توكيل الرزق لله
التوكل على الله في الرزق
يُعرَّف التوكل: بأنّه تَرك المرء أمرَ نفسه، وتسليمه في جلب المنفعة ودفع الضر على كفئ يُعتمد عليه، وإذا كان التوكل على الله : فهو أن يكون العبد على يقين بأنَّ ما عند الله خيرٌ وأفضل مما عند الناس، والتوكُّل عبادةٌ موقعها القلب، أي أنه عبادة قلبية ، ولا يعرف قدرها إلاّ من كان مؤمناً.
التَّوكُّل على الله في الرزق: وجوب الاعتماد على الله -تعالى- وحده في الرزق من طعامٍ ولباسٍ وغيره، وأنَّ العباد لا يقدرون على شيءٍ إلاّ بقدر ما مكَّنهم به الله من أسباب.
قال -تعالى-: ﴿اللّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقَدِرُ ﴾، فالله -تعالى- هو الرزَّاق وحده، وعليك أيها العبد أن تبحث عن أسباب الرزق التي هيأها الله لك.
التوكل مع الأخذ بالأسباب
أمر الله -عزَّ وجلّ- الخلق بالتوكل عليه، وتسليم الأمر إليه، والاطمئنان إلى قدرتهِ -تعالى-، وهذا محلُّه في القلب، ومن جهة أخرى أمر الله -تعالى- العباد بالسَّعي لأمور حياتهم.
ويكون ذلك من خلال بذل الجهد في تحصيل رزقهم والأخذ بالأسباب، وهذا عملٌ بدنيٌّ ظاهر، يجب القيام به والأخذ بالأسباب المشروعة التي يقدر عليها العبد من الدراسة والمعالجة والسعي في الأرض لكيلا يقع في فخ التواكل .
وقد أمر الله -تعالى- عباده للسعي في الأرض، والأخذ بأسباب الرزق، فقال -تعالى-: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾.
وقد كان -عليه الصلاة والسلام- سيد المتوكِّلين على الله -تعالى- فقد كان يأخذ بالأسباب فقد ثبت: (أنَّ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- ظاهر يوم أحد بين درعين أو لبس درعين).
وقد ذمَّ أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- مَن ترَك الأخذ بالأسباب، ولم يتحقَّق من التوكُّل على الله حق التوكل، فقد لقي عمر بن الخطاب أُناساً جاؤوا من اليمن بدون طعامٍ، وبدون الأخذ بأسباب السفر.
كما أنهم لم يتزوُّدوا بالطعام والشراب بحُجة التوكل على الله -تعالى-، فقال -رضي الله عنه- لمن يُطعمهم ويَسقيهم: (بل أنتم المُتَّكلون، إنّما المتوكِّل الذي يُلقي حبَّه في الأرض، ويتوكَّل على الله).
فضل التوكل على الله في طلب الرزق
يظهر فضل التوكُّل على الله -تعالى- والأخذ بالأسباب في كثيرٍ من آيات الله، ومنها ما يأتي:
- زيادة الإيمان
التوكُّل على الله -تعالى- مع الأخذ بالأسباب يزيد المؤمن إيماناً في دينه وتسليماً لله في أمره، قال -تعالى-:﴿وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً﴾.
- زيادة النعيم
التوكّل على الله -تعالى- في الرزق، يعقبه الإنعام من الله -تعالى- على العبد، وزيادة الفضل له، ودفع السوء عنه، و نيل مرضات الله - سبحانه وتعالى-.
قال -تعالى-: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ* فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ﴾.
- صفة من صفات المؤمنين
إنَّ التوكُّل على الله -تعالى- من صفات المؤمنين لقوله -تعالى-: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾.
- نصر الله -تعالى
إنَّ الله -تعالى- كافٍ عبده، وناصره، قال-تعالى-: ﴿وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾.
ومن فضائل التوكل على الله -تعالى- ما يأتي:
- يدلُّ على الإيمان الكامل والإسلام الحسن.
- سببٌ في نيل محبَّة الله -تعالى- له.
- حفظ الله -تعالى- للمتوكل من الشيطان ووسوسته.
- عدم النظر إلى رزق الآخرين أو الطمع فيه.
- سبب من أسباب سِعة الرزق .
- عدم تجاوز المتوكِّل للحدود الشرعية.