه في كلّ فعلٍ وأنّه يطّلع على سريرته ويراقبه في كافَّة أموره، فمن الجدير بالذّكر أنّ هذه الأمور تجعل العبد يتقرّب من ربّه أكثر، حيث يُسارع بفعل العديد من الطّاعات بإخلاصٍ تامٍّ، ولا سيّما التطوّعيّة، والإحسان هو أن يراقب العبد أفعاله التي يمكن أن تؤدّي به إلى ارتكاب المعاصي، وعرّف بعض العلماء أنّ الإحسان، هو الدّرجة التي ينالها العبد عند التزامه بالطّاعات التي تقتصر على النّوافل فقط دون الفرائض، حيث تكون مرتبة الإحسان للنّوافل.
جزاء الإحسان
أورد الله تعالى في محكم تنزيله العديد من الآيات التي تدلّ على جزاء الإحسان، وفيما يأتي بيان بعضٍ منها:
- قال تعالى: (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) ، فكما هو واضحٌ في الآية الكريمة أنّ جزاء الإحسان هو الجنة .
- قال -تعالى-: (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين)، تبيّن الآيات أنّ الأعمال الصّالحة الناتجة عن التّقوى والإخلاص التامّ لله تعالى، من الأسباب الرّئيسة لنيل حبّ الله تعالى .
- قال -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا * أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا)، أوردت الآيات الكريمة النّعيم الذي ينتظر من أحسن عمله في الحياة الدّنيا، بالإضافة إلى مضاعفة الأجر والثواب.
مقامات الإحسان
خلق الله تعالى عباده واستخلفهم في الأرض؛ حيث تُعدّ الوظيفة الرّئيسة من الخلق، وهي: عبادة الله وعدم الإشراك به، بالإضافة إلى عمارة الأرض والارتقاء بالدّين الإسلامي، وتجدر الإشارة إلى أنّ الحياة والموت من الابتلاءات التي تصيب الإنسان، ودليل ذلك قوله تعالى: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ)، وكما تبيّن سابقاً أنّ الله تعالى لا تخفى عليه خافيةٌ؛ لذلك فعلى كلّ إنسانٍ أن يراقب الله تعالى في أفعاله كأنّه يراه، وفي ذلك مقامات عدّة، سيتمّ بيانها فيما يأتي:
- مقام الإخلاص لله -تعالى-: هو أن يجعل العبد استشعاره الدّائم في كافّة أعماله بأنّ الله تعالى ينظر إليه ولسريرته؛ فالعبد إذا أدرك ذلك، محالٌ أن يلتفت إلى فعل الأمور التي تغضب الله تعالى، بل يعمل جاهدًا على أن يتقرّب إليه أكثر من السّابق، وهنا يكمُن مفهوم الإخلاص.
- مقام الشهادة: هو أن يجعل المؤمن عمله محاطاً برؤية الله تعالى القلبيّة، حيث تكون بصيرته مليئةً بنور الإيمان والعرفان، فبذلك يدرك المؤمن حقيقة الإحسان وأهميته.